" اصوات بلا صوت" فايز العفاري

" اصوات بلا صوت" فايز العفاري

ربما تكون الظروف قد تغيرت بعض الشيء عن السابق خصوصاً وأن العامل الدولي قد ازداد تأثيره بشكل كبير، وكان لزاماً علينا التكيف معه شئنا أم أبينا، وغيَّر معه بعضاً من قواعد اللعبة السابقة؛ فما كان مسموحاً به سابقاً أصبح محظوراً الآن، وما كان يُتغاضى عنه في اوقات مضت لا يمكن السكوت عنه الآن بأي حال من الاحوال.
منذ مدة وحمى المشاريع والمشاريع المضادة تتسارع على الساحة وتتعالى معها الاصوات هنا وهناك، كل يروج لمشروعه ويدعي بانه الانسب والاصلح. هذه المشاريع والمبادرات، وان اختلفت في ديباجتها، كان جلها موجهاً إلى الخارج لإثبات حسن النية، أما الداخل فكان ملغياً من حسابات معظم القوى السياسية بشكل عام، فمن ذا الذي يهتم لأمر الغالبية الصامتة الذين آثر معظمهم المهادنة والانزواء بعيداً خلف «جدار الصمت» وبأي لغة وأية طريقة يمكن مخاطبتهم اذا علمنا ان نسبة الأمية تجاوزت 50٪_ في وقت يضع فيه العالم معايير جديدة للأمية الرقمية والمعلوماتية!! بل والادهى من ذلك ان النصف الآخر لا يمكن ان نطلق عليهم الا أشباه متعلمين -إلا من رحم ربي- نتيجة سياسة «الجهل المنظم» المطبقة الآن والتي تمنح القداسة لرموز واشياء محددة وتعتبر مجرد الحوار ومناقشة فكرة ما ضرباً من عمل الشيطان! كما تعتبر المطالبة بالحقوق خطة جديدة من خطط «التحالف الصهيوني - الصليبي» للقضاء على الاسلام وتدمير الوطن والانقلاب على الثورة والردة عن الوحدة ورديفتها الديمقراطية وتشويه «المنجزات» العظيمة التي تحققت في العهد «الميمون» والتي ارتقت إلى مرتبة «المعجزات»!!
والآن ومع اقتراب الموعد الانتخابي وما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات يقال ان هدفها ضمان عملية انتخابية مختلفة عما سبقها بحيث يضمن فيها قدراً من النزاهة ويعطيها بعض المصداقية، التي غابت عنا لفترة ليست بالقصيرة، ويبدو ان اصحاب هذا الطرح نسوا، او تناسوا، أن مدى مصداقية اي عملية انتخابية لا يكون بالشكل، بل بالمضمون؛ فحين يذهب الناخبون إلى مراكزهم الانتخابية وهم يعون جيداً لمن يصوتون؟ ولماذا يصوتون؟ وما هي برامجهم الانتخابية؟ بحيث يمتلك الناخب قراره بدون اية ضغوطات، يمكننا بذلك ان نضمن المصداقية الحقيقية.
إن الضامن الحقيقي لأية انتخابات هو الشعب نفسه إن أراد ان يكون له رأي وإن أراد ان يكون له تأثير، فحين يعي الناس حقوقهم جيداً لا يمكن، حتى لأعتى النظم، ان تفرض ارادتها عليه او تمنعه من انتزاع حقوقه، والامثلة كثيرة وقريبة جداً.. وبغير ذلك، مهما كان شكل الانتخابات، فهي تفتقد المصداقية؛ لأن اصواتها ستكون -بدون شك- بلا صوت..