الأمن السياسي منع إدخال وجبة أعدتها زوجته لإقناعه بكسر الاضراب عن الطعام-محمد مفتاح في حالة خطيرة, وأسرته تقول أنه لم يعد قادراً على النطق

هلال الجمرة
محمد مفتاح يتداعى في زنزانة انفرادية في مقر الأمن السياسي في العاصمة.
ظهر اليوم الأربعاء تمكنت أسرته من زيارته في المكان الذي صار مؤخراً مستقر أصحاب الرأي ودعاة النضال السلمي: سجن الأمن السياسي.
كانت زوجته وابنته قد تمكنتا في ساعة حظ من مشاهدته الأربعاء الماضي. صعقتا حينها بعدما استغرق مفتاح وقتاً للتعرف عليهما.
واليوم ذهبت زوجته رفقة طفليه أميرة (13 سنة) وأميرالدين (12 سنة), وشقيقي مفتاح: فائز مفتاح, ( 35 سنة) وخالد مفتاح (30 سنة).
الزوجة المثابرة التي قامت ب22 زيارة للأمن السياسي بدءاً من 23 مايو الماضي (اليوم التالي على اختطاف زوجها), أعدت وجبة خاصة في البيت, آملة أن تتولى الوجبة إقناع مفتاح بكسر إضرابه عن الطعام.
 في بوابة المقر الرهيب الذي يستعيد حثيثاً مهابته التي فقدها غداة الوحدة اليمنية في 1990, رفض العسكر الذين يطوقون مفتاح إدخالها إليه. حاول فائز وخالد استمالة العسكر وباءت محاولتهم بالخسران.
على الأرجح فإن قيادة الأمن السياسي حريصة على استمرار إضراب المعتقل- الرهينة, ولذلك لم تتجاوب مع مبادرة الزوجة لإقناع زوجها بكسر الإضراب.
كانت حالة مفتاح قد إزدات تدهوراً، حتى أنه كاد يهوي على الأرض عندما أفلته إثنين من العسكر لإثبات أنه على ما يرام ويحظى بضيافة تليق بسجين رأي.
جاء، كما في المرة السابقة، مسنوداً بإثنين من العسكر, ومتبوعاً بآخرين.
العسكريان اللذان حملاه من زنزانته إلى الجانب الداخلي من الشباك الذي يفصله عن أحبته، أبعدا يديه عن كتفيهما, وساعداه على وضعهما في الشباك- الحديدي ثم تركاه.
"ما قدرش يسنَّب (يبقى واقفاً), وكاد يسقط", قالت زوجته لـ"النداء" عصر اليوم. سارع العسكر إلى الإمساك به قبل أن يرتطم بالأرض.

بحسب الأسرة, فإن مفتاح في حالة أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل أسبوع. لم يتمكن من التعرف على أيٍ من زائريه. لم تصدر عنه أية إشارة تدل على استجابته لنداءات أخويه وزوجته. كان فائز وخالد يدعوانه بصوت مرتفع علَّه يسمع أو يستجيب لكنه ظل عاجزاً عن إبداء أي ردة فعل, فيما أميرة وأميرالدين يبكيان. وبعد 3 دقائق قرر العسكر إنهاء الزيارة.
تم اعتقال محمد مفتاح مساء 22 مايو في واقعة رهيبة, حيث تم اختطافه أمام طفليه أمير الدين وطه (14 سنه)، عندما كان متجهاً بسيارته إلى وسط العاصمة لأداء واجب اجتماعي حيال أسرة صديق متوفي.
كانت المجموعة الأمنية, قد أمطرت سيارته بالرصاص قبل أن تنتزعه من السيارة وترحل به بعيداً, فيما طفلاه يلوذان بالفرار باتجاه المنزل.
اخفت أجهزة الأمن مفتاح لأكثر من شهرين ونصف. وتصدر إسمه قائمة المختفين قسرياً جراء حملات الأجهزة الأمنية.
ظهر الأربعاء الماضي (6أغسطس) تمكنت زوجته وابنته أميرة من مشاهدته في سجن الأمن السياسي، وقد بدا في حالة مروّعة. وترددت أنباء مطلع هذا الأسبوع بأنه دخل في غيبوبة.
 وصدرت مناشدات من منظمات حقوقية محلية وخارجية لإنقاذ أحد أبرز سجناء الرآي في اليمن. كما وجه العلامة محمد المنصور أمس نداء إلى الرئيس للإ فراج عنه. وصدرت مناشدة أخرى من عشرات المواطنين من الحيمة، مسقط راس مفتاح, تدعو الرئيس للإفراج عنه.
ويُعد محمد مفتاح من أبرزدعاة النضال السلمي في اليمن. والتزم في مسيرته السياسية والحقوقية خطاباً سلمياً ينبذ العنف ويزدري لغة الرصاص. لكنه تعرض في السنوات الأربع الماضية لانتهاكات جسيمة أبرزها في الخريف الماضي عندما تم إطلاق النار عليه من قبل عناصر أمنية في طريق عودته من بني حشيش. وقد تم اعتقاله لأسبوعين حينها.
ويُعد مفتاح من أبرز ضحايا المحكمة الجزائية المتخصصة التي تم انشاؤها, أصلاً, لغرض النظر في جرائم الاختطاف والتقطع وتخريب المنشآت الاقتصادية وقضايا الإرهاب, لكنها تحولت إلى أداة قضائية لعقاب أصحاب الرأي والصحفيين المستقلين والمعارضين. حيث خضع مفتاح وزميله يحيى الديلمي لمحاكمة سريعة في هذة المحكمة مطلع 2005, وصدر بحقهما حكم قضى بسجن مفتاح 10 سنوات, وإعدام الديلمي. وبعد عدة أشهر صدر عفو رئاسي بموجبه عَقَبهاه السجن المركزي.
ويعد مفتاح من أ برز علماء الزيدية الشباب. ويرأس منذ نحو عام مجلس شورى حزب الحق, أحد أحزاب اللقاء المشترك. وإلى نشاطه السياسي, برز مفتاح كناشط في الحركة الحقوقية المستقلة, وشارك في تأسيس منطمة التغيير مطلع العام الجاري.