جاءت ضمن أفقر البلدان. الوضع المائي في اليمن تحت الخط الأحمر

جاءت ضمن أفقر البلدان.الوضع المائي في اليمن تحت الخط الأحمر

عدن - فؤاد مسعد
إب - إبراهيم البعداني
 تعتمد على 45 ألف بئر تنفد مياهها سريعاً، وقدرت الرؤية الاستراتيجية لوزارة التخطيط المخزون الجوفي المتاح في كل الأحواض بما يقارب20 بليون متر مكعب حتى 2025، وطبقاً لمعدل الاستهلاك الحالي، فإن اليمن ستستنزف حوالي 12.02 بليون متر مكعب حتى 2010، ما يعني أن المخزون لن يكون كافياً.
صنفت اليمن من بين أفقر 10 بلدان في العالم بالمياه، وبحسب تقرير منظمة الفاو فإن متوسط حصة الفرد في اليمن من المياه يبلغ 125 متراً مكعباً في السنة، وهي نسبة لا تمثل سوى 10٪_ مما يحصل عليه الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
المهندس خالد عون، المشرف الفني لمختبر الأغذية والمياه في المركز الوطني لمختبرات الصحة، ساق القات كأهم سبب لاستنزاف المياه في اليمن، حيث يستهلك 60٪_ من إجمالي المياه المستهلكة سنوياً والمقدرة ب800 مليون متر مكعب.
سوء استخدام المياه جاء كسبب ثان أورده الدكتور أحمد سميع، حيث تؤكد الأرقام أن معدل كمية المياه المتجددة سنوياً والتي تصل إلى الأحواض المائية يبلغ مليار متر مكعب، في حين معدل المياه التي يستفاد منها 1700 مليون متر مكعب، أي أن مجموع موارد المياه المتجددة يصل سنوياً إلى 2700 مليون متر مكعب، وتلك الأرقام يرى سميع أنها متواضعة، لكن الاستخدام لها مفرط.
الحفر العشوائي للآبار المائية والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، وتزايد الطلب على المياه للاستخدام المنزلي، كل تلك الأسباب طرحت في ندوة أقيمت مؤخراً في عدن عن مياه الشرب.
الندوة ناقشت أيضاً أسباب تلوث المياه، وقد حصدت البيارات المتسربة إلى الأحواض المائية الرصيد الأكبر، إضافة لمحدودية شبكات الصرف الصحي في المدن الرئيسية في ظل التوسع العمراني.
الاختيار الخاطئ لمقالب النفايات، تزايد معدلات الضخ لمياه البحر القريبة من السواحل، وتلوث مناطق إنتاج النفط ومخلفات أماكن البنشر والتزييت للسيارات.. كل تلك كانت من مسببات التلوث المائي في اليمن بحسب الخبراء.
من ناحية أخرى أشار تقرير قدمته الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف بمحافظة إب خلال ندوة نظمتها مع منظمة اليونيسف عن المياه الجوفية أن نسبة التغطية في عموم محافظات الجمهورية لخدمة المياه سواءً كانت شبكات عامة أو خاصة أو تعاونية لا تتجاوز 38.27٪_ متفاوتة بين الريف والحضر، حيث بلغت نسبة التغطية في الريف 25.81٪_ وبلغت في الحضر 72.27٪_ (حسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء والمبني على نتائج التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004).
التقرير أكد أن هذا التدني في إمدادات المياه الآمنة للشرب يقابله تدن أكثر شدة في خدمات الصرف الصحي والذي يصل إلى 10.6٪_ في عموم اليمن (حسب تقرير التنمية البشرية للعام 1998). بينما وصلت هذه النسبة في العام 2004 إلى 15.87٪_ و بلغت في محافظة إب في نفس العام 9.97٪_ مع وجود عدة أنماط للصرف الصحي الآمن داخل المحافظة.
مشيراً إلى أن هذا الوضع السيئ لمصادر المياه والنقص الشديد في وسائل الصرف الصحي مرتبط بظهور وانتشار الأمراض المعدية السارية رغم وجود بعض العوامل الأخرى والمتمثلة في إهمال النظافة.
محذراً من أن مصادر المياه وطرق تصريفها في اليمن يمكن أن تتحول بسهولة إلى بؤرة مرضية تسهم في انتشار العديد من الأمراض وأهمها الإسهالات التي تعد من الامراض القاتلة بالدرجة الأولى لشريحة الأطفال في اليمن دون سن الخامسة والبالغ عددهم 3.581.000 طفل، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة 43 لكل 1000 طفل ودون السنة 82 لكل 1000 طفل.
وأضاف التقرير أن محافظة إب ممثلة بفرع الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف تحاول الإسهام قدر المستطاع في الحد من خطورة الوضع المائي في المحافظة وذلك من خلال العمل لتحقيق الاستراتيجية العامة للمياه والصرف الصحي في اليمن المتمثلة في الوصول إلى نسبة 48٪_ تغطية لمياه الشرب و34٪_ تغطية خدمة الصرف الصحي بحلول العام 2010، وذلك من خلال تنفيذ المشاريع والبحث عن مصادر لتمويلها سواءً من جهات مانحة أو من خلال البرنامج الاستثماري المعد سنوياً لفرع الهيئة أو بالعمل المشترك مع العديد من الجهات مثل الوحدة التنفيذية لمشروع المياه والصرف الصحي للمناطق الريفية بالمحافظة، ومنظمة اليونيسف والصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الاشغال العامة الممول من البنك الدولي.
ذلك الإنجاز نقل نسب التغطية في محافظة إب من 30٪_ العام 2000 إلى 37٪_ في 2004، و53٪_ في 2007، حيث بلغت نسبة الإنجاز في المشاريع الخاصة بالمياه منذ العام 1990، وحتى العام 2007، 167 مشروعاً بلغ إجمالي السكان المستفيدين منها 769.275 نسمة، وهو ما يمثل 40٪_ من المديريات الريفية، وأشار التقرير إلى أن عدد المشاريع قيد التنفيذ في محافظة إب بلغ 117 مشروعاً بإجمالي عدد سكان مستفيدين 551.355 نسمة ونسبة تغطية 29٪_.
ونوه التقرير إلى أثر تدخل فرع الهيئة وباقي الشركاء في قضية المياه داخل محافظة إب في توفير مياه شرب للمناطق الريفية وتنفيذ عدد من حملات التوعية في هذا الجانب، حيث انخفضت نسبة وفيات الأطفال في المحافظة التي كان نقص المياه السبب الرئيسي فيها (أمراض الإسهالات تشكل 17٪_ من وفيات الأطفال في الفئة العمرية دون سن الخامسة).
موضحاً أن التقليل من الأعباء الجسدية الواقعة على المرأة الريفية وتوفير الوقت اللازم لها للاعتناء بأطفالها وتربيتهم التربية السليمة وكذا توفير خدمات الإصحاح البيئي الجيد وتحسين سلوكيات النظافة الشخصية لها، يشكل ركيزة هامة في خفض معدلات وفيات الاطفال.
بالإضافة إلى رفع نسبة الالتحاق في التعليم والتقليل من نسبة التسرب فيها، وخاصة تسرب الفتيات اللاتي يعول عليهن عملية جلب الماء بشكل رئيسي في أغلب المناطق الريفية.
وكذلك حفظ المال والجهد المبذولين في عملية جلب الماء وانعكاس ذلك في رفع المستوى المعيشي للأسرة إما من خلال توفير المال المبذول لشراء الماء وإيصاله وكذا المبذول كنفقات علاج وشراء أدوية لأمراض كان لفقد الخدمة المائية السبب الرئيسي فيها, أو من خلال توفير الوقت اللازم لأفراد الأسرة للبحث عن فرص عمل تؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي بدلاً من هدره في عملية جلب المياه.