المعتقل محمد مفتاح يكتب عن "سعار المصادرة" في السجن المركزي

المعتقل محمد مفتاح يكتب عن "سعار المصادرة" في السجن المركزي

لجأت إدارة المعتقل، الذي تبوأتُه، وجعلت منه السلطات مكاناً لمعاقبتنا على الدعوة إلى السلم ونبذ العنف، إلى مصادرة ما بحوزتنا من أقلام ودفاتر لمنعنا من الكتابة بعد أن تعذر عليهم منعنا، بواسطة الحصار المشدد، من إخراج بعض الخواطر ونشرها في بعض الصحف، ومع تقديرنا لما تتعرض له إدارة المعتقل من ضغوط ممن ضاقت صدورهم بكلمة نصيحة في منبر الجامع فأمطروا قائلها بصواعق غيظهم ونزقهم مسخرين اجهزة القمع ومستبيحين قداسة ونزاهة واستقلال القضاء، إلا أن ما آثار الدهشة هو استحواذ عقلية المصادرة التي اضحت منهجية شاملة تحكم الحياة في بلادنا، فمن مصادرة الممتلكات إلى مصادرة الدين والقناعات الشخصية إلي مصادرة حق الانتماء الوطني إلى مصادرة الخصوصيات الشخصية والعائلية إلى مصادرة الحريات العامة والفردية إلى مصادرة حقنا في أن ننعم بشهقة هواء غير متعفنة بروائح المعتقل او برشفة ماء نظيفة او حتى أن نرى السماء في العشية، ونتطلع إلى نجومها وقمرها، وصولاً إلى مصادرة حق الحياة والحكم بالإعدام، أو الإعدام بدو حكم، ومنذ عام 2004 وعشرات آلاف النسخ من المصاحف والكتب المنهوبة من مخزني لا زالت حبيسة المجهول إن لم تكن قد أتلفت نتيجة سوء التخزين، أو بعثرت وبيعت في البسطات ولا زالت اشرطة الفيديو العائلية والخاصة جداً في قبضة اجهزة القمع بدون حياء ولا خجل منذ قرابة عامين. وأنا أتمنى لمس أصابع أبي أو تقبيل أطفالي أو رؤية وجه زوجتي وأختي.
إن سعار المصادرة الشرهة والضارية للإنسان وكرامته وإنسانيته يجب ان تتوقف إذا أريد لليمن الاستقرار والنماء ومعالجة مشاكله المتفاقمة والمتكاثرة.
وإذا بقيت منهجية المصادرة المتطرفة والمسعورة هي المهيمنة على البلاد والعباد فإن المستقبل ينذر بأسوأ العواقب، ويحمل في طياته بوادر فتن موبقة -كفانا الله شرها- والمعلوم أن عواقب الفتنة لا تصيب الظلمة وحدهم وإنما تشمل كل من رضي بالظم وسكت عليه، وصدق الله القائل «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب».