البرنامج الإرهابي.. أفزعني!

البرنامج الإرهابي.. أفزعني! - رضية المتوكل

بداية أعترف أن استهداف رئيس الجمهورية بالنقد عمل لا يستهويني،لكنه للأسف قد فرض علينا هذا الطريق حين ارتضى أن يبقى مظلة تحتضن الفساد وسائق أجرة لركاب صرح أنهم يستغلونه ومن ثم يتركونه وحيداً في مواجهة النقد، ومضى متجاهلاً كل الاصوات التي أرادت له الخير ممتطياً صهوة جياده، شاهراً في وجوهنا برنامجه الإرهابي.
طوال فترة المسرحية ومنذ أن دشنها الرئيس بإعلانه عدم ترشحه وختمها بالعدول عن ذلك القرار لم تفاجئني أي من فصولها، فالإعلان كان (تشعوبة) والعدول عن القرار كان أمراً بديهياً لا ينسجم فقط مع معطيات الواقع السياسي، وإنما أيضاً مع سنة الله في الكون. ما تجاوز كل توقعاتي هي المهام التي اختارها الرئيس لتكون برنامجه الانتخابي والتي أعلن فيها الحرب على شعبه تحت مسميات مثل دعاة الفتنة والانفصال والإمامة والتطرف.
كنت متأكدة أن رئيساً ذاق مرارة الخذلان الشعبي وأدرك أنه لن يعود إلى سدة الحكم إلا متكئاً على رؤوس الثعابين سيعود منتقماً، لكني لم أتوقع أن يعلن عن ذلك صراحة عبر برنامجه الإرهابي.. الانتخابي!
هل سمعتم من قبل عن برنامج انتخابي يبهج تجار الحروب، ويرعب المواطن المسكين؟ مفارقة مضحكة إلى درجة البكاء يتضح منها أن سيادة الرئيس قد آمن بأن الشعب لم يعد يستحق منه حتى دغدغة المشاعر بوعود تسد رمق روحه المتعطشعة لحياة أفضل ولو على سبيل الدعاية، مثل دعاية الكهرباء النووية.
من يتأمل صحيفة «22مايو» في عددها ال(655) وقد زين صفحتها الاولى موضوعان رئيسيان أحدهما خطبة يتودد فيها الرئيس للمؤسسات العسكرية والأمنية، والثاني برنامج أحمر عين يتهدد فيه مختلف القوى السياسية يرى مرحلة سوداء مخضبة بالدم، وقد لا تكون الانتخابات الرئاسية فيها سوى محطة وردية مقارنة بما ينتظرنا بعدها من سنوات عجاف في حال عودة الرئيس الغاضب إلى كرسيه، ولن أحدد عدد تلك السنوات لأني لا أظن أن ما تبقى من وقود في سيارة التاكسي يكفي لسبع!
بالرغم أني قد توقفت كثيراً جداً عند نصيحة أسداها لي قبل أشهر الصحفي القدير نبيل الصوفي بأن مهمة الكاتب الأساسية هي المشاركة في صناعة الوعي وليس اتخاذ المواقف إلا أن فزعي من برنامج الرئيس ولد عندي فزعاً آخر وهو ضياع شرف التسجيل في قائمة المغضوب عليهم، فكتبت لأسجل أولاً موقفاً مناقضاً لموقف أولئك الذين احتشدوا في ميدان السبعين يطالبون الرئيس بالعدول عن قراره، ولأقول ثانياً لاحزاب اللقاء المشترك بأنها على الرغم من كل مما يكون قد لصق بها من أمراض البيئة السياسية التي نشأت فيها وبالرغم من الخوف الذي يسكننا حول مستوى أدائها بعد الانتخابات، إلا أنها بتكاتفها وصمودها ومشروعها السياسي تبقى في هذه المرحلة أجمل ما أنتجته اليمن، وتستحق أن نصطف وراءها وأن نكون رهن إشارتها وإشارة مرشحها الجاد والنزيه.. وتأملوا معي، بحنين مواطن محروم: ما أجمل كلمة نزيه!