رئيس قديم وشعارات أقدم

رئيس قديم وشعارات أقدم - عبدالباري طاهر

في تصريح للرئيس علي عبد الله صالح، عقب تقديمه أوراق أو ملف ترشحه لمجلس النواب، لوسائل الإعلام قال فيه-حسب الثورة الصحيفة الرسمية-: “ لقد جئت لأقدم الوثائق الخاصة بالترشيح... بعد أن لبيت نداء الملايين من الجماهير التي خرجت إلى الشوارع في عواصم المدن والميادين العامة عندما رأت وسمعت بأن هناك ناقوس خطر ووحوشاً تكشر عن أنيابها تريد أن تنقض على الثورة والجمهورية والوحدة و الديمقراطية فخرجت تلك الجماهير تلقائياً دون أن يدفع بها، أو دون برمجة، وكان خروجها خروجاً عفوياً مما أجبرني على العدول عن قراري الذي كنت قد اتخذته”.
و يحدد السيد الرئيس المهام الكبيرة التي تنتظره بأنها: "الحفاظ على الثورة والجمهورية، وثانياً الحفاظ على الوحدة، وثالثاً الحفاظ على الوطن من الغلو والتطرف و الإرهاب، ورابعاً الحفاظ على الوحدة والثورة والجمهورية من دعاة الإمامة الذين ترتفع أصواتهم من وقت لآخر في محافظة صعدة، ولهم ذيول في بعض عواصم المحافظات".
وأشار أن هناك: "ملفاً كبيراً هو ملف التنمية الشاملة صناعياً وزراعياً، وملف آخر، هو توليد الطاقة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لها، ومن ذلك توليد الكهرباء بالطاقة النووية"! مشيراً أنه قد تم التباحث مع شركات أمريكية وكندية لهذا الغرض.
ويضيف: "استكمال البنية التحتية للمشاريع الخدمية، ومكافحة الفقر، وإنهاء البطالة....، واستكمال بناء المؤسسة العسكرية والأمنية، والحفاظ على الأمن والاستقرار". مؤكداً أن هذه خطوط عريضة للبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية («الثورة»، الأربعاء، 5 يوليو عدد "15211").
والواقع أن قراءة سريعة يتضح منها أن الحفاظ على الثورة والجمهورية والوطن والوحدة لها الأولوية في البرنامج، بينما مكافحة الفقر والبطالة والبنية التحتية، والتنمية الشاملة ملفات "مجرد ملفات" قد تفتح وقد لا تفتح كواقع الحال في ال28 عاماً الغابرة.
معروف أن الثورة والجمهورية والوحدة قد انتصرت وإلى الأبد منذ أمد. والدستور اليمني أثناء قسم السيد الرئيس ينص عليها كمهام دائمة وأبدية. أما البرنامج السياسي فإنه يتضمن رؤية والتزام الحزب والمرشح عن الحزب لبرنامجه الانتخابي والمهام المباشرة والأساس في الأعوام الستة التي يقدم نفسه للناس للحكم على ضوئها، فالمطلوب من الرئيس وحزبه الحاكم أن يشخص المشاكل التي تواجه البلاد والعباد، ويقدم رؤيته لحلها ومعالجتها، والأولويات المرتبة لهذه القضايا، وطرائق المعالجة.
أما الحديث عن الحفاظ على الوطن والثورة والجمهورية و المعاني الكبيرة والبعيدة المدى فهي المشترك القاسم الأعظم بين كل المرشحين، بل المواطنين أجمعين.
إن رئيس المؤتمر الشعبي العام الحاكم لا ينبغي أن ينفرد أو يميز نفسه بحماية الوطن؛ لأن الوطن والثورة والجمهورية مسؤولية الجميع. ثم إن تأكيد الرئيس عليها وإعطائها الأولوية قد يفهم منه أن الرئيس ذاهب للحرب وليس لانتخابات ديمقراطية وسليمة حرة ومباشرة.
و ندرك أن التلويح بحماية الثورة يعني الملكيين “أعداء الثورة” والإشارة إلى الوحدة تعني الانفصاليين. وهو ما أشار إليه تصريح السيد الرئيس؛ فالخطاب أيضا يمتح من بئر الصراعات الماضوية الكالحة التي يراد بها ديمومة الصراع والاحتراب،وفرض الطوارئ، وتبرير العجز عن تحقيق المطلب الأهم، وهو الإصلاح الشامل الذي هو مطلب وطني وقومي و دولي. فاليمن لا يتهددها الملكيون ولا الانفصاليون ولا المتطرفون من أي نوع، وحتى إذا ما وجدوا فإن الإصلاح الشامل ومحاربة الفساد والاستبداد والعقلية القبلية والعسكرتاريا كفيلة بالقضاء على هذه الأمراض.
إن اليمن تواجه مجاعة وفقراً يتجاوز نصف السكان، كما أن اليمن كلها معرضة لأزمة مياه شاملة وهناك مناطق جفت فيها آبار الشرب وماتت زراعتها: "البيضاء، رداع، وريمة ومناطق إب و ذمار وتهامة”. وتستوطن الأمية بلد الستين مليون قطعة سلاح، وتنتشر الأوبئة الفتاكة فيها حتى تلكم التي انقرضت في العالم ويكاد فسادها أن يدمر كل شيء؛ فقد حرمت اليمن من مساعدة صندوق الألفية، وخفض البنك الدولي مساعداتها لأكثر من 34% وهي الآن مهددة بإجراءات أكثر قسوة.
منذ العام 62 في الشمال و 69 في الجنوب أصبح الدفاع عن الثورة والجمهورية، ومحاربة الرجعية والاستعمار المشجب الذي علق عليه النظامان عجزهما.
ويعود الرئيس بعد ما يقرب من نصف قرن لنفس الشعارات فهل تبدأ الحملة بالتجريم والتخوين؟!