48 محتجزاً يضربون عن الطعام في سجن حجة منذ 6 أيام

- علي الضبيبي
تحتاج المناشدة الآتية من سجن النصيرية في حجة (المركزي) اربعة أيام حتى تصل الى صنعاء. هل هي نفس المدة التي كان يقطعها المسافرون من هناك قبل نصف قرن؟! لا ندري.
يوم الجمعة الفائت امتنع 48 محتجزاً في هذه المنشأة- المعتقلين على ذمة أحداث صعدة منذ مارس الماضي- عن الطعام والشراب حتى يطلقوا من الأسر.
 لكن الخبر لم يصل صنعاء إلا مساء أمس الأول. لقد استغرق البيان الصادر عنهم اكثر من 96 ساعة حتى وصل إلينا. الأهم هو: كم سيحتاج من الوقت حتى يصل الي مسامع المعنيين بالموضوع من مسؤولي السلطة.. الى بعد غدٍ سيكون أسبوع كامل قد مر علىَ 48 معدة وهي تعوي من الجوع والعطش، بخلاف السجن الذي يرزحون في احشائه مذ دخلوه.
بين هؤلاء السجناء أطفال لم يتجاوزوا الخامسة عشرة، كما تؤكد الوثائق المتوفرة. لقد حاول بعضهم الانتحار في السجن غير مرة ففشل. لكن الذي يجري أن هؤلاء جميعهم مقطوعون حتى من الزيارات. فضلاً عن أخبار وأحوال الأهل الأمهات.
يتساءل أحدهم، وهو عبدالله مياح، والذي أكد في رسالته الى الصحيفة أنه أحد الأحداث: «لماذا كل هذا العذاب؟! نحن لم نقم بأي جريمة نستحق بموجبها أن يزج بنا في سراديب السجن طيلة هذه الأشهر..» ويضيف أنه وزملاءه لم يرتكبوا أي فعل يخل بالأمن والاستقرار والسكينة العامة: «لم ننهب المال العام. لم نستأثر بثروات البلد..» ويجزم ميّاح، أن المحافظ والأمين العام، ومدير أمن المحافظ، ومدير الأمن السياسي متأكدون، «هم يعلمون ذلك جيِّداً» وجاء في رسالته الى الصحيفة أن هؤلاء المسؤولين: «جميعهم يصرحون بأنه ليس علينا شيء، وأن الأمر لا يعدو كونه مجرد احتياط أمني»، يقصد حين دعوا الى تسليم أنفسهم قبل ستة أشهر، لكن الذي حصل «شهر يمضي وشهر يأتي ومأساتنا لم تنته بعد».
في 13 ابريل الفائت تقدم أهالي وعقال قرية القشفة مديرية المفتاح الى محافظ المحافظة العميد محمد عبدالله الحرازي بمذكرة يناشدونه فيها إطلاق سراح ولدهم صلاح صالح عامر، وكان قد مضى على اعتقاله اسبوعان، وأكدوا فيها حرصهم الشديد على أمن واستقرار البلد، منوهين الى براءة المذكور من الحرب التي تدور في محافظة صعدة متمنين على المحافظ الاستجابة لمطالبهم: «ولو كان صلاح منحرفاً لتبرأنا منه». ومثلها كانت مناشدة أخرى الى المحافظ في ذات الموضوع من أهالي محل بني الجرادي (نفس المديرية)، يطلبون فيها إطلاق سراح ثلاثة من أبنائهم: يوسف غالب محمد الصلوي، وائل غالب محمد، وعبدالرحيم غالب مقبل الأهنومي.
 لم يتوقف والد الأخير عن رجاءاته للمحافظ بإطلاق ولده الطفل عبدالرحيم (15 عاماً) لقد حصل غالب على توقيع أعلا تروسية مناشدته للمحافظ بعد أن مرَّت على مديري الأمن السياسي والعام وأوصيا برفعها اليه (المحافظ) مع «نتائج التحقيق للجنة الأمنية» ثم أخذت المراجعات ما يزيد عن شهر كامل أمر المحافظ مدير أمنه «يتم عقد اللجنة الأمنية المصغرة والاطلاع على الأوليات المرفعة واتخاذ اللازم على ضوئه» كان ذلك بمحاذاة بسملة المناشدة التي وجهها اليه 7 من المعتقلين، مرفقة بخمس مذكرات من أعضاء المجلس المحلي ومشائخ الضمان وعقال مديرية المفتاح وتزكية عضو مجلس النواب.
وكان المحافظ وجه المجلس المحلي/ المديرية (المفتاح) بطلب ضمانات من المشائخ، حسب ما ورد في رسالة مدير عام المديرية فيصل أحمد حيد اليه بتاريخ 19مايو الفائت «مرفقاً لكم ضمان الأخوة المشائخ على المذكورين أعلاه (7 أشخاص) حسب توجيهاتكم والمحبوسين لديكم بسجن النصيرية»، جاء فيها. والأكيد أن المحافظ تسلم ذلك، حيث كانت أعناق الامهات تشرئب لرؤية أبنائهن الذين لم يصلوا بعد. لا شيئ يؤكد إدانتهم، لا براهين ولا محاضر تحقيقات. كما لا قانون يجوِّز لهذه الجهات الإبقاء عليهم رهن السجن. انهم لم يحالوا للمحاكمة؛ اذا ما افترضنا ثبوت التهمة، ولم تطلق حرَّياتهم اذا كانوا أبرياء.
في أي نوع من أنواع الحبس الثلاث هؤلاء يرزحون: إحتياطي، عقابي، أم تنفيذي؟ بل في أي دولة هذا يحصل؟! طبعاً في سجن محافظة حجة اليمنية المحاذي لسجن «القاهرة الإمامي». الأسبوع قبل الفائت وجهت منظمة «هود» الحقوقية مذكرة الى النائب العام بشأن عدد من هؤلاء المحجتزين، وطالبته بالتوجيه الى النيابة المختصة بالانتقال الى السجن المركزي في حجة لإثبات الواقعة والافراج عنهم، أو إحالتهم الى القضاء «اذا كانوا متهمين بارتكاب فعل مجَّرم قانوناً». وبعد ثلاثة أيام وجهت مذكرة أخرى اليه (النائب العام) من وزيرة حقوق الانسان تحمل ذات المعنى. بدوره النائب العام، وجه الإثنين الماضي نيابة حجة بطلب الأوليات من الجهة المعنية «والتأكد من أن هناك اطفال محتجزين وبمتابعة الموضوع «والتوجية» للأسف لم يرد في هذا التوجيه شيء ينتصر للقانون. ما هي النتيجة؟! وماذا بعد النائب العام؟!.
 وصلت إلى الصحيفة مساء الاثنين رسالة من جميع هؤلاء المحتجزين موجهة للمسؤولين في السلطة القضائية ووزراء: الداخلية، العدل، حقوق الانسان، ومحافظ حجة. ومعهم منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان: «نوَد إشعاركم أننا قررنا الاضراب عن الطعام والامتناع عن الأكل بدءً من ظهر الجمعة (الفائت) وسنستمر في الاضراب حتى يتم الإفراج عنا». واختتموا رسالتهم! «إننا أبرياء ونحملّكم المسؤولية الكاملة في حالة عدم التدخل للافراج عنا».
وأعلنت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات، التي يترأسها الناشط الحقوقي علي الديلمي، تضامنها معهم. واعتبرت الإجراءات الأمنية في محافظة حجة ضد المواطنين والاعتقالات العشوائية ومنع التدريس لمعتقد آخر (الفكر الزيدي) وتهديد الناس والأهالي بصورة مستمرة تجعل الأوضاع الإنسانية في حرج، وقال: إن واجب السلطة المركزية «هو إيقاف كافة أنواع التعسف الخارق لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية بما في ذلك الحرية في المعتقد». مؤكداً أن هذا الاعتقال كل هذه المدة دون توجيه تهمة أو إحالتهم الى القضاء «يعتبر خرقاً فاضحاً للدستور والقانون». وتمنت في نهاية بلاغها الصحفي الصادر أمس الأول على مؤسسات المجتمع المدني «التصدي لمثل هذه التصرفات اللامسؤولة والتضامن الجدي مع أهالي حجة وغيرها من المحافظات التي يتم فيها استهداف الحريات العامة».