أعمار مهدورة في أدراج رجال العدالة (ملف عن المحتجزين أعده: علي الضبيبي)

أعمار مهدورة في أدراج رجال العدالة (ملف عن المحتجزين أعده: علي الضبيبي)

مئات المحتجزين في السجون المركزية يترقبون لحظة تحريرهم من الأسر.
عشرات منهم تسلحوا بالقانون لاسترداد الحق وانتزاع التعويض عن العمر المهدور وراء القضبان جراء اعتساف النصوص الصريحة أو الجهل بها من قبل المسؤولين في الأجهزة المختلفة، وإلا فإنه التعامي عنها بدعوى الأمر الواقع، أو التواري بعيداً عن الحقيقة العارية.
في 11 اكتوبر 2006 نشرت «النداء» تحقيقاً عن أوضاع المحتجزين في السجن المركزي بزعم حقوق خاصة وغرامات، وفيه تصريحات لرجال في السلطة القضائية تقطع بشرعية بقائهم رهن الاحتجاز باعتبارهم «سجناء معسرين». كان التحقيق بحسب توصيف الزملاء في «نيوز يمن» الأهم في عام 2006.
في الأسبوع التالي نشرت الصحيفة في صدر صفحتها الأولى تصريحاً للمحامي نبيل المحمدي يؤكد عدم جواز احتجاز هؤلاء الضحايا، ويشدِّد على أن إبقاءهم رهن الحبس جريمة يعاقب عليها القانون (نص التصريح في مكان آخر).
مذَّاك التزم الصمت رجال مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة ومصلحة السجون. ولاحقاً عمدوا إلى استخدام السلاح المألوف: قتل الوقت، وارتكاب الفاولات ضد الخصوم (الخصوم المحتجزين وراء الأسوار)، في انتظار صفارة النهاية، تماماً كما يفعل فريق كروي تعوزه اللياقة والخطة! ومن حظ هؤلاء المنهكين أنهم يمارسون وظائفهم (أو ألاعيبهم) في ساحة لا تعرف الكرت الأحمر.
والحال أن المئات من المظلومين جراء ركم الخطايا، تخلو الآن عن الرجاء، وتسلحوا بالأمل، يخفق في افئدتهم والآلاف من أقاربهم، يتابعون -بصبر- الاجراءات التي بادرت إلى اتخاذها هيئة الدفاع عنهم، في مواجهة الأجهزة المسؤولة عن الكوارث التي حلت بهم.
«النداء» عملت منذ اكتوبر الماضي على إثارة مأساة المحتجزين، ومواكبة التطورات التي طرأت منذ ذلك الحين. وفي عددها المئوي كان على الزميل علي الضبيبي أن يبرز تجليات جديدة للمأساة، توكيداً للحق، ومقاومة للنسيان بما هو السلاح الضاري في أدراج رجال العدالة.
 
«النداء»
 
 

***
 
 
 
شوعي في المرتبة الأولى، وزيد في الثانية.. محتجزون في عنابر التائبين
 

ما يزيد عن 50 محتجزاً (من بين 135) في سجن صنعاء المركزي، ممن وكَّلوا هيئة الدفاع، ما زالوا عالقين بحقوق خاصة، رغم انتهاء فترات العقوبة بالحق العام التي قررتها المحاكم.
المحتجز التهامي، عبده شوعي مبروك النشري، يظفر بالمرتبة الأولى في قائمة التائبين: أولئك الذين ينزلون في قسم التوبة. 17 عاماً في السجن، كأقدم النزلاء. فقد أمضى إحدى عشرة سنة عقب انتهاء العقوبة التأديبية (6سنوات) التي حكم بها من محكمة صنعاء الجزائية أيام حمود الهتار.
ومأساته التي نشرتها «النداء» في اكتوبر الماضي، ما تزال تتفاقم، فقد أُبلغت ساعة زرته ظهيرة الجمعة الماضية، بأنه تلقى، قبل شهر (مارس الماضي)، نبأ وفاة نجله الأكبر، الذي شاهده آخر مرة عام 1996. عامذاك جاء الإبن إلى السجن آملاً أن يهبط السهل التهامي رفقة والده الذي كان قد أمضى فترة السجن التي عوقب بها.
ودع الإبن الكسير، أباه، ثم انقطعت زياراته و أخباره، وبقي الأب أسيراً بزعم إعادة مضبوطات لا أحد يعرف ماهيتها، بمن في ذلك رجال النيابة.
لا أخبار جيدة ترد إلى قسم التوبة، فعبده شوعي علم مؤخراً أن عيني أمه التسعينية ابيضتا من الحزن.
والآن فإنه الرجل الذي شاخ في سجن النسيان، واندثرت أحلامه، لم يعد يأمل إلا بزيارة إلى مسقط رأسه ولو لدقائق، ليذق طعم حضن أم، وعناق أبنائه التسعة.
في المرتبة الثانية يحل الحاج زيد صالح القميحة (16 سنة سجن) غير أنه يفوق التهامي عمراً يناهز ال(76 عاماً). وكان حُكم بسنتين في 1/1/1992، عقوبة جنائية ويغادر.
وعلى ذمة مليون ريال، يقضي الخولاني، محمد علي خشب، العام الخامس عشر في ذات القسم (التوبة): «دخلت السجن وابني في اسبوعه الأول، والآن يزورني ويشتي زواجة!»، قال لـ«النداء» في نوفمبر الفائت. ويكاد يلحق به عبدالله احمد الشرفي، الذي دخل عامه الرابع عشر، ثلاث منها في الحق العام، وإحدى عشرة سنة حاز عليها مجاناً!
وبالمثل، حُكم محسن صالح الجمَّال، ثلاث سنوات غير أن عامه الثاني عشر قارب الانتهاء. فيما المليون والنصف لاتزال باقية.
أما الثلاثة: الذيب محمد حمود (الفاقد لملف القضية)، الثور حسن محمد حسين (الملزم بإرجاع مضبوطات لا يعرف ماهيتها)، والحزورة خالد حسين محمد مقبل (الفقير المعدم)، فكلٌ حصد حتى الآن أحد عشر عاماً، ولا حسد. وتجدر الإشارة، إلى أن الأول والثاني محكومون بثلاث، والأخير، بأربع سنوات، فقط لا غير.
وبفارق بسيط لصالح الأول، حاز الثنائي، نبيل لطف محمد كابع، وحسن أبو عاطف، على العشر السنوات في السجن المركزي بصنعاء.
حامل الماجستير، وأستاذ اللغة الإنجليزية في السجن، الأستاذ محمد عبدالله السري، هو الآخر، يبدو على مشارف الدخول في عامه العاشر، ليكون قضى السنة الحبس التي حددتها المحكمة، وتسع سنوات إضافية. وما يزال في العمر بقية.
وكانت محكمة الأموال العامة، قضت بالحبس أربع سنوات على أمين مخازن مؤسسة التجارة الخارجية بوزارة التجارة، حينها، جمال أحمد محمود الميثالي، الذي وصفه الحكم بـ«كبش الفداء». هو قضّاه على مضض، والآن يشرع في التاسعة.
عائلته الملتئمة ذات يوم، صارت مشتتة: أبناؤه الثلاثة يعيشون لدى أخوالهم، فيما جدته والخمسة الأشقاء، يقضون مع أمهم حياة السهر والإعياء داخل منزل بائس يستأجرونه عند شارع هايل.
وبالتساوي، حصل تسعة محتجزون على ثماني سنوات سجن لكل منهم، مع تفاوت ملحوظ في عقوبة الحبس التي حددتها أحكام القضاء. ومن بين هؤلاء: الشاب جلال عبده سعيد المقطري المحكوم بثلاثة أشهر، ومنصور الآنسي بسنة، وعلي طاهر فارع المحكوم بمثلها وزيادة خمسة أشهر. وآخرين معهم.
ناهيك عن عشرات المحتجزين لمدد متفاوتة تجاوزت الفترات المحكومين بها بما بين السبع سنوات إلى العام وأقل؛ جميعهم تجاوز فترات الحبس في الحق العام التي حددتها الأحكام الصادرة ضدهم كل على حِدة.
وفي عددها المقبل ستنشر «النداء», كشفاً مفصلاً عن سنوات المأساة، ومديونيات المحتجزين العالقين بها وأوامر النيابات, مع عرض لحالات عدد منهم صحية وأسرية.
 
 

***
 
 
من السجن إلى ساحة الإعدام الوظيفي!
 
 
أمضى الجندي، إبراهيم علي الحوري، ما يقارب الخمس السنوات داخل أسوار السجن المركزي بصنعاء، على ذمة أرش قيمته 225 ألف ريال دون أن يستلم فلساً واحداً من مرتباته طيلة هذه المدة، وهو المحبوس بالمخالفة للقانون بعد انتهاء فترة السنتين والنصف التي حددها حكم شرق الأمانة.
وبينما كان ينتظر الأمل في لجنة الرئيس الرمضانية للإفراج عنه في 2004، تفاجأ بتنزيل رقمه العسكري في إبريل من ذات العام.
والسخيف في الموضوع أن معسكره، الذي سلمه لنيابة شرق الأمانة في 9 يوليو 2002، يصنفه الآن ضمن الفارين من الخدمة!
بعد أن كشفت “النداء” قضيته في عددها ال(76) ونشرت اسمه، والمبلغ المحكوم به في أكتوبر الماضي، أفرجت عنه السلطات في 24 فبراير الجاري، بعد سداد المبلغ، ولكن إلى سجن آخر: وراء استرداد راتب احتجز قبل خمس سنوات. وتقدر إجمالي المرتبات التي اختطفت على مدى فترة الحبس بمليون و 80 ألف ريال، هو مبلغ كفيل بسداد الأرش المحكوم به للإفراج عنه من وقت مبكر، كان ذلك أجدى من مكرمة الدولة عليه بعد أن حبسته كل هذه السنوات.
الصحيفة التقت إبراهيم بعد الإفراج عنه، وهو يشكو مرارة قطع المعاش: “كيف يريدون من السجين أن يكون مواطناً صالحاً في المجتمع وهم يحرموه لقمة عيشه بعد أن حبسوه كل هذه السنوات..؟!”.
ما زلت أتذكر ذات زيارة إلى السجن في رمضان الفائت، وإبراهيم يتلوى خلف شبك الزيارات وعنقه تشرئب إلى الراتب ولو شيئاً يسيراً منه. وفور أفرج عنه توجه تواً إلى المعسكر قبل لقاء الأسرة والأهل فوجد نفسه «فرار» وهو الذي التحق بالسلك العسكري في 1994 برقم (465054) وسُلم للأمن في 9يوليو 2002 بتهمة “شروع في القتل”. وحده مدير الشؤون المالية في القوات الجوية من يرفض إعادته إلى وضعه الطبيعي، وكأنه لا يراعي الظروف ولا ينساق للحق إلا بأوامر؛ إذ اشترط على زميله أمراً من قائد القوات الجوية، “وأنا لا أستطيع الوصول إليه!” يقول إبراهيم، وملفه الذي يحمله مليءٌ بأوامر وتوجيهات واضحة أهمها من نائب رئيس هيئة الأركان العامة “بمواصلته وصرف مرتبه”، فضلا عن مذكرات أخرى من قائد لواء الشرطة الجوية، وعديد مذكرات تؤكد تسليمه للنيابة من مقر عمله، وتنفي عنه أنه فرار.
الظاهر أن المعسكر الذي سلمه للسجن قبل خمس سنوات قرر مبكراً تسليمه لساحة الإعدام الوظيفي بقرار مسؤول مالي.
 
 
 
 
***
 
 
 
أطفالهم: أيش تسوي هنا يا بابا؟!
 

التفت أصغرهم إلى أمه وأشار بسبابته: "هذا أبونا يا ماما؟!" هزت الأم رأسها: "أيوه أيوه يا حبيبي". أما أبوهم المحبوس وهو ينظر إليهم من خلف الشباك فقد أجاب بالبكاء ولم يعد قادراً على التماسك؛ للأسف كانت هذه هي أولى كلمات يسمعها من طفله الذي فارقه قبل سنةٍ وثمانية أشهر حين لم يكن قادراً على النطق.
اللحظة كانت مؤثرة، أسر السجناء المسرودة على امتداد الشبك الطويل، أمهات وأطفال، وعجائز، لا يسعفك الوقت لالتقاط عبارات تحزنك طوال الليل.
أطفال جاءوا لأول مرة برفقة أمهاتهم من محافظات بعيدة لرؤية "بابا" المحبوس على ذمة حقوق خاصة، وزوجات يأتين بعد انتظار ممل، يحملن جهنم من الهموم والضغوط؛ "أرجوك طلقني" وهي تبكي «عِشّرة» عُمر مع زوج كانت نهايته السجن!؟ بعض السجناء يلبي الطلب فوراً ويزيدها على الثلاث حزمة سبوب وشتائم لتعود إلى أهلها مكسورة القلب: "خلاص أفتهنتم!؟ طلقني!" وهو إلى عنبره بوجه يقطر حُمرةً وغضباً، ولسان يرتجف من وقع الصدمة: "معقول!؟ وصلت الأمور إلى هذا الحد!؟". هذه المواقف حقيقية وليست قصصاً ينسجها الخيال.
يحكي أحدهم، بعد أن قضى عشر سنوات في ذات السجن دون عقوبة جنائية، عشرات المواقف لسجناء عديدين تدمرت حياتهم النفسية والأسرية في السجن.
أحدهم عاد من غرفة الزيارات حزيناً، منكسراً، ويبكي، "ظل يومين على هذه الحالة دون أن أعرف السببـ" يقول «ع. ج».
حاول أن يكتم الموضوع ويخفي الفاجعة، لكنه مضطر أن يبوح بها إليه لأن «ع. ج» في نظر السجناء صار بمثابة مأمون السجن، وبعد مراشاة ورجاءات اندفع الرجل تسبقه الدموع: "زوجتي طلبت الطلاق". هنا كان على «ع. ج» أن يهدئه ويذكي معنوياته المنهارة جداً: "سهل، خليك رجَّال، ما يقع إلا خير، نَسبُكْ لك حل الليلة"، ولأن هذه ليست هي الحالة الأولى التي عايشها «ع. ج» فقد كان الحل جاهزاً بالفعل.
عرض عليه أن يستعطف زوجته برسالةٍ ويطعِّمها ببعض الألفاظ الغزلية حتى يرق القلب، لعل وعسى تعود عن قرارها الفاجع.
حينها عاد الأمل إلى روحه، وللتو طلب منه أن «يسبكها» لأنه لا يجيد الكتابة، وافق «ع. ج» و«سبك» له رسالة مطوَّلة، لكن مفعولها لم يدم طويلاً، فماهي إلا أيام حتى جاءه ليحرر له رسالة الإفتراق النهائي.
الأطفال الذين لم يعرفوا آباءهم إلا في السجن ينشأون بنفسيات مهزوزة ومنكسرة ربما أكثر من كونهم أيتاماً إذ ينظر المجتمع وأطفال الحي إلى الواحد من هؤلاء على أنه "ابن المسجون" وبالتالي يشعرونه بالدونية والنقص.
تقول إحدى الأمهات أنها حاولت إخفاء الأمر عن ولدها (أن أبيه في السجن) رغم الزيارة التي تقوم بها أسبوعياً إليه ومعها الطفل، إذ تقنعه بأن "بابا يشتغل هنا" لكن الطفل الذي كبُر غضب على الأم ذات يوم وأعلن مقاطعته الزيارة، "ليش بابا ما يجي عندنا ويعزمنا في بيته!".
وآخر كان يخاطب أمه وهما عائدين وينظر إلى السور: "أووه بيت بابا كبير، بس مش حالي".
وتضيف الأستاذة أم عمران التي يقبع زوجها في السجن للعام السادس في مبلغ 11 ألف دولار، من أن أطفالها الثلاثة: فاطمة (11 سنة)، القاسم (10 سنوات)، وعمر (8 سنوات) قرروا تجميع ال30 ريالاً التي «يجعلون» بها (بعض الأيام) "لكي يسددوا ما على أبيهم من دين ويخرج"، ويمضي أبوهم الشاب "حسن الهتاري" في السجن المركزي بصنعاء من مايو 2005، دون مسوغ قانوني يشترط بقاءه حيث لم تحكم عليه محكمة جنوب غرب الأمانة سوى بثلاثة أشهر حبس ويخرج "ولو أطلق سراحه فور انتهاء فترة الحق العام لكان سدد المبلغ" تقول زوجته وتزيد وهي تدعو الله أن يعجل بالإفراج عنه: "زوجي الآن مريض وحالته النفسية تتدهور ووضعنا الأسري والمعيشي يضيق يوماً بعد يوم".
"النداء" زارت الأسرة والتقت بالأطفال الثلاثة ذوي الأعمار المتقاربة، وعليهم مسحة يتم يُحزن القلب، فسألت أصغرهم: أين بابا يا بطل؟! فطأطأ رأسه ولم يرد، رغم محادثته معي في أي موضوع آخر، أما الطفلة فاطمة فاشترطت على كاميرا "النداء" إذا أرادت أن تصورهم: "أن يخرج أبونا وإلا مَعْ، لو سمحت".
 
 
بابا حبيبي
 
بابا حبيبي، متى تجي عندنا؟ اشتقنا لك كثير جداً، عمر مشتاق لك، والقاسم أيضاً، وأنا أكثر وأكثر.
كلّم العسكري يفتح لك الباب، وقله شكراً.
بابا حبيبي، أمي تبكي، وجدتي تدعي لك بعد الصلاة وتقول: «الله يفرج همك، ويفك اسرك».
بصراحة تأخرت كثير، وزميلاتي يسألوني أين أبوكي؟
 
إبنتك/ فاطمة
 
 
 

***
 
 
 
من يكترث لعذاباتنا!؟

من يكترث لوجودي الذي أصبح لا يعني سوى مكان جثتي الملقاة على سرير اسمنتي بارد يمتد بطول قامتي الممددة عليه!؟
في عنبر داخل أسوار هذا السجن، تبدو بدايات حدود العالم ونهاياتها.
رتابة خانقة، مفرطة الإيقاع: يبدأ اليوم وينتهي، ويبدأ يوم آخر بالسياق نفسه. الأيام كلها متشابهة.
اتساءل: هل ما زال هناك متسع للفرح المصادر؟! متوسلاً الجواب. أجدني أتصفح وجوه السجناء حولي، محاولاً تنفس شيء آخر غير الإنتظار لمحطاته القاسية.
الواقع اليومي هنا مليءٌ بالجراح والغصص التي لا تنتهي.
تراجيديا سوداء فاقدة لكل معاني الأمل.. والواقع هنا جحيم دانتي في كوميدياه الإلهية التي كتب على بوابات جحيمها: «أيها الداخلون هنا، عن كل أمل: تخلوا».
الواقع هنا ليس ما تتخيلونه، بل ما نعيشه من معاناة. ليس ما تكتبونه، بل ما نسطره نحن هنا من كراماتنا المهدرة وجراحات بحجم العالم الواقع الذي نحن فيه يقطر خلف هذه الأسوار رسوم الحقد والكراهية ضد المجتمع. أكتب بأحاسيس متصارعة، وأفكار مضطربة لواقع أكثر بؤساً ومعاناة، مع أنني أعتقد أنه ليس هناك من يكترث!
الواقع هنا ليس احكامكم النابعة عن ضمير أو دون ضمير. بل احلامنا المهدورة والمغدورة ببندقيات كلماتكم الصدئة التي لا تقوى على الحقيقة، فتتصنعها. الحقيقة التي تبدو هنا هي هؤلاء، كل هؤلاء، السجناء الذين كل ذنبهم أنهم فقراء، وغير قادرين على شراء صكوك حرياتهم، وعلى انتشال ذواتهم من مخالب السجون ومن بيادات سجَّانيهم.
أيها السادة: الحقيقة هنا لطمة سوداء توارى خلفها الإنسان، وبدا أمامها ذاك الوحش النهم للثراء والقوة.
الحقيقة هنا: عدمكم هناك، حيث لا أسوار. وأتذكر ذلك القديس الصوفي الذي خاطب إلهه قائلاً: «إلهي كيف لي أن أنعم بالجنة وأنا أعرف أن هناك أرواحاً في الجحيم!؟».
فمن منكم أيها الإنسانيون قادرٌ على اقتباس شيء من ذلك، ويذكر أن هناك ارواحاً بشرية تذوي في غياهب السجون، وأن هناك عائلات تدحرج افرادها في شرك الجريمة!!؟
 
من رسالة إلى «النداء» من سام أبو اصبع الذي يمضي عامه الخامس وكان محكوماً بتسعة أشهر
 
 
 
***
 
 
 
 
أحدهم هولندي يقضي عامه الثامن.. محتجزون من جنسيات مختلفة
 

السجين الأردني الذي رأيته في رمضان يتصل من تليفون مدير السجن بعائلته في عمَّان، هو عيسى عبدالعزيز خواجة، المحتجز ب(90.000 دولار) دون أي عقوبة جنائية تقضي بذلك. عيسى، وهو رجل أعمال، مودع منذ 25 أغسطس 2005 بأوامر النيابة.
إلى جواره تذوي حيوات ما يزيد عن عشرة سجناء من جنسيات خارجية جميعهم على ذمة حقوق خاصة.
أحدهم، وهو إبراهيم شرقاوي (فلسطيني) تجاوز السبع سنوات في الحبس بمبلغ 7000 دولار + 15 ألف ريال في حادث مروري، دون أن تقضي محكمة غرب الأمانة عليه بعقوبة الحبس.
ويوجد في السجن المركزي بصنعاء سجين هندي يدعى "غريالي علي أصغر أبي"، وآخر يملك الجنسية الهولندية (عبدالرحمن محمد أحمد عواد)، الأول منذ 6 أغسطس 2005 والثاني يمضي عامه الثامن وعالق ب20 ألف دولار، وهو لم يحكم في الحق العام إلا بسنتين من محكمة الأموال العامة.
بالإضافة إلى ذلك هناك لبنانيون، أحدهم هو الدكتور نور الدين إبراهيم الباشا محتجز ب60 ألف دولار + 45 ألف ريال، منذ سنة، رغم انعدام العقوبة بالحبس في الحق العام، ورغم حالته الصحية المتدهورة، وعمره المتقدم. كما يوجد مصريان هما: عادل أبو سنة (سنة) وأحمد... المصري (9 أشهر) وكلاهما لم يقرر القضاء حبسهما.
هناك أردني (عصام توفيق البغدادي) تلقت "النداء" طلباً منه لحضور جلسة في محكمة جنوب غرب الأمانة الأسبوع الفائت، فكان أن لبت، ولكن لم تتح الفرصة الكافية للحديث معه إلا لمدة ثلاث دقائق، حيث وهو مسجون ب80 مليون ريال، منذ سبع سنوات والمقرر في الحكم سنة واحدة في الحق العام من جنوب غرب الأمانة. وأغلب هؤلاء السجناء مقطوعون من الزيارات، وبعضهم لا تصله أي معلومات عن أهله وذويه.
 
 

***
 
 
 
عراقي حاصل على الماجستير في القانون الدولي:
لا أجد من يدافع عني سوى زوجتي وطفلة

قبل أسبوع رهنت الأستاذة ياسمين جوازها عند صاحب البيت ريثما تسدد الإيجار (15000 ريال) حتى لا تخرج وطفلتها (رنا) إلى الشارع.
أما زوجها الحاصل على الماجستير في القانون الدولي من جامعة بغداد، بداية التسعينيات، فمحتجز في السجن المركزي منذ سنتين على ذمة حقوق خاصة (مليون و300 ألف ريال) ألزمته المحكمة بتسديدها، ولم تقض بحبسه إطلاقاً. واكتفى حكم القاضي الجزائي في محكمة جنوب شرق بتغريمه 30 ألف ريال كعقوبة يستحقها جرَّاء التهمة المنسوبة إليه.
عبدالمجيد محمود كاظم الغيثاري، من مواليد بغداد 1957، وزوجته الحاصلة على البكالوريوس في الرياضيات سنة 1987، (عراقيان) وفدا إلى اليمن منتصف التسعينيات يحملان طلفتهما حديثة الولادة، هروباً من حصار خانق تشهده العراق حينها، بغية العيش في وطنٍ أكثر أمناً.
امتهن عبدالمجيد أعمالاً حُرة، متنقلاً بين ثلاثة مطاعم يمتلكها كان آخرها في جولة القادسية، والذي أفسدته الشراكة بعد 25 يوماً من تأسيسه، ومنه إلى السجن كانت الرحلة، هو الآن محتجز ولا من متابع.
"النداء" استطاعت بعد عديد محاولات التقاء أسرته حيث يستأجرون بيتاً في صنعاء القديمة (ياسمين وابنتها) وأخذت صورة الحكم الصادر ضده ورسالة منه إلى وزير الداخلية: "سيدي الوزير أنا ضحية رئيس أحد أقسام شرطة الأمانة".
كانت زوجته تشكو من قسوة الحياة وشظف المعيشة، وأثر الإرهاق يخرج من بين عينيها الحزينتين، حيث جاءت للتو من مدرسة أهلية، وبعد قليل ستكون في المعهد.
هذه السيدة العراقية تعمل في الصباح وأيضاً في المساء لتوفير ما يمكن به تسديد إيجار البيت وفواتير الماء والكهرباء، لتعيش وصغيرتها. فضلاً عن مصاريف زوجها المحبوس، والذي ينتظرهما بفارغ الصبر كل جمعة.
وتلقت "النداء" السبت الفائت رسالة من السجين تشكو لكل ذي ضمير ما لحق به وأسرته من ضرر جراء هذا الظلم الفادح: "إني لا أجد من يتابع بعدي سوى زوجتي وطفلة، ولكوني غريباً على البلد لم أجد من يسمع شكواي". وناشد المحتجز في رسالةً أخرى عاجلة، رشاد العليمي (وزير الداخلية) إنصافه من غريمه الذي كان شريكاً له في المطعم "حيث استخدم سلطته كمدير لقسم شرطة (العمري) وأرغمني بالتوقيع على شيك قيمته 670 ألف ريالـ" بعد أن اعتدى عليه إلى غرفة نومه –كما يقول- معززاً بسيارة الشرطة (أوبل) وعدد من الجنود، وزاد: "أخذ كل أدوات ومحتويات المحل (تقدر قيمتها بمليون و 580 ألف ريال) إلى بيته. وعندما وصلنا إلى المحكمة حكمت بتسديد المبلغ (قيمة الشيك) ودفع المخاسير دون الإلتفات إلى حقي عنده والتي اعترف بها أمام القاضي -أدوات المطعم".
وقال في رسالته إلى الصحيفة: "لقد تقطعت بي السُبل وصُدّت أمامي الأبواب، وأصبحت أعاني الأمرّين: حبس لأكثر من سنتين بدون مسوغ قانوني، وضياع حقوقي لدى الغير، وأيضاً معاناة أسرتي الغريبة على البلد التي صارت قاب قوسين أو أدنى من التشرد والضياع".
من جانبها وجهت زوجته عبر "النداء" رسالة تترجى فيها كل إنسان يحس ضميره، إطلاق زوجها المحبوس دون قرارٍ قضائي. وكما لو أنها تتحدث من قلب بغداد وتبكي: "أخاف يختطفوا رنا" حيث ما زالت تتذكر حين هددها أحد أقارب الضابط م. ح. ج (الغريم) بخطف ابنتها الوحيدة.
ويزداد قلق الأستاذة ياسمين حين تشاهد التفجيرات في بغداد وبالذات في منطقة تواجد الأهل "لم تأتيني عن أهلي أي معلومة سوى الأخبار المحزنة التي أراها في التلفاز يومياً".
وفي رسالة المحتجز إلى الصحيفة قال إنه سيضرب عن الطعام ابتداءً من هذا الأسبوع وسيستمر حتى يُنصَفْ أو تتاح له الفرصة لاستئناف الحكم الصادر ضده، وشكا عدم تجاوب الجهات الرسمية، "قضائية وأمنية "مع رسائلي العديدة ومناشداتي المتكررة بدءاً بمدير أمن العاصمة ووزير الداخلية، وصولاً إلى التفتيش القضائي، للأسف لم أجد أي تجاوب، ولديَّ الإشعار في إدارة السجن بإيصال الشكاوي"، وأضاف أن اسمه استُثنيَ من كشف المحتجزين الذين تُصرف لهم هذه الأيام أحكام بالإعسار، وقال إن وكيل نيابة السجن رفض إعطاءه استمارة ليُدخل فيها بياناته كواحدٍ من المعسرين متحججاً "اسمك مش موجووود".
ومن يقرأ الحكم الصادر ضده من محكمة جنوب غرب الأمانة ويطلع على الوقائع والحيثيات التي أنبنى عليها، يجد كيف تلعب العلاقات الشخصية والوجاهات دوراً في ترجيح كفة على أخرى في ميزان القضاء؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه المحتجز (العراقي) بأدواته التي أخذها شريكه من المطعم بقوة السلاح ويعترف بها الأخير أمام المحكمة، وتعقد جلسات لأخذ أقوال الطرفين يصدر الحكم بإلزام "العراقي" تسديد قيمة الشيك (670 ألف ريال) للضابط ”اليمني". وأما أدواته التي تقدر قيمتها بمليون و 580 ألف ريال فهناك محكمة تجارية!.
الآن الرجل في الحبس منذ سنتين دون عقوبة، وأدواته عند رئيس قسم الشرطة، والزوجة وابنتها بصنعاء القديمة، والجماعة لم يقبلوا استئنافه!
 
 
 
***
 
 
 
المسار الذي لا يفضله أفراد الأمن والقضاء*
 

إن الحبس الجاري تقريره في نطاق القوانين النافذة هو على أحد ضربين:
حبس احتياطي، وحبس عقابي.
أما الحبس الاحتياطي فهو عبارة عن إجراء احترازي مباشر تجاه المتهم وتختص بإصدار الأمر به وإيقاعه النيابة العامة في مرحلة التحقيق الابتدائي وقاضي الموضوع حال المحاكمة، ويتمثل الباعث التشريعي عليه في قيام الضرورة الملجئة قصد سلامة التحقيق وعدالة إجراءات المحاكمة. أما بالنسبة للحبس العقابي فهو عبارة عن عقوبة مقررة لجريمة مرتكبة ولا يستحق إلا بموجب حكم نهائي وفي مواجهة الشخص المحكوم عليه بارتكاب الواقعة الجرمية المعاقب عليها به، أي بالحبس، ولما أن مبدأ شرعية التجريم والعقاب المقرر بنص المادة (46) دستور، قد جرى على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بموجب نص قانوني نافذ، وحيث أن النص في المادة (39) عقوبات قد قرر أن مدة الحبس العقابي هي عشر سنوات ما لم يكن هناك نص في القانون يقرر مدة أطول للواقعة المجرمة به، فإن تقرير عقوبة الحبس تجاه المتهم لا يستوفي شرائط صحته الدستورية والقانونية إلا إذا كان بموجب حكم قضائي صادر عن محكمة مختصة بإصداره وكانت الواقعة المعاقب عليها هي عقوبة مشمولة بنص عقابي نافذ ومقرر للحبس كعقوبة مستحقة تجاه مقارفها.
وفي عموم الأحوال يجب أن تكون مدة الحبس المقضي بها لا تتجاوز الحد الأقصى للمدة الجاري تقريرها بهذا النص.
ولئن كان الأمر هو على النحو المذكور، وكان النص في المادة (494) من قانون الإجراءات الجزائية النافذ قد أوجب أن يتم تنفيذ الحكم القضائي المقرر لعقوبة الحبس في المنشآت العقابية المحددة لذلك، وبناءً على أمرٍ صادرٍ عن النيابة العامة، بحيث يتضمن هذا الأمر بياناً بمدة الحبس المقضي بها، وبما أن المادة (495) من القانون ذاته قد أوجبت الإفراج عن المحكوم عليه في اليوم التالي لليوم الذي تنتهي فيه مدة الحبس المقضي بها، فإن بقاء المحكوم عليه رهن السجن بعد انقضاء مدة الحبس المقضي بها عليه، هو وضع مخالف لمقتضيات مبدأ الشرعية المشار إليه ولا يمكن البتة أن يتوافر على ما يسوِّغه من نصوص القانون.
بل إن المشرع اعتبر أن بقاء المحكوم عليه رهن السجن بعد انقضاء مدة الحبس المحكوم بها جريمة موجبة للعقاب، وهي الجريمة الجاري تقريرها بنص المادة (167) عقوبات، حيث نجد هذا النص يقرر الحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، فضلاً عن العزل من الوظيفة تجاه الموظف الممتنع عن الإفراج بعد انقضاء مدة الحبس المقضي بها، ولا يحول أو يمنع من استحقاق هذا الموظف للعقوبة المقررة بالنص المذكور أن يكون الحكم قد قضى بتهمة استحقاقات مالية تجاه المحكوم عليه، سواء أكانت هذه المستحقات المالية هي مستحقات عامة أم أنها مقررة لمصلحة المدعي المدني؛ ذلك أن استيفاء هذه المستحقات إنما يتم وفقاً للآلية التي حددها القانون، حيث نجد أن النص في المادة (470) من قانون الإجراءات الجزائية يقرر أن استيفاء الحقوق المدنية المقضي بها في الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجزائية يجب أن يتم وفقاً للآلية المحددة بقانون المرافعات، كما أن النص في المادة (518) من القانون ذاته يقرر أن تحصيل الأموال العامة المحكوم بها يتم إما وفقاً لأحكام قانون المرافعات وإما بموجب الأحكام الجاري تقريرها بقانون تحصيل الأموال العامة، ما يعني أن إبقاء المحكوم عليه رهن السجن قصد إكراهه على تسليم المبالغ المقضي بها سواء أكانت رداً آخر تعويضاً أم غرامة لا يمثل إجراءٍ قانونياً بأي حال، سيما وأن النص في المادة (520) من القانون المذكور يقرر أنه إذا لم تكن أموال المحكوم عليه كافية للوفاء بالمبالغ المقضي بها وجب توزيع ما يتحصل منها على حسب الترتيب الآتي:
1 - المبالغ المستحقة للمدعي الشخصي أو المدني.
2 - المبالغ المستحقة للدولة.
وبدلالة الاقتضاء لمدلول هذا النص يتأكد أن محل التنفيذ بالنسبة للمبالغ المحكوم بها إنما هو الذمة المالية للمحكوم عليه لا حريته، وأن التنفيذ لا يكون إلا بمقدار ما تحتويه هذه الذمة من أموال قابلة للتنفيذ عليها، ولا يغير من ذلك شيئاً أن يكون الحكم الذي قضى بالعقاب المنتهي مدته بالتنفيذ قد علق الإفراج على استيفاء ما قضى به من حقوق تجاه المحكوم عليه؛ ذلك أن الحبس في هذه الحالة لا يمثل حبساً احتياطياً مقرراً من قبل الجهة المختصة به، وكذلك هو لا يعد حبساً عقابياً مأموراً به قضائياً، تنفيذاً لنص قانوني عقابي، بل هو عبارة عن إجراء مبتدع من قبل القاضي الصادر عنه هذا الحكم. وحيث أن الأمر كذلك ولمَّا أن النص في المادة (469) إجراءات جزائية قد قرر أنه لا يجوز تنفيذ أية عقوبة أو تدبير احترازي إلا إذا كانت مقررة بالقانون، فليس من الجائز للنيابة العامة أو للقائم على المنشأة العقابية الإعتداء بالتعليق المقرر بالحكم (عدم الإفراج حتى الوفاء بالمبالغ المحكوم بها) وإبقاء المحكوم عليه رهن السجن بعد انقضاء مدة العقوبة المقضي بها، خاصة وأن نص المادة (494) إجراءات جزائية قد قصر شمول الأمر الصادر عن النيابة بإيداع المحكوم عليه المنشأة العقابية على الحبس المقضي به كعقوبة على الواقعة الجرمية المقضي بثبوت مقارفتها. ناهيكم عن كون هذا النص قد أوجب على النيابة تضمين أمرها هذا بيان بمدة الحبس المقضي بها واليوم الذي تنتهي فيه هذه المدة.
ثم إن نص المادة (495) من القانون المذكور إذ أوجب الإفراج عن المحكوم عليه في اليوم التالي لانتهاء مدة الحبس المقضي بها، لم يستثن من هذا الوجوب حالة أن تكون الحقوق المدنية المحكوم بها لم تستوف بعد، وإذا كان النص في المادة (523) قد جوز للنيابة العامة تنفيذ ما أسماه بالإكراه البدني، وهو عبارة عن إبدال لمحل التنفيذ، وذلك بأن يتم حبس المحكوم عليه بمبالغ مستحقة للدولة مقابل إسقاط هذه المبالغ، فإن الحبس المقرر بهذا النص يختلف تماماً عن الحبس الذي يخضع له المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بعد انقضاء مدة هذه العقوبة.
ذلك أن الحبس المقرر بالنص المذكور هو عبارة عن حبس تنفيذي بدلي، لا حبساً إكراهياً غير قانوني، ففي حين الحبس الإكراهي لم يرد تقريره بقانون الإجراءات الجزائية، ولا يسقط شيئاً من المبالغ المحكوم بها، نجد أن الحبس المقرر بالنص المذكور هو بمثابة استيفاء للمبالغ المحكوم بها للدولة وذلك بواقع مائة ريال عن كل يوم حبس.
علماً بأن هذا الأخير لا ينفذ تجاه المحكوم عليه إلا في حدود مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبمقتضى أمرٍ صادرٍ من قبل النيابة العامة، حسبما هو وارد بنص المادة (526)/ إجراءات.

* نشرت «النداء» مقتطفات من هذا التقرير الذي أدلى به نبيل المحمدي المحامي في العدد (77) الصادر في 18/10/2006، وأعقب ذلك قيام عشرات المحتجزين بتوكيل المحمدي لمقاضاة المسؤولين عن مأساتهم.