شركة كندية نبهته من خطر إثارة البلابل!.. زفرة باجمال الأخيرة: لا اختصاص مكاني للمحكمة التجارية

- «النداء»:
من المرجح أن يكون غازي الأغبري، وزير العدل، أبرز المستفيدين من تكليف علي مجوَّر بتشكيل حكومة جديدة، لأنه لن يكون مضطراً إلى لي عنق القانون لتنفيذ آخر التوجيهات الواردة إليه من رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال.
في 21 مارس الفائت غمرت باجمال موجة من المشاعر الأمومية، فتملك الحنان قلبه على شركة كندية تُلاحق قضائياً لدى المحكمة التجارية في العاصمة. فاض حنان رئيس الحكومة على الورق فإذا به، سافراً، يتدخل في شؤون القضاء، من خلال إصدار توجيه إلى وزير العدل يطلب فيه كف المحكمة التجارية عن النظر في القضية.
عبدالقادر باجمال الذي لم يفته في توجيهه إلى وزير العدل التأكيد على تحقيق غايات القانون اليمني بصورة كاملة، واصل التمثيل بالقانون اليمني والتنكيل بسلطة رئيس المحكمة التجارية بالعاصمة القاضي فهيم عبدالله محسن، مقرِّراً أن الاختصاص المكاني معقود للمحاكم الكندية وليس للقاضي فهيم الذي ينظر في القضية منذ نوفمبر الماضي.
قبل أن يضع توقيعه على التوجيه، تنبه باجمال إلى أن الوزير الذي يملي عليه تعاليمه القانونية، ليس شخصاً عادياً بل أستاذ قانون سبق أن ترأس الشعبة التجارية في محكمة الاستئناف. ويبدو أن ذلك هو سبب نوبة التواضع التي دهمت رئيس الحكومة المجرِّب ذا المعارف والاهتمامات المتنوعة. وهو سارع إلى إضافة جملة أخيرة: «والأمر لكم لتكييف الوضع القانوني»، ختم توجيهه إلى الوزير الأغبري.
قبل 5 أشهر كان باجمال أقل ميلاً للتدخل في شؤون القضاء، وكان له رأي مختلف في جدارة القضاء اليمني، إذ وجه وزير النفط والمعادن في 1 أكتوبر 2006 بالإطلاع على مذكرة شركة كهرباء الزرقاء التي تطلب التدخل لإطلاق حصتها من حصة الشركة الكندية، «وإحالة الموضوع إلى القضاء ليتم الفصل فيه».
المؤكد أن القضاء الذي قصده رئيس الوزراء في الخريف الماضي لم يكن القضاء الكندي بل اليمني، وكذلك سارت الأمور.
بادرت الشركة السعودية إلى طلب استصدار أمر ولائي بإيقاع حجز تحفظي استحقاقي على النسبة المستحقة لها (10٪_) من حصة الشركة الكندية من صافي انتاج القطاع النفطي رقم (9) والتي تبلغ 30٪_.
اطلع رئيس المحكمة التجارية على الطلب ومرفقاته وأمر في 19 نوفمبر الماضي بإيقاع الحجز التحفظي على ما يساوي 10٪_ من الحصة المقررة للشركة الكندية (كالفالي بتروليم) من صافي إنتاج القطاع رقم 9 بموجب اتفاقية المشاركة بين الشركة الكندية ووزارة النفط.
في 3 ديسمبر وجه وزير النفط المسؤولين في هيئة استكشاف النفط والمؤسسة اليمنية للنفط والغاز والمدير التنفيذي لشركة صافر ومدير عام الحسابات النفطية، بتنفيذ امر المحكمة، وعدم التصرف بالنسبة المحجوزة من حصة كالفالي «إلا بأمر من نفس المحكمة»، كذلك وجه الوزير بوازع من احترام القضاء وإعلاء كلمته.
واصلت المحكمة المختصة النظر في القضية لكن التشويش على «هيئتها الموقرة» بدأ عبر مذكرات من جهات في السلطة التنفيذية. ورداً على مذكرة أخرى من وزارة النفط بشأن أمر الحجز، أبلغ القاضي فهيم وزير النفط في 14 مارس الماضي بأن الأمر الصادر من المحكمة ما زال قائماً، وعلى الجهات المعنية في السلطة التنفيذية الالتزام بقرار المحكمة التي تتوخى «ضمان حقوق الأطراف إنْ ثبت لطالب الحجز (شركة كهرباء الزرقاء) شيء».
لجأت الشركة الكندية قبيل عيد الأم (!) إلى رئيس مجلس الوزراء ترجوه اتخاذ الاجراءات اللازمة «لضمان حق الشركة، وشريكتها الحكومة اليمنية من التلاعب وإثارة البلابل»، حسبما جاء في مذكرة نبيل ناصف المدير العام للشركة. أضاف مدير الشركة أن «الموضوع (أي الاتفاق بين الشركتين وبالتالي الدعوى) وقع خارج اختصاص المحاكم اليمنية من وجهة نظر القانون الكندي حيث وقعت الاتفاقية».
أعلى مذكرة الشركة الكندية ارتسم في 21مارس التوجيه (الحنون) لرئيس الوزراء، وفيه إساءة صريحة للقاضي الذي ينظر في القضية.
حسب مصادر قانونية فإن الشركة الكندية سارت في اجراءات التقاضي بشكل اعتيادي «مُسلِّمة باختصاص المحكمة».
وأكدت المصادر أن الشركة الكندية لم تدفع باختصاص المحكمة التجارية منذ بدء اجراءات التقاضي. واستغربت إقدام رئيس الوزراء على التدخل في سير القضية.
يبقى أن مدير الشركة الكندية حذر من إثارة البلابل (جمع بلبلة)، ومعلوم أن الحكومة اليمنية دأبت على محاكمة الصحفيين بتهمة إثارة البلبلة. ومنذ مطلع مارس تم توسيع نطاق استخدام تهمة «إثارة البلبلة» ليشمل التجار (الغرفة التجارية في العاصمة). والآن فإن نظر قاض في قضية تقع في صميم اختصاصه بات مثيراً للبلبلة.
ربما توجب على القاضي فهيم عبدالله محسن رئيس المحكمة التجارية بأمانة العاصمة أن يتقدم بطلب انتساب إلى نقابة الصحفيين، ليتمتع بامتيازات الصحفي المتهم بإثار البلبلة!