فريد الظاهري يغادر المسرح في يومه العالمي

فريد الظاهري يغادر المسرح في يومه العالمي

صبيحة اليوم العالمي للمسرح فارق فريد الظاهري مسرح الحياة.
نهاية مشهدية تليق بفنان كرَّس حياته للفن في بلد مُنذر للغلبة، ومحكوم بتراتبية مؤسسة على الامتيازات المورَّثة لا المزايا المكتسبة.
أمضى فريد ساعاته الأخيرة ليل الاثنين في مسرح المركز الثقافي في مدينة إب يحضِّر لأوبريت «نقوش الأحفاد في الوطن الأخضر»، العمل المعد لاحتفالات إب بالعيد الوطني. في ساعة متأخرة غادر المركز، وبعد 3 ساعات فارق الحياة فيما يشبه المفارقة.
«لم يسبق للمسرح أن شهد واقعة مماثلة»، قال عبدربه الهيثمي المسرحي المعروف، الذي تحدث لـ«النداء» مساء أمس عن صديق متعدد القدرات وخارق الموهبة «أفنى حياته في المسرح».
الهيثمي لفت إلى تفاؤلية الظاهري، التي مكنته من مجابهة الإحباطات والعوائق والأشراك في بيئة تنبذ المبدعين، وتأكل مواهبهم وأحلامهم. وذكَّر بمعاناة «الفنان الباهر في أعماله الاستعراضية»، وتقاعُس الجهات المختصة عن توفير مستلزمات علاجه في الخارج.
قال الهيثمي بصوت متهدج: «اضطررت يوماً ما لأن أوجه نداءً باسمي لإنقاذ حياته».
فريد الظاهري المولود في 1957، أمضى طفولته وصباه في مدينة تعز، وظهرت مواهبه الفنية منتصف السبعينات أثناء انخراطه في الأنشطة الطلابية والرياضية والكشفية التي زخرت بها المدينة عهدذاك. وتابع دراسته العليا في أوكرانيا حيث نال الماجستير في الإخراج المسرحي (1985).
خلال مسيرته الفنية حاز على العديد من الجوائز، أبرزها وسام الاستحقاق للآداب والفنون، والجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن عمله الاستعراضي «خيلت براقاً لمع»،(2000)، والجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن عمله «من حقي أن أتعلم»(2001).
عشية وفاته كان الظاهري يبذل جهداً مضاعفاً لإنجاز الأوبريت المعد للعيد الوطني، حسبما قال لـ«النداء» عدد من العاملين في فريقه.
«رغم متاعبه الصحية كان يفرط في العمل، ويعمل على ابتداع معالجات سريعة للمشكلات التي تواجهنا»، أوضح الكاتب المسرحي والسيناريست خالد الكريزي الذي تعرف على الظاهري عام 1993 وأنجز معه مسرحية «البطل س» المرشحة للمشاركة في مهرجان المسرح التجريبي في القاهرة الصيف المقبل.
أضاف الكريزي: «اعتمدنا عليه بشكل كلي، ولذلك كانت وفاته بمثابة الفاجعة»، ثم واصل: «كل شيء جاهز لإنجاز اللوحة التي صممها (الأوبريت)»، قبل أن يستطرد: «نعاهده بأن نكون أوفياء، وعمله سينجز بإسمه».
«نحن منهارون الآن»، نقل توفيق الفهد الممثل المسرحي الشاب حالة الفريق الذي عمل خلال الأسابيع الماضية مع الظاهري على إخراج الأوبريت. وهو أضاف: «كان الجدار الذي يقينا».
طبق مصادر عديدة في مدينة إب فإن الظاهري الذي يعاني من مشاكل في السكر وضغط الدم، واجه تعقيدات بيروقراطية متنوعة خلال الأيام الأخيرة. وأفادت مصادر محلية في إب بأن الظاهري عانى من قرارات ارتجالية من مسؤولين في إب والعاصمة. وأوضحت أن اللوحة الشعبية التي صممها ليشارك في أدائها نحو 4000 طالب وطالبة، واجهت العديد من الإرباكات، بينها تقليص عدد الطلاب إلى 2500 ثم إلى أقل من 1500.
وقال مصدر موثوق به في المحافظة إن الظاهري كان مستاءً من قرارات متصلة بمشروعه، صادرة من مسؤولين في العاصمة ومدينة إب.
وبشأن مصير المشروع الذي مات وهو يعد له، أفاد المصدر بأن فريق العمل عازم على إنجاز المشروع، موضحاً أن زوجة الظاهري الفنانة سلمى الظاهري أبدت أمس حرصها على إتمام الأوبريت، واستعدادها شخصياً للاسهام في ذلك.