باعت كل ما تملك وأصبحت مهددة بالتشرد.. أمل السوقي ورحلة عذاب خلف سراب في دهاليز مصلحة أراضي عدن

باعت كل ما تملك وأصبحت مهددة بالتشرد.. أمل السوقي ورحلة عذاب خلف سراب في دهاليز مصلحة أراضي عدن

تبدد حكمها وتحول إلى أمر مستحيل وصعب المنال. ذهبت زهرة عمرها، وأنفقت كل ما تملك. بعد ما أنفقت تحويشة العمر، أثقلتها الديون وتزايدت عليها الاعباء حتى صارت كالجبال لا تعرف منها خلاصاً. هذه مأساة امرأة ضحية اخطبوط الفساد، وتماسيح الاراضي في محافظة عدن. اكثر من عشرين عاماً وأمل السوقي تجري خلف سراب بين اروقة ودهاليز مصلحة الاراضي وعقارات الدولة في محافظة عدن التي كانت في زمن ما مثلاً للانضباط وسيادة القانون. لم تترك صغيراً ولا كبيراً من المسؤولين المتعاقبين على هرم السلطة في الجنوب سابقاً والعاصمة الاقتصادية والتجارية لوطن الوحدة حالياً، إلا وترددت عليه وحصلت منه على التوجيهات اللازمة لمنحها قطعة الارض التي امضت طيلة هذه الاعوام وهي تتابع اجراءات تمكينها منها. وفي كل مرة كانت تعود إلى نقطة الصفر وتبدأ المشوار من جديد لماذا يحدث كل هذا العناء لهذه المرأة المسكينة؟ ما هو الذنب الذي ارتكبته لتلقى كل هذه العذابات من المسؤولين في مصلحة اراضي وعقارات الدولة في عدن الذين لم ينصاعوا للأوامر العليا بتمكين أمل من ارضها؟!
قصة أمل السوقي بدأت عام 1984م، كما تقول، حين صرفت لها ارضية في منطقة الرميس بكريتر. وسرعان ما وقعت عليها انظار حمران العيون ليسلبوها منها. وتمر خمسة أعوام تحصل بعدها على تعويض في مكان آخر وفي نفس المديرية، وهذه المرة في شارع الخساف خلف سينما الحرية. ومنذ ذلك الحين وأمل تنتظر الانصاف ومنحها حقها الذي دفعت فيه اكثر من اربعة ملايين ريال لتعويض اصحاب الاكشاك السبعة التي كانت قائمة في الارضية وإزالة العوائق وتنظيف الموقع، حسب ما طلب منها في ذلك الحين.
ولأنها لا تملك هذا المبلغ الكبير لسداد التعويض اضطرت أن تضحي بعقار زوجها الوحيد وهو منزل حديث في مشروع حي عبدالعزيز السكني في منطقة الشيخ عثمان!!
وهي الآن دون مأوى خاص بها وتعيش مع زوجها وأولادها في منزل أهل زوجها المكوَّن من غرفة واحدة وصالة صغيرة وهو من البيوت القديمة المعروفة بضيق مساحتها ولكن الظروف القاسية هي التي حكمت عليها وشاءت الاقدار ان تجعلها مهددة بالتشرد ما لم تحصل على الأرض التي استوفت جميع اجراءاتها خصوصاً وقد وصل الأمر إلى رئيس الجمهورية وهو أعلى سلطة تنفيذية في الدولة، ولكن اصرار قيادة مصلحة الاراضي في عدن على قهر هذه المرأة يجعل كل آماها تتبخر في الهواء.
حين حدثتني أمل السوقي كانت شاردة الذهن منقطعة الافكار، صوتها خافت وبالكاد استطيع سماعه، ولو أنني واصلت الحوار معها لانهارت من شدة الحزن.. كانت تحاول حبس دموعها، وتعجز احياناً عن فعل ذلك فيتساقط على خدها الذي خطت فيه السنون علامات الارهاق، الكد، والتعب. لم تعد قدما أمل قادرتين على حملها فقد تشققتا وتورمتا، واصبحت تعاني من آلام المفاصل ولا تدري متى ينتهي عذابها. أمل السوقي نموذج لامرأة وقعت ضحية اكاذيب ودجل الرجال وزيف المسؤولين. وكشفت حكايتها جشع وطمع اصحاب النفوذ الذي لا يتوقف عند حد حتى وإن كان مالاً أو عقاراً لامرأة فقيرة!
تعرضت لشتى صنوف القسوة من اهانات وضرب وتهديد ومحاولة اختطاف ولكنها ما زالت تحلم انها ذات يوم ستنتصر!!