إجماع برلماني وحكومي على أهمية المصادقة على نظام روما

إجماع برلماني وحكومي على أهمية المصادقة على نظام روما

- حمدي عبدالوهاب الحسامي
«المحكمة الجنائية الدولية وتطور القانون الجنائي الدولي» كان عنوان الندوة التي عقدها مجلس النواب الأحد الماضي بالتعاون مع السفارة الألمانية ومؤسسة فريدريش إيبرت.
الندوة التي ترأسها نائب رئيس مجلس النواب عبدالوهاب محمود، إتفق فيها نواب من مختلف القوى السياسية على أهمية مصادقة البرلمان على اتفاقية نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية.
حيث أكد النائب سلطان البركاني رئيس كتلة المؤتمر ونائبه ياسر العواضي على الوقوف إلى جانب انظمام اليمن إلى الاتفاقية وأن كتلة المؤتمر سوف تصوت للمصادقة عليها.
فيما أعلن النائب عبدالله المقطري عضو كتلة الوحدوي الناصري تأييده للأتفاقية والمصادقة عليها وقال أنه لا يوجد عوائق دستورية لانظمام اليمن إلى المحكمة الجنائية.
كما ان ممثل الحكومة السفير غالب العدوفي استعرض موقف اليمن من الاتفاقية ورأى بأنها لا تتعارض مع مواد في الدستور. داعياً البرلمان إلى المصادقة عليها.
فيما اعتبر محمد الطيب رئيس لجنة الحقوق والحريات بمجلس الشورى ان من مصلحة اليمن المصادقة على الاتفاقية.
القاضي هنز بيتركول رئيس الشعبة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قال إن على البعض أن يدرك أن المحكمة الجنائية لا تمثل تهديداً لسيادة الدولة ولا لمبدأ استقلال المحاكم الوطنية بل إنها تعزز عمل المحكمة الجنائية ومبدأ التكامل وسيادة الدولة.
وأضاف أن بالامكان اعتبار المحكمة ونظام روما قوة دافعة وربما أهم جهة مروجة لحقوق الانسان ولمزيد من العدالة الدولية. كما استعرض مهام المحكمة ومبادئها وعلاقتها بالمحاكم الوطنية.
مجلس النواب في جلسة الثلاثاء الماضي استعرض تقرير اللجنة الدستورية حول دراستها لنظام روما والذي أوصت فيه بأن تكون مصادقة البرلمان على النظام مقرونة بتعديلات دستورية لوجود تعارض بينهما.
النائب عبدالرزاق الهجري عضو اللجنة الدستورية قال إن اللجنة في تقريرها أخذت برأي واحد في الوقت الذي كان هناك رأيان في اللجنة: الأول يرى تعارضاً بين نظام روما ومواد في الدستور وهو ما أخذت به اللجنة في تقريرها. والثاني يرى عدم وجود تعارض، وهو ما أغفلته اللجنة.
ائتلاف منظمات المجتمع المدني وقفت في اجتماعها الخميس الماضي أمام تقرير اللجنة الدستورية في مجلس النواب. وقالت أنه لم يبقى أمام مصادقة اليمن على نظام روما سوى اجراءات شكلية ومماطلة من قبل اللجنة الدستورية التي قدمت رأياً سلبياً في اشارتها إلى أن مصادقة اليمن على الاتفاقية يمس بالسيادة والحصانة واستقلالية القضاء. وأشار الإئتلاف أن رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وغالبية اعضاء مجلسي الشورى والنواب مع انظمام اليمن إلى نظام روما.
واعلن الإئتلاف في بيانه عن استغرابه واستنكاره لتقرير اللجنة الدستورية راجياً من اعضاء البرلمان الوقوف بجدية امام موضوع المصادقة على النظام لما له من أهمية ومصداقية بالحقوق الانسانية ومشاركة اليمن في المنظومة الدولية. داعياً السلطة التنفيذية والتشريعية إلى المزيد من الشفافية، والكشف عن أي أسباب أخرى غير ما ذكره تقرير اللجنة. مذكراً أن اليمن قد صادقت على اتفاقيات اخرى مشابهة من دون النظر إليها بأنها تمس السيادة الوطنية كإتفاقية مكافحة الفساد.
وأضاف أن النظام تطور إنساني ضد مرتكبي جرائم بحق الانسانية وجرائم الحرب. كما أضاف أنه لا تستوجب المصادقة على النظام تعديلاً في الدستور.
المحامي خالد الآنسي قال إن نظام روما لم يدرس من قبل اللجنة على اساس دستوري وقانوني وإنما برؤية سياسية تتعارض مع مواقف سابقة لليمن.
وأضاف أن المبررات التي ساقتها اللجنة بشأن عدم جواز محاكمة الشخص اكثر من مرة، لا تستند على اساس قانوني باعتبار أن نظام روما يمنع تكرار العقاب وأنه يرفض الاعتراف بالمحاكمات الصورية والوهمية وإن هذا الاجراء هو الذي يميز المحكمة الجنائية وأن التخوف من هذا الامر تبريرات سياسية نظراً لازدواجية المعايير الدولية. وكان الأحرى أن يكون ذلك التخوف من جميع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن.
واستغرب من القول أن نظام روما يستهدف رئيس الجمهورية ويخل بمبدأ الحصانة كما جاء في تقرير اللجنة. وقال ان الحصانة في اليمن حصانة اجرائية لا تمنع المساءلة في الجرائم التي فيها انتهاك للحقوق والحريات.
وأضاف أن النظام لا يتعارض مع مبدأ عدم تسليم المواطنين باعتبار ان عملية التسليم تتم بين دولتين كل منهما طرف في الاتفاقية، وأن المحكمة الجنائية ونظامها تعد بمجرد المصادقة عليها وفقاً لشراح القانون جزءاً من الاطار القضائي والقانوني للبلد.
وكانت اللجنة الدستورية والقانونية بمجلس النواب ذكرت في تقريرها أن نظام روما الاساسي يتعارض مع مواد في الدستور متعلقة بالسيادة والحصانة وتسليم المواطنين واستقلال القضاء.
وقالت اللجنة ان الفقرة (2) من المادة الرابعة من النظام حول وظيفتها وسلطتها في أي دولة مصادقة على الاتفاقية تعارض المادة (149) من الدستور وأنه يمثل انتهاكاً للسيادة الوطنية وإن هذا الاختصاص حق أصيل للسلطة القضائية. كما أوضحت أن جواز إحالة المواطنين إلى المحكمة الجنائية للتحقيق معهم ومحاكمتهم يتعارض مع المادة (45) من الدستور الذي ينص على عدم جواز تسليم أي مواطن لجهة أجنبية.
وأضاف التقرير أن نظام روما في مادته (27) التي تعطي الحق للمدعي العام للمحكمة بتوجيه الاتهام، وطلب التحقيق والقبض والإحالة إلى المحاكمة لأي شخص من دون اعتبار للحصانة والصفة الرسمية يخالف المواد (82) و(128) و(139) و(151) من الدستور المتعلقة بحصانة عضو البرلمان ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونوابه والقضاة واعضاء النيابة.
نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية وقع عليه في عام 1998 في مدينة روما ودخل حيز التنفيذ عام 2002 بمصادقة 66 دولة. وبلغت الدول المصادقة عليه حتى هذا العام (100) من ضمنها دولتان عربيتان هما: جيبوتي والاردن.
وتبلغ عدد الدول العربية التي وقعت على الاتفاقية (13) دولة بدون المصادقة عليه حتى الآن, ومن ضمنها اليمن. ومن المتوقع أن يصادق عليه البرلمان في دورته الحالية. يذكر أن الحكومة اليمنية وقعت على الاتفاقية عام 2000 وأحالته إلى مجلس النواب للمصادقة عليه في 2004م.
المحكمة الجنائية الدولية تختص بجرائم الإبادة ضد الانسانية وجرائم الحرب والعدوان. ولا تنظر في الجرائم التي وقعت قبل عام 2002 تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
الندوة سبقها إقامة معرض صور لضحايا الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحروب والإبادة الجماعية.
[email protected]