من محوى المهمشين إلى الهواء الطلق: ثلاث نساء.. وثلاثون ألف أمنية

من محوى المهمشين إلى الهواء الطلق: ثلاث نساء.. وثلاثون ألف أمنية

- فكري قاسم
* بوب مارلي..
كان أسمر البشرة وجاعد الشعر. غير أن هذا لم يمنعه من أن يصبح فناناً يعشقه البيض قبل السُمر.
كم رقص الأمريكان والكوبيون والأسبان على أنغام أغانيه ودخان سيجارة "الحشيش" التي لم تكن تفارق شفتيه إطلاقاً!
* من كوبا.. إلى "المحوى" الطيني، حيث يسكن المهمشون في تعز.
من ناطحات السحاب إلى البيوت المصنوعة من "الزنكـ"، والقلوب المصنوعة من الفخار الأبيض، وإن بدت وجوهنا أكثر سمرة، وأكثر تعباً! غير أن ذلك لم يمنع "ذكريات، وبرديس، وهدى" من أن يغردن بأصواتهن، ويرقصن مثل زهور "غردينيا" في عُتمة عادات لا ترحم.
 ثلاث فنانات تختلف أسماؤهن، وملامحهن، أحلامهن حد التوأمة، لذا أطلقن على أنفسهن فرقة "التوائم" للغناء الشعبي.
 
تعريف
* أكبرهن (ذكريات علي مرشد، 35 سنة).. بدأت الغناء قبل (15)سنة، حد قولها، بتشجيع من زوجها. أما هدى (23 سنة) تغني في المنازل دائماً وفي الاحتفالات الأسرية.
فيما "براديس" أصغرهن (17 سنة)، تغني في حفلات الزفاف النسائية باستمرار. وهي بالممناسبة إبنة قائد الفرقة الغنائية المايسترو (ذكريات). 
* ثلاثتهن يعشقن الغناء اللحجي ويعترفن بفضل الفنان "صالح الجعدني"..
تقول "ذكريات": "هو أول من قدمنا، وشجعنا على الاحتراف". وكان "التوائم" من قبل يغنين ربما نكاية بالملل الجالس في قلوبهن فقط. ثم أصبحن يغنين الآن نكاية بالملل الضارب قلوب كل الناس!
 
بدايات 
* رغم بداياتهن المتفاوتة، وظهورهن في صالات الأفراح الشعبية، إلا إن أول ظهور حي لهن وجهاً لوجه مع الجمهور، كان في احتفالات بلادنا بالعيد الوطني ال(13) للوحدة اليمنية، داخل ملعب الشهداء بتعز.
* حول ذلك قالت "ذكريات" كمن اكتشف شيئاً مهماً: "لأول مرة أشعر بأني مواطنة يمنية عندما شاركت في مثل هذا الاحتفال المهم" هكذا قالت ذكريات. فيما هدى من الفرحة بكت، حد قولها. وأضافت: "كنا نعتقد أن مثل هذه المشاركات والاحتفالات، ليست لنا. كنا نشعر أننا من بلد غير البلد".
أما "برديس"أدارت شريط الذكريات وتبسمت تقول: "يومها، عرفت معنى عيد الوحدة".
 
مفارقات
* كبار الفنانين يطمحون للعيش اعتمادا على المردود المادي من الفن. لكن "ذكريات" ترى أن الرزق على الله، و"يكفي أكون مشهورة، وأسعد الناس هذا أكبر دخل بالنسبة لي".
وتضيف برديس:"أتمنى أن أغني في كل مكان. والفن بالنسبة لي طريق مشيته، طالما ووالدي الله يستره يشجعني على ذلكـ".
وفي ركن مقابل، كانت "هُدى" تهز رأسها بفخر وتتحدث:"من خلال مشاركاتنا في حفلات الزفاف نكسب رزق حلال، ونعيش بكرامتنا. هذا يكفي. ويكفي أيضاً أن الفن يعلمنا الأحساس بالناس، وباقي أحلى من هذا؟!".
 
أشخاص في حياتهن
* هدى تبدو متأثرة جداً بأغاني الفنان "عبادي الجوهر" و"مزعل فرحان"، وكذا "عبد الله الرويشد" و"محمد سعد عبد الله". قالت إن ثمة حزن يتربى في أعماقها، و"وحدها الأغاني تستطيع اكتشافه".
وعلى عكسها "ذكريات" تعشق لون الغناء اللحجي والصنعاني وتغني هذين اللونين في أغلب حفلات الزفاف. قالت: "الإنسان لازم يعتز بتراث بلده، وتراثنا غني". وأردفت:"هوصح، غنى وإلا لأ".
 أما"برديس" رغم أنها لا ترتدي (نظارة) إطلاقاً، لكنها تبدومتأثرة جداً بالفنانة "عزيزه جلالـ".. قالت:"أتمنى أن أكون مثلها".
سر عطاء فرقة التوأم الشعبية في أحد محاوي المهمشين في تعز، هو أن كل واحدة منهن لديها زوج يتفهم جيداً حبها للغناء.
وهمست ذكريات:" هم أصلاً فنانين". وعزت حظهم العاثر بأنهم أصلاً فنانون لم يلقوا رواجاً وتشجيعاً مثل زوجاتهم اللواتي كن أكثر حظاً من كل رجال المحوى وليس الأزواج الثلاثة فقط.