التقرير الوطني اليمني الثالث للتنمية الإنسانية: مؤشرات التعليم والمعرفة هي الأدنى ومدرسو الجامعات لا ينجزون أبحاثاً إلا لغرض الترقية

التقرير الوطني اليمني الثالث للتنمية الإنسانية: مؤشرات التعليم والمعرفة هي الأدنى ومدرسو الجامعات لا ينجزون أبحاثاً إلا لغرض الترقية

- عبدالكريم سلام
كشف تقرير التنمية الوطني اليمني الثالث الذي أعدته وزارة التخطيط والتنمية بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، ونشرته الحكومة اليمنية مؤخرا، أن اليمن يعاني من فجوة معرفية وثقافية ومعلوماتية كبيرة تعد الأوسع على مستوى العالم العربي والبلدان النامية.
ورسم التقرير، الذي جاء محاكيا لتقرير التنمية العربية الصادر عام 2003، صورة قاتمة لأوضاع المعرفة في اليمن على صعيد الثقافة والتعليم والمعلوماتية. مبرزا أن اليمن احتل المرتبة العاشرة بين الدول العربية في عدد مراكز البحث العلمي. إلا انه أبان أن النشاط البحثي لتلك المراكز مبتدئ وبسيط وهي تفتقد إلى الترابط والتنسيق فيما بينها. وتتركز مراكز البحث في الجامعات وخاصة جامعتي صنعاء وعدن وتنشط في البحث العلمي والأكاديمي المرتبط بالدراسات العليا، بالإضافة إلى الجهود البحثية لأعضاء هيئة التدريس بغرض الترقية العلمية، ويكاد يكون جل الأبحاث المنجزة في إطار هذه المراكز محصورا في الإطار النظري ولا يصب في خدمة المجتمع وأنشطته
كما توجد 9 مراكز بحثية تابعة للحكومة كوحدات بحثية في بعض الوزارات علاون على 40 مركزا اهليا إلى حدود نهاية العام 2003م وجميعها انشطتها محدودة أغلبها لا يمتلك مقومات العمل البحثي ولا سياسة واضحة ولم تستطع تحقيق الأهداف المرجوة. وباحتساب عدد الباحثين بالمفهوم الواسع، الذي يفترض ان أعضاء هيئة التدريس يقضون ثلث وقتهم بالبحث، يصل عددهم بالكاد إلى 2972 وهو ما يعادل 148 لكل مليون نسمة وهو من اقل المعدلات في المنطقة العربية. وينفق اليمن على البحث العلمي ما نسبته 0.1 % من الناتج المحلي الإجمالي تذهب معظمها كمخصصات للمرتبات والنفقات الجارية. وهي نسبة متدنية مقارنة ببعض البلدان التي تتراوح فيها هذه النسبة من الناتج المحلي الإجمالي بين 2-5 % في البلدان المتقدمة و0.2 % في البلدان العربية
وعلى مستوى نشر الأبحاث يحتل اليمن المرتبة 18 بين البلدان العربية ويهيمن على الإنتاج الفكري الإصدارات الأدبية بنسبة 36 % تليها إصدارات العلوم الإنسانية والاجتماعية بنسبة 17.8% مقارنة ب 5 % في العلوم الطبيعية والتطبيقية والتي احتلت المرتبة الأخيرة.
وعلى مستوى التعليم المهني يعد اليمن من اقل البلدان العربية في استيعاب المنخرطين في هذا المجال ب 8.094 طالب منهم 4.3 إناث فيما يبلغ العدد 121744 في سوريا وفي العراق 81850. ويعد العدد اقل حتى من البلدان ذات الكثافة السكانية المنخفضة كالإمارات العربية التي يبلغ العدد فيها 14388 طالبا وطالبة.
وثمة علاقة بين الفقر ومستوى التعليم حيث 87 % من السكان الفقراء يعانون من الأمية أو لم يكملوا تعليمهم الأولي. وترتفع نسبة الأسر التي أربابها أميون إلى 47.3 في المائة تليها الأسر التي يجيد فيها رب الأسرة القراءة والكتابة أو أكمل التعليم الأولي فقط وبنسبة 38.6 في المائة وتنخفض إلى 22 في المائة في الأسر التي حاز عائلوها على تعليم ما بعد الثانوية
 ويقدر معدل الالتحاق بالتعليم للسكان من الفئة العمرية الموازية للتعليم العام ( أساسي، ثانوي ) حوالي 59.6 في المائة فقط مما يترك حوالي 2.9 مليون من الفئة العمرية خارج المدرسة منهم 1.9 مليون فتاة.
ويبلغ معدل الالتحاق بالتعليم الأساسي للفئة العمرية ( 6-14 )سنة حوالي 64.4 % وهو معدل منخفض مقارنة بمثيلاته في البلدان النامية (83 % المغرب 90 %، مثلاً) الأردن وهي دول تتساوى تقريبا مع اليمن في نسبة الإنفاق على التعليم. وتقدر نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي ب 39.3 في المائة للفئة العمرية الموازية ( 15-17 ) سنة لا تمثل الإناث سوى 24 % وهو اقل من نصف مثيله من الذكور البالغ ( 53.4 % ) فضلا عن ذلك تعد الكفاءة الداخلية للتعليم عموما وللتعليم الأساسي خصوصا منخفضة نتيجة لارتفاع معدلي التسرب والرسوب.
وتعاني 61 % من المباني المدرسية من غياب التجهيزات اللازمة للإدارة المدرسية و94 % لا تتوفر فيها غرف للمكتبة المدرسية و95% تفتقر لغرف النشاط المدرسي، كما تفتقر معظم المدارس إلى مقومات النشاط المدرسي كالمرافق الصحية والكهرباء ونقص الكراسي.
ويتجاوز الانفاق العام على التعليم المعدل العالمي الذي اوصت به اليونسكو حيث بلغ عام 2003 17.2 % من الإنفاق العام وبما يعادل 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي يستأثر الإنفاق الجاري منه بنسبة 90% والباقي لمواجهة الإنفاق الاستثماري.
ويذهب التقرير إلى أن ارتفاع نسبة النمو السكاني المقدر ب 3.5 % يشكل ضغطا كبيرا على النفقات في الوقت الذي يعاني من تدني موارده الاقتصادية.
وعلى صعيد انتشار الانترنت في اليمن قدر التقرير معدل استخدام الانترنت بحوالي 15 من كل 10.000 شخص وهو الأدنى في المنطقة العربية مقارنة ب17 في السودان و93 في مصر و412 في الأردن مع أن متوسط انتشار الانترنت في هذه الدول 2.6 لكل 100 شخص وهي نسبة متدنية مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 10.5 % والبيانات المتاحة في المواقع الحكومية والمختلطة قديمة ويصعب الوصول إليها عبر محركات بحث عربية أو دولية.
وفي السياق ذاته يتدنى عدد الأطر المؤهلة للتعامل مع تكنولوجيا المعلومات إلى حوالي 4 آلاف طبقا لمؤشرات العام 1998 م. ومع أنها تكون قد تضاعفت منذ ذلك الحين إلا أنها تظل متدنية جدا مقارنة بعدد المشتغلين في الاقتصاد الوطني البالغ 3.9 مليون عامل وعاملة.
ويخلص المتأملون في هذه الأرقام من باحثين ومحللين، حول الوضعية العامة للتعليم والمعرفة والثقافة. كما كشف عنها التقرير والذي يقوم على التحليل والرصد العلمي. إلى أن ما كشفت عنه تلك المؤشرات لا تشكل إلا صك إدانة للسياسات وللمؤسسات المعنية التي ما انفكت يوما عن التذكير بمنجزاتها حسب من صعقوا بالمؤشرات وخاصة على صعيد البحث العلمي والمؤسسات الجامعية والبحثية التي ظهر أنها بعيدة عن مسألة البحث العلمي وعلى النحو الذي كشف عنه هذا التقرير.