راقي زنقلي - خبير منظمة الصحة العالمية لـ«النداء»: لا يوجد أي برنامج لإدارة المخلفات الطبية في اليمن، وأغلب أمراض الالتهاب الكبدي قد يكون بسبب تلك المخلفات

راقي زنقلي - خبير منظمة الصحة العالمية لـ«النداء»: لا يوجد أي برنامج لإدارة المخلفات الطبية في اليمن، وأغلب أمراض الالتهاب الكبدي قد يكون بسبب تلك المخلفات

- بشرى العنسي
مشروع قُدِّر كلفته بمليون و 200 ألف دولار بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية وأمانة العاصمة، وبدأ العمل فيه فعلاً منذ فترة ليكون أول مشروع لإدارة المخلفات الطبية في اليمن، والمتمثل بمحارق مختصة، أُثبت عدم جديته (أي المشروع)، خصوصاً أن مثل هذا النوع من المحارق يشترط فيه مواصفات عالمية عالية، ويتطلب أموالاً ضخمة. مما يدعو للتساؤل عن مصير مشروع كلف هذا المبلغ، وعمَّا إذا كانت تلك المواصفات قد أخذت بالاعتبار، من خلال دراسة جادة ومسبقة للمشروع.
أشياء أخرى متعلقة بالموضوع حاولت «النداء» أن تستفسر عنها من خلال لقائها بالخبير الدولي من منظمة الصحة العالمية، راقي زنقلي، وذلك بعد الجولة التي قام بها في عدد من محافظات الجمهورية لمعرفة كيفية التعامل مع المخلفات الطبية ولوضع خطة لإدارة تلك المخلفات مع الفريق الوطني. إليكم مقتطفات من اللقاء:

* خلال الجولة التي قمتم بها لبعض محافظات الجمهورية كيف لاحظتم الوضع بالنسبة للتعامل مع المخلفات الطبية؟
- بصفة عامة النفايات الطبية غير متطرق إليها، لا في المستشفيات ولا خارجها، ولا يوجد أي نظام لإدارة المخلفات الطبية في اليمن. وصحة المواطن لها أولوية لأنه في خطر مباشر مع النفايات الطبية ويجب التعامل معها برفق وإعداد نظام خاص للتخلص منها بطريقة مباشرة.
* هل تم وضع خطة أو إعداد لهذا النظام الخاص خلال زيارتكم؟
- نحن في منظمة الصحة العالمية اقترحنا برنامجاً أدنى لإدارة النفايات الطبية، وهو برنامج تقليل الخطر الذي يواجه المواطن جراء عدم الإدارة السليمة لتلك النفايات، ويعتمد على أساليب بسيطة وبنظام لا يتطلب كثيراً من التكلفة.
* على ماذا يعتمد هذا النظام؟
- يعتمد على مجموعة من الأساليب التي يمكن تطبيقها بسهولة، كفصل النفايات أو خزنها بالطريقة السليمة ثم تؤخذ بسيارات مخصصة ويتم دفنها بعيداً عن النباشين. ويتطلب ذلك تحديد المسؤوليات وكذلك التوعية، وهو شيء مهم، إضافة إلى تمويل بسيط لتوفير معدات للنقل والردم.
* هل تم تحديد الجهات التي ستقوم بالتمويل لهذا البرنامج؟
- والله نحن سنعرض الأمر على عدد من الجهات سواء محلية أم دولية والجهة التي ستهتم بالموضوع سوف تمول، ونحن سوف نقترح على الهيئة العامة لحماية البيئة ووزارة التخطيط وكل المعنيين بتنفيذ هذا البرنامج الأدنى، والصندوق الاجتماعي للتنمية. وبكل صراحة لا بد ان يشارك الصندوق في هذا البرنامج لأنه مهم ولأن الصندوق قد دعم مشاريع كثيرة أخرى. صندوق النظافة كذلك يمكن أن يساعد.
* هل قمتم بعمل برنامج مماثل في دول اخرى فيما يخص النفايات الطبية الخطرة؟
- بالتأكيد، لقد اشتغلنا في الأردن والسودان وساعدنا السعودية بالإضافة إلى كثير من الدول الأخرى. لكن لكل دولة مشكلة تختلف عن الأخرى فنحن في اليمن سنبدأ ببرنامج ادنى، لعدم وجود أي إدارة للنفايات الطبية مسبقاً. أما الأردن مثلاً فلا يمكن البدء معها ببرنامج مماثل لأن لديها تقنيات وامكانيات ليست لدى اليمن وكذلك الحال بالنسبة للسعودية فلا نستطيع مقارنة اليمن بالأردن والسعودية فلكل دولة متطلبات ونحن نحاول حل المشاكل حسب الامكانيات المتاحة لهم. لكن هذا لا يعني أن اليمن سوف تظل تعمل على البرنامج الأدنى. ففي حال نجح هذا البرنامج بطريقة مستديمة، أي برنامج أدنى مستديم، فإننا سوف نحسنه، فهو برنامج قابل للتحسين وسوف ننتقل إلى مرحلة متطورة اكثر.
* ركزت في حديثك على الأضرار الصحية على الإنسان جراء تعامله مع هذه المخلفات، ألا توجد اضرار بيئية أيضاً؟
- في الزيارة التي قمنا بها قلت لهم إن موضوع البيئة مهم وسنتطرق له لاحقاً. لكن الأهم هو الموضوع الصحي الذي يهدد المجتمع اليمني، فالخطر فعلاً خطر كبير ويمكن أن تكون هذه المخلفات «الطبية» هي السبب بانتشار الإلتهاب الكبدي في اليمن بصفة كبيرة، لذلك يجب تحسين مكافحة العدوى داخل المستشفيات وعزل الخطر عن كل شريحة في المجتمع ابتداءً من الكادر الطبي وحتى النباشين الذين يبحثون في بقايا المخلفات، فأحياناً ترمى بقايا الاعضاء البشرية في القمامة وكذلك بعض الاجنة، فما هو شعور الذين يجدونها سواء من الأطفال أم من النباشين وكذلك العاملين عليها؟! إضافة إلى المشارط والشرنقات التي ترمى ويلعب بها الاطفال في الشوارع وتسبب لهم الامراض التي تكون معدية في الأغلب. لذلك ركزنا على الموضوع الصحي وقدمناه على البيئة.
* كان قد بدأ العمل بإنشاء محرقة خاصة بالنفايات الطبية بأمانة العاصمة/ الأزرقين، هل اطلعتم على هذا المشروع؟
- المحرقة بكل صراحة يجب إعادة التفكير فيها لأن الحرق ليس معتمداً كثيراً في الدول لأنه يسبب مشاكل صحية كثيرة، وهناك بدائل للحرق وهي التفكير بالتكنولوجيا النظيفة، نحن لسنا ضد الحرق ولكن مع الحرق الذي يتماشى مع التقنيات والاشتراطات الدولية المعتمدة وهي غالية جداً ومستحيل أن دولة نامية كاليمن تستطيع ان تنفذها فتكاليفها عالية وكذلك تكاليف صيانتها وربما تشكل عبئاً على الدولة، لذلك نحن نشجع الدولة على تنفيذ التكنولوجيا النظيفة، وهذا في صالح المواطن، إضافة إلى أن الدول النامية يجب ألا تعتمد أشياء أقوى من طاقتها.
* ماذا عن المحارق الخاصة بالمستشفيات؟
- المستشفيات كذلك أنا لا أنصح بالحرق فيها لأن الغازات المتصاعدة تسبب مشاكل للمواطن وخصوصاً في المستشفيات الموجودة داخل المدن والقريبة من التجمعات السكانية، وكثير من المستشفيات تحرق كل شيء وهذا خطير جداً فهناك أشياء لا يمكن حرقها لأنها تضر بالمواطن.
* هل كانت هذه أول زيارة لكم لليمن بخصوص هذا الموضوع (إدارة النفايات الطبية)؟
- هذه أول مهمة رسمية لمنظمة الصحة العالمية في هذا المجال، ولقد كانت زيارة ناجحة ولاحظنا استعداد كل المحافظات التي زرناها (إب، تعز، الحديدة، المكلا، وعدن). ولقينا اهتماماً كبيراً وتجاوباً. وكل ما ينقص الآن هو التمويل، ونحن في منظمة الصحة العالمية لدينا كل الاستعداد للمساعدة، كما أن اليمن بصدد إنجاز مخطط وطني لإدارة النفايات الطبية لجميع محافظات الجمهورية.