فيما التجربة الفلبينية تجني (12) مليار دولار سنوياً.. الحكومة تصفِّي «المغتربين»!

فيما التجربة الفلبينية تجني (12) مليار دولار سنوياً.. الحكومة تصفِّي «المغتربين»!

- علي الضبيبي
يبدو أن الأمر يتجه نحو التصعيد بين موظفي شؤون المغتربين وقيادة وزارة الخارجية، خاصة بعد صدور قرار عن لجنة مشتركة ضمت: الخارجية، الخدمة المدنية، الشؤون القانونية، وجهاز الأمن القومي، يقضي بإلغاء حقيبة المغتربين (الوزارة) وتحويلها إلى «دائرة» في وزارة الخارجية، تستوعب ثمانية موظفين من حملة شهادة العلوم السياسية وشهادة القانون، وتسريح بقية الموظفين البالغ عددهم (110) إلى وزارة الخدمة المدنية كقوى فائضة.
فقد وجه موظفو «المغتربين» ومنهم وكلاء مساعدون ومدراء عموم، الاثنين الماضي، رسالة احتجاج إلى رئيس الجمهورية على المشروع، مؤكدين أنه سيؤدي إلى تشريد عشرات الأسر جراء فقدانهم وظائفهم. كما أوضحوا في رسالتهم أن إلغاء الوزارة وتحويلها إلى إدارة عامة سيؤدي أيضاً إلى فقدان المغتربين للاهتمام ورعاية شؤونهم في الداخل والخارج، خاصة وأن معظم مشاكل الجاليات هي مع السفارات ولا يعقل أن يوكل أمرهم إلى من يشكون منه!!
واعتبر القرار توجهاً حكومياً جديداً للتخلي عن التزامات حكومية تجاه المغتربين، لا سيما وهناك كثير من القضايا في الداخل كانت تتولى الوزارة متابعتها خصوصاً ما يتصل منها بالجمارك أو المحاكم أو لدى وزارة الداخلية.
إلى ذلك فإن الأجدى لليمن أن تراهن كثيراً على تحويلات المغتربين، حيث يوجد نحو مليوني مغترب، ولو تم تحويل مبلغ ألف دولار سنوياً من كل مغترب، كأدنى معدل فإن اجمالي هذه التحويلات سيصل إلى ملياري دولار وهو مبلغ يعادل نصف المبلغ الذي جمع من خلال مؤتمر المانحين الأسبوع الماضي.
يشار إلى أن التجربة الفلبينية لرعاية المغتربين جديرة بالاستفادة، حيث يبلغ دخل الفلبين من تحويلات مغتربيها في الخارج -مع ضآلة المرتبات التي يحصلون عليها خصوصاً وأن معظمهم يعمل في مجال الخدمة المنزلية- (12) مليار دولار سنوياً.
وفيما يتصل بالاستثمارات الخارجية فإن أي رهان على جذب الاستثمارات لا بد وأن يبدأ مع رجال الأعمال والمغتربين اليمنيين أولاً، حيث يمثل المغتربون أداة لجذب استثمارات غير يمنية. كما أن إنشاء شركات مساهمة في الداخل للمغتربين أصحاب الدخول الصغيرة سيؤدي إلى قيام رأسمال نموذجي تمتد فوائده إلى كل شرائح المجتمع، سيما وأن عشرات الآلاف من الأسر تعيش على تحويلات عائليها المغتربين.
المواجهة لم تبدأ اليوم لكنها مرتبطة بتاريخ التشكيل الحكومي الحالي والذي دمج وزارة المغتربين بالخارجية، حيث ظل الوضع معلقاً حتى الآن، وشؤون المغتربين تتعامل بوثائق وزارتهم المدمجة، وختمها، لا سيما بعد أن عين الوزير مديراً عاماً لمكتبه في المغتربين إلى جانب مدير مكتبه في الخارجية.
المقترحات العديدة التي طرحت لتنفيذ قرار الدمج بدأت بإنشاء هيئة للمغتربين تحت إشراف وزير الخارجية، ثم اقتراح آخر بإنشاء قطاع للمغتربين استفادة من تجارب وزارات مماثلة دُمجت من قبل، مثل الشؤون الاجتماعية والعمل، التي قسمت إلى قطاعين على رأس كل قطاع وكيل، حفاظاً على هيكل الوظائف وعدم تضرر موظفي الوزارة الملغاة، كما هو الحال أيضاً مع وزارتي الثقافة والسياحة حيث دمجتا كقطاعين في وزارة، وعند فصل السياحة عن الثقافة استعادت هيكلها الوظيفي الذي كان قد وضع تحت اسم القطاع؛ لكن هذه المقترحات لم تؤخذ في الاعتبار.
وطوال الشهور الماضية لم يحسم وزير الخارجية أمره على الشكل الذي سيتم به تنفيذ قرار إلغاء حقيبة المغتربين، حتى الاسبوع الجاري والخبر الفاجعة. حيث خلص الأمر إلى تحويل وزارة المغتربين إلى دائرة في الخارجية وتسريح غالبية عظمى من موظفيها وإلغاء مهامها في متابعة قضايا المغتربين في الداخل.