الوطن بين السلطة والمعارضة - زيد عبدالوهاب المؤيد

الوطن بين السلطة والمعارضة - زيد عبدالوهاب المؤيد

احتفلت بلادنا، في الشهر المنصرم، بالعيد السادس عشر لقيام الوحدة اليمنية المباركة والتي مثلت نموذجاً رائعاً في زمن الشتات العربي وشمعة مضيئة في ليل التمزق الذي يعيشه العالم الإسلامي. وخلال هذه الاحتفالات شهد الوطن افتتاح ووضع أحجار الأساس لعدد كبير من المشاريع الإنمائية الخدمية والاستثمارية في مختلف المجالات وعلى طول الوطن وعرضه.
وتتميز هذه الاحتفالات عن سابقاتها بتزامنها مع موسم الانتخابات المحلية والرئاسية التي بدأت الاستعدادات لها بمراجعة وتعديل جداول الناخبين وما أعقبها من مراحل حددها ونظمها قانون الانتخابات وتشرف عليها اللجنة العليا للانتخابات. هذا التزامن دفع الأطراف السياسية في البلاد -أو معظمها- إلى التطرف في الطرح والخطاب السياسي، ففي حين تفرغ الإعلام الرسمي وصحف المؤتمر لإبراز كافة اوجه النجاحات والانجازات التي حققتها الدولة و«المؤتمر» والرئيس شخصياً للوطن، من جانب، ومن جانب آخر إنكار أي مظاهر للفساد والسلبيات بل واتهام من يتحدث عن الفساد او القصور في النهضة التنموية بانه من المحرضين وممن تضررت مصالحهم و.. و.. و... الخ، من القاموس الذي حفظه كتاب الاعلام الرسمي عن ظهر قلب. وفي المقابل صحف وكتابات المعارضة «جداً» التي تدحض كل ذلك وتنكر وجود أي تنمية وتؤكد أن الحكومة اضرت بالوطن والمواطن اكثر مما قدمت له، وتتعامى هذه المعارضة عن كل المنجزات الماثلة للعيان وتتهم كل من يتحدث عن المنجزات التي تحققت للوطن بانه انتهازي ومنافق للنظام وطامع في فتات موائد السلطة، إلى آخر الاتهامات اليمينية واليسارية التي يحفظها اولئك الكتاب عن ظهر قلب ايضاً.
في هذا الوقت وهذا العصر الذي نعيشه نحن بحاجة أكثر إلى الموضوعية من الجميع والصدق مع النفس ومع الآخر وقبول الآخر ولا اقصد قبول الآخر أن يعيش معنا في هذا الوطن بل قبول التعايش معه بكل سلبياته وايجابياته وقبل ذلك فعلى الجميع التواضع والاعتراف بأخطائه ودراستها والسعي لمعالجتها ليتمكن من دراسة اخطاء غيره فلا وعظ إلا من متعظ.
إن النظرة الصادقة والمخلصة لمسيرة الوطن وما تحقق من منجزات حتى الآن ستتيح للجميع في السلطة والمعارضة ان يعرفوا قيمة المنجزات وما صاحبها من سلبيات والعمل على معالجتها وكذلك معرفة مجالات القصور والتخلف واسبابها والعمل على معالجتها لأن أي معالجات لا يمكن ان تتحقق في ظل مناكفات سياسية ومهاترات يسعى كل منا إلى إثبات فشل الآخر من خلالها خاصة وان أكبر وأهم حزبين من احزاب المعارضة كانا في يوم من الايام في السلطة ولم يقدما اي حلول عملية لإصلاح الفساد الذي يتهمان به السلطة. كما ان قيادات كبيرة في الحزب الحاكم كثيراً ما تتحدث عن الفساد في عدة مناسبات وتنظِّر لوضع معالجات لمواضع الخلل ولكنها لم تقدم حلولاً عملية تنفذها من خلال مواقعها على ارض الواقع. إن النظرة المسؤولة من الجميع لهذا الوطن هي الضمانة الوحيدة لتماسك وحدته الوطنية، والمخرج له من كل ما يهدده من أخطار داخلية وخارجية، والوسيلة المثلى لبنائه بأيدي ابنائه لأن غيرهم إن لم يدمره فلن يبنيه.
والله من وراء القصد،،،