غسيل

غسيل

* تعليق: محمد العلائي
 
 
 
 

طراوة تُجفف في البرِّية
 
كما لو ما من حراك لنظام الحياة لديهم، بدائيون مازالوا.
لم تُنفضْ عنهم غلافات الأزمنة الغابرة، اذ ما برحوا يمضغون بؤسهم ونكدهم بتثاقل تخلفهم ايضاً.
الحمير وسيلة نقل معاصرة وغير مكلفة حقاً حسب ما تود ظروفهم تثبيته من ضمن ما يعتقدون.
طفلان في الحيمة امتطتهم شقاوة خشنة فأسرجا حماريهما فاردين وعائين على ظهريهما كيما يردا الماء لدواع بيولوجية اساساً أي إرواء عطش اسرتيهما لا أكثر.
ليس لديهم أية دُمى للتسلي ولا من مساحة تذكر للعب دور طفل اطلاقاً.
ولدا كبيرين وسيموتان صغيرتين. لم يسعفها حظهما حتى لمشاهدة الرئيس اذ يحنو على طفل بابوة لا يعهدا شبيها لها في عالمهم «البرَّية».
 
 
 

طفل غض يواجه غلظة حياة
 
بلا أي تعقيد يستهل حياته هذا الطفل بممارسة لعبة حارة وغير مسلية، وبفرح بريء يداعب «القلأ» بمقافزته للهواء.
لم يجد من يحتويه فاحتوى ذاته، يقف امام مقلاته كالمسمار ليواجه الحياة بغضاضته وهي بغلظتها وقساوتها.
 
 
 
 

يفتح مصحفه كي لا يمد يده
 
فعلت الازمنة فعلتها فيه، وهو لا يحبذ ان يتلاشى تحت ضرباتها. صورة الشيخ تشير ولو للحظة كم ان الرصيف حضن غير دافئ لليمنيين ومع ذلك يربضون عليه بحفاوة طائشة وابتسامات مشروخة.
كان جاثماً حذاء الرصيف حينما حاولنا التقاط إعيائه فأبى إلا ان يحمل عصاه ويطاردنا بدافع اعتقاد مؤاده ان التصوير حرام...
ينادي كل من يرتدي زياًَ أوروبياً بـ«المكلف» ويومئ له بالمجيء: «هاه يا مكلف! جَي جَي».
عمنا الشيخ لا يمد كفه للمارة وإن أخذ منهم لقاء قراءة القرآن للاستشفاء كما يعتقد.
 
 
 
 

يطهو نفسه بمقلاة الشمس
 
تافهة هي الحياة التي لا تكف عن نشرنا كأثاث قديم في حراجات الوطن.
لسان حاله -إذ هو يتكور كسلحفاة رماها البحر- ألاّ جدوى من وجود كهذا.
يقلب نفسه كما يقلب الطاهي السمكة في الزيت لكن نوماً لم يأت البتة.
كثيرة هي المظاهر هذه والاجدر بنا نشرها على حبال الغسيل كيما يراها المخدوعون بخطابات الزيف.
 
 
 

شظايا قارورة
 
هي تسبح في البؤس وطفلها يرضع منها على الاسفلت، هكذا كان المشهد..
امرأة شوتها ألسنة الشمس، جلست هنا هرباً من شواء الفاقة ولهيبها.
ذراعاها تطوقان طفلها، المحروق هو ايضاً، ريثما ينهطل عليها تعاطف المارة حواليها.
على مقربة من فرزة الحصبة تستلقي.. بوتريه كقارورة كسرها وطن لايرحمه ولاته..