عجزت أوامر رئيس الجمهورية عن إيقافها: عصابة عسكرية تسطو على أراضي أبناء شملان

عجزت أوامر رئيس الجمهورية عن إيقافها: عصابة عسكرية تسطو على أراضي أبناء شملان

- يحيى اليناعي
دفع زياد أحمد زياد -رحمه الله- حياته ثمناً لها، وأصيب علي محمد زياد بطلق ناري في كتفه، وتعرض عبدالكريم الجومري لجروح في رأسه، وخسر الأهالي أكثر من خمسة آلاف لبنة من أملاكهم، التي وثائقها بحوزتهم، وطرقوا أبواب الرئاسة ومجلس النواب والقضاء العسكري ومكتب رئاسة الجمهورية، عل أحداً يستجيب لمطالبهم، وخسروا على ذلك الملايين... ثم ماذا بعد؟! لا شيء، فالنهب جارٍ على قدم وساق، ولا صوت يعلو فوق صوت القوة والبطش.
هذه إحدى المشاهد المأساوية لمعاناة أهالي منطقة شملان بمديرية همدان حيث -وبحسب شكواهم- تقوم عصابات رسمية منذ أكثر من عشر سنوات بنهب أملاكهم الزراعية و(مراهقها) بدون أي مبرر أو تعويض مجزٍ، والمؤسف أن هذه العصابة تستخدم قوات الأمن والجيش لفرض سيطرتها على الأراضي في مخالفة صارخة للقوانين النافذة التي تجرم وتحرم استخدام أجهزة الدولة وتسخيرها لصالح الأشخاص.

البداية من حنيش
يقول الأهالي إن البداية كانت عام 1995م عند إنشاء موقع عسكري في (مراهقهم) بدعوى حماية جزيرة حنيش!! غير أنهم تفاجأوا حين أصبح ذلك الموقع مركزاً لعصابة تتكون من عدد من الضباط الذين بدأوا في مباشرة البسط على الأراضي باسم (مدينة سام السكنية لضباط الشرطة الجوية).
دافع المالكون عن أملاكهم فخرجت الأطقم العسكرية والمصفحات لملاحقتهم إلى منازلهم ولم تتورع عن سفك دم «زياد» الذي لم يحدث حتى اللحظة أن قدمت الدولة اعتذاراً لوالديه، ناهيك عن القبض على القتلة وإحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
سيظل زياد لعنة على النهابة، وشاهداً على موت القانون في بلادنا، وهنا حين تقرأ الفاتحة على روح زياد لا تنس أن تقرأها كذلك على روح القانون والعدل والنظام بأكمله في بلادنا.
ماذا اقترف زياد حتى يستحق الموت ويسفح دمه؟ غير أنه دافع عن حقه وماله -يتساءل المواطنون هناك- ولماذا يترك المسؤولون الحبل على الغارب لتلك العصابات؟
واليوم وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على الظلم لا جديد تحت الشمس سوى النهب الذي لم تستطع أوامر رئيس الدولة ومدير مكتبه ومجلس النواب وقائد القوات الجوية والقضاء العسكري أن توقفه وتعيد للناس أملاكهم وأموالهم.
 
أوامر حبر على ورق
ماذا يعني أن ترفض عصابة رسمية كل هذه الأوامر؟! فرئيس الجمهورية أكد في أمر له أنه «يمنع منعاً باتاً قيام قادة الوحدات العسكرية بالاستيلاء على الأراضي والمراهق» وكان هذا عام 2002م ولم يمتنعوا!!! ثم أعقبه بأمر آخر بتاريخ 30/4 من هذا العام بالتوجيه: «بمنع الدفاع الجوي من البسط على أراضي المواطنين» ولم يمتنعوا كذلك.
وقبلها كان توجيه مدير مكتب الرئاسة، علي الآنسي، لوزارة الدفاع باتخاذ الإجراءات اللازمة حسب الاختصاص لمنع الضابطين (ع) و(ك) –نحتفظ بأسمائهم- من البسط على الأراضي في شملان، وتوجيه آخر من قائد القوات الجوية بعدم نهب أراضي الملاك أو يتم شراؤها، وتوجيه رابع من وزير الدفاع السابق، عبدالملك السياني، بمنع ضباط الشرطة الجوية من البسط على الأراضي بوادي جرب الخير بمنطقة شملان.
غير أن كل هذه التوجيهات كانت بمثابة حبر على ورق ولم تجد شيئاَ، وجميعها لم تقدر على إعادة الحق لأصحابه؟!
 
الثراء غير المشروع
اليوم يؤكد المالكون أن العصابات تجني من وراء اراضيهم ملايين الريالات فيما المالكون لا يملكون سوى الحسرة، حيث تقوم ببيع اللبنة بما يقارب 500 ألف ريال، وتقوم بتزوير (بصائر) تمنح بها المشتري شرعية التملك للأرض كما في الوثيقة (3) التي توضح كيفية بيع العصابة المتنفذة للأراضي، والتي كشفت عن أمر آخر بالغ الأهمية، فقد ذكر الأهالي أن العصابة تخير المالك بين أمرين: أن يبيع اللبنة بعشرة آلاف ريال، أو تقوم بمصادرتها منه وقد رضخ القلة لهذه الضغوط فيما رفض الأغلبية وتمسكوا بحقهم.
المثير في الأمر أن العصابة تريد أن تدفع للمالك عشرة آلاف ريال بينما تبيعها بثلاثمائة ألف ريال -حسب الوثيقة التي يعود تاريخها إلى أواخر شهر مايو من عام 2002م، في حين أن اللبنة اليوم يقارب ثمنها ال 500 ألف ريال.
 العصابة لم تنس أن تستثمر (المراهق) في تحويلها إلى مصدر  للكري) فالعديد من الكسارات تعمل في المنطقة لحسابهم وليس لحساب المالكين وهي تدر أموالاً طائلة حسب قول الأهالي.
 
وسجن أيضاً
يقول الأهالي في رسالة شكوى مريرة: «نشكو من مجموعة ضباط بقوات الشرطة الجوية يقومون بنهب أراضينا والبناء عليها وبيعها لحساباتهم الخاصة، حيث أصبح هؤلاء إقطاعيين أفقرونا ونهبوا أموالنا تحت قوة السلاح الذي منحته لهم الدولة من أجل الدفاع عن الوطن والمواطن غير أنهم صوبوا هذا السلاح من طقومات ورشاشات وأسلحة ثقيلة إلى صدر المواطن الضعيف الذي هو من أبناء الوطن.
وأكدت الشكوى أن: «العصابة هددوا بعض الناس عندما قاموا بالبناء بأنهم سيبيعون الأراضي بثمن بخس تحت قوة السلاح وحبسهم في زنزانة قاعدة الديلمي».
وقال الأهالي إن كل من يطالب بحقه اليوم يتعرض للسجن ويتم إجباره على التنازل عن أرضه أو بالبقاء في السجن لفترة طويلة كما جرى مع من حاولوا استعادة أملاكهم أو زراعتها أو تسويرها، فالعصابة عين ساهرة ليس لحماية المواطن كما يفرض عليها انتماؤها للمؤسسة العسكرية الشريفة، وإنما لمنع المواطن من استعادة حقوقه وإقلاق أمنه ونهب أمواله وأحياناً سفك دمه.
 
وضع حد للمعاناة
على هؤلاء أن يضعوا أنفسهم محل الضحايا والمالكين ليشعروا بمرارة الألم الذي سيلحق بهم عندما يروا أموالهم تنهب أمام أعينهم، وفوق هذا لا يسلمون من المطاردات بالمصفحات العسكرية والسجن والاعتداء. وعلى الجهات المعنية أن تستشعر مسؤوليتها تجاه مواطنين لهم كامل حقوقهم كما عليهم أداء واجباتهم.
هل بالإمكان أن تضع الجهات المختصة حداً لهذه المعاناة التي استمرت عشر سنوات؟! ماذا لو تعرض أحدهم لما تعرض له هؤلاء من ظلم ونهب وإجحاف؟! وهل سنحلم بيوم تعاد فيه الحقوق لأصحابها وينال النهابة فيه جزاءهم العادل؟! نأمل ذلك، كما نأمل أن تقوم الجهات المختصة على الفور بإرجاع الأموال المنهوبة لمالكيها.