المركز الثقافي الفرنسي يحتفل بأعياد الموسيقى

المركز الثقافي الفرنسي يحتفل بأعياد الموسيقى

المركز الثقافي الفرنسي يحتفل بأعياد الموسيقى
الموسيقى في كل مكان والحفلة.. الموسيقية لا توجد في مكان
 

محمد عثمان
 

على مدار العام ينظم المركز الثقافي الفرنسي فعالياته وأنشطته الثقافية. وفي يونيو من كل عام تتكثف الأنشطة حتى يكاد يتحول المركز إلى ما يشبه أنبوب أوكسجين يضخ في صدور رواده هواء مركزاً ونظيفاً. البرنامج الثقافي للمركز خلال الشهر ذاته من هذا العام يحفل بالفعاليات، فمن الأعمال الكاملة للمخرج الفرنسي «روبرت كاهين» التي تم عرضها على مدار يومي 4و5 يونيو، إلى معرض الصور الفوتغرافية الذي افتتح في 6 يونيو ويستمر حتى 11 سبتمبر والذي كُرس لصور عن اليمن ملتقطة بكاميرا المصور الفرنسي «إجزافيه لامبور» خلال مكوثين له في اليمن: الأول عام 1975م والثاني خلال العام الجاري 2006 (علماً بأن كلا الشخصين -المخرج والمصور- يعدان من الوجوه الفنية البارزة في المشهد الثقافي الفرنسي المعاصر)، إلى معرضين لما يقاما بعد: الأول سيحمل عنوان «اللوفر الكبير» وسيقام ما بين 18و25 يونيو في المتحف الوطني في صنعاء، وهو عبارة عن تمثيل فوتغرافي لمتحف اللوفر، كتحفة معمارية وكتاريخ بناء، إضافة إلى محتوياته من كنوز فنية نفيسة. والثاني سيتم افتتاحه في 24 يونيو في مقر المركز وسيقدم للجمهور الأعمال الفوتغرافية لمصورة اليمن الأولى -حسب وصف لها من قبل مركز الدراسات النسوية في جامعة صنعاء عام 1999 - بشرى المتوكل. لكن الحدث الأبرز الذي يحتضنه المركز هذا الشهر يتمثل في احتفالات عيد الموسيقى، حيث، وعلى مدار ثلاثة أيام هي 17و20و21 من الشهر، ثلاث فرق موسيقية معتبرة ستعتلي خشبة مسرح المركز.
فرقة «بلوسوم» المكونة من ثلاثة عازفين ومغنيَّن ستحيي حفلة اليوم الأول. الحفلة الثانية سيحييها الفنان الفرنسي (من أصل اسباني) «ميجيل أونج». وستختتم الحفلات الموسيقية في ليلة 21 يونيو بفرقتين موسيقيتين ستتداولان فيما بينهما خشبة المسرح، هما: فرقة «لاكازا بانكال» بأعضائها الثمانية، وفرقة «ليه تونتو فلينجور» بعازفيها الأربعة، مغنيِّن: « إسمع، نحن لا نعرفك، لكن إتركنا نقول لك إنك مهيأ لليالي سهاد طويلة، لآلام نصفية في الرأس، وإنهيارات عصبية..» هكذا ستغني الفرقة الأخيرة...

أعياد الموسيقى
 جرب أن تتلفظ بهذه التسمية على مسامع أحد معارفك، وسترى كيف يتخذ وجهه شكل شاشة كبيرة تعرض عدم الفهم. بالمقابل اليمن يعج بالتنوع الموسيقي وحين يتناهى إلى سمع اليمني نغم، يستحيل بكليته إلى أذن كبيرة مصغية!! ثمة مفارقة عجيبة في هذه المفارقة!!
فما الذي يحدث هنا بالضبط؟ ما الذي يرقد في بطن هذا التفصيل الصغير؟ أم أنه لا يوجد في هذا اللغز أي إلغاز؟ منذ متى كف اليمن عن الالتحاق بركب الأفراح العالمية؟ ولمصلحة من يتم حجبه عن أعياد الموسيقى، مثلما عن عيد الحب وعيد الكتاب ويوم الشعر.. وإلى آخر قائمة المناسبات التي ابتكرت خلال السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة وترسخت كتقاليد تكاد تكون عالمية؟
عيد الأم، عيد الشجرة، عيد المعلم... إلخ! نقبوا في الذاكرة عن تاريخ اعتناق اليمن لهذه المناسبات الجميلة وستجدون أن كل التواريخ تشير إلى ما قبل الحقبة السياسية المملة الراهنة التي تبدأ بصعود الرئيس الحالي إلى سدة الحكم، حتى يمكننا وبكل اطمئنان أن نصف هذه الحقبة بأنها الحقبة التي منع فيها اليمن من الالتحاق بأي فرح عالمي!!
لكن إلى ماذا يشير المصطلح (أعياد الموسيقى)؟ وكيف انبثقت الفكرة في أذهان مبتكريها؟
تقول المدونة الفرنسية التي بين أيدينا: «إنه وفي اكتوبر من العام 1981 عُين «مورين فلوريد» مديراً للموسيقى والرقص في وزارة الثقافة الفرنسية. وجوده في هذا الموقع اتاح له أن يطبق تأملاته حول ممارسة العزف على آلة موسيقية وما يتمخض عن هذه الممارسة. وهي تأملات وجدت إختصاراً لها في الشعار: «الموسيقى في كل مكان والحفلة لا توجد في مكان». وفي عام 1982 وعقب دراسة حول ممارسة العزف على آلات موسيقية لدى الفرنسيين - إتضح من خلالها أن خمسة ملايين شخص، أي بمعدل شاب من كل إثنين، يمارسون العزف على آلة موسيقية - إستحوذ على موريس فلوريد حلم إنزال الناس إلى الشارع للرقص والغناء بحيث تنمحي الحدود الفاصلة بين المنشد والسامع أو المشاهد، ثم لم تمض بضع أسابيع حتى أعلن يوم 21يونيو، أي يوم تحول العام نحو فصل الصيف، عيداً للموسيقى. وفي أقل من خمسة عشر عاماً أصبح أكثر من مائة بلد- ليس بينها اليمن- في القارات الخمس، يحتفل بهذه المناسبة».
ولا يسع هنا سوى أن أسجل استغراباً من بلد - كاليمن- ينام على بحيرة موسيقى لا يكون في مقدمة البلدان المبادرة إلى الإحتفاء بها.