الصحافة والحكومة في مواجهة أخرى مع الاجهزة السرية

الصحافة والحكومة في مواجهة أخرى مع الاجهزة السرية

كتب - عبدالحكيم هلال:
ما حدث مؤخراً لأمين عام نقابة الصحفيين، حافظ البكاري وقبله الزميل جمال عامر رئيس تحرير صحيفة «الوسط» في مطار صنعاء، يضعنا أمام تفاصيل جزئية لتحليل الوضع القائم بين الصحافة من جهة، والحكومة من جهة أخرى، واجهزة الأمن العليا من جهة ثالثة.
ان قرار رئيس الوزراء بالتحقيق في قضية الزميلين وما تعرضا له في المطار، جاء بعد أن كانت نقابة الصحفيين ذكرَّت باجمال بما تم الاتفاق بشأنه أثناء لقاء ضم الطرفين ووزير الداخلية الشهر الماضي، وهو اللقاء الذي نتج عنه اتفاق بتحسين العلاقات، والوصول إلى نقاط مشتركة للعمل عليها، لعل اهمها من جانب النقابة تفهم معنى حقوق الصحفيين والعمل على تخفيف الانتهاكات التي تحصل إزاء  حرية الرأي والتعبير، وأما من جهة الحكومة فربما كان اهمها هو الاعلان عن هذا اللقاء واستعداد الحكومة للعمل مع الصحفيين لتحقيق ذلك.
إذ من خلال ذلك الاعلان، تسعى الحكومة لتجميل صورتها لدى المنظمات الدولية المانحة التي اعلنت وضع بند «حرية الصحافة» و«حقوق الصحفيين» كشرط اساسي للدعم، وليس ادل من ذلك شروط صندوق تحدي الألفية، الذي اخرج اليمن من دعمه، وقبله كان البنك الدولي، اشار إلى ذات المعنى لاعوام طويلة خلت.
رئيس الوزراء الذي ادرك جيداً معني التصالح مع الصحافة لتلقي الدعم يبدو أنه سيعجز عن تحقيق ذلك حينما يتعلق الامر بجهازي الامن السياسي والأمن القومي اللذين يتبعان مباشرة رئاسة الجمهورية، وليس له عليهما سلطان الا الإلتماسات التي يعتقد ان لا جدوى لها أمام ذينك الجهازين، فهما فيما يبدو قد عقدا العزم على السير قدما نحو ارهاب الصحافة والصحفيين دون وضع اي اعتبار لإصلاحات الحكومة وسعيها لتقليل الخسائر.
ليس تجنياً على أحد القول بما سبق فالأنباء التي تصلنا عن باجمال أنه يستاء كثيراً من التصرفات التي يقوم بها الجهازان في مواجهة الصحافة، لا سيما تلك التي تتناقض مع توجهات حكومته، إلا أن المعروف أن لا حيلة بيد باجمال إلا طرق بعض تلك المواضع كلما تسنى له الجلوس مع الرئيس، وهي حيلة كثيراً ما تواجه باللامبالاة.
وإن حصل على وعود فإنها لا تستمر اكثر من فترة استرضاء، فإذا ما وجد احد ذينك الجهازين فرصة إذلال او مواجهة مع الصحافة فإنها تتحول من توجيهات إلى مجرد كلام فارغ.
ولقد نشر موقع «نيوز يمن» تصريحات لمصادر في تلك الاجهزة الامنية إثر توجيهات باجمال بالتحقيق في قضية أمين عام النقابة ورئيس تحرير صحيفة «الوسط» مفادها أن لا دخل للحكومة بما تقوم به تلك الاجهزة التي تعلم اكثر مما تعلمه الحكومة.
وعلى ذلك فإنه يتضح مدى الفجوة القائمة بين ما تسعى اليه الحكومة لتجميل وجهها امام ما قطعته من وعود لتلك المنظمات الخارجية، لأجل استئناف معوناتها، وبين جهازي امن، لا قانون امامهما الا انتهاك القانون حتى ينسجم ذلك مع الاسمين اللذين يتوشحاهما «سياسي، قومي».
إن على باجمال ان يو اجه اعباء اضافية امام محاولاته لاستدرار تلك المعونات الخارجية، وتتمثل تلك الاعباء، بمحاولة الوصول إلى أرضية متفق العمل عليها مع تلك الاجهزة، قبل أن يبحث عن تلك الارضية مع نقابة الصحفيين.