الحملة المباركة

الحملة المباركة - محمد الغباري

قبل اسبوع اطلق اعضاء في اتحاد الغرف التجارية حملة لمطالبة الرئيس علي عبدالله صالح بالتراجع عن قراره بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي غمضة عين أعلن هؤلاء عن جمع مليار ريال لدعم الحملة الانتخابية للرئيس قبل ان تتوج الحملة «المباركة» بواقعة اعتداء همجي ضد الزميل عابد المهذري -رئيس تحرير صحيفة «الديار»- اثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده «التجار» امس الأول في أحد فنادق العاصمة.
بالقطع ليس من حقنا مصادرة أراء الناس أو تغيير قناعاتهم بالقوة، حتى وإن كانوا بمقدرة محفوظ شماخ رئيس الغرفة التجارية بالعاصمة، الذي قاد حملة شعواء ضد ما اسماه فساد الحكومة وضريبة المبيعات، ورصد لها وزملاؤه ملايين الريالات قبل ان يتصدر اليوم حملة المليار، إلاَّ أن من حقنا أن نسأل عن الثمن الذي سيطلب من الرئيس أن يدفعه نظير هذه «الجدعنة» وبالتالي كم هي الفاتورة التي سيتحمل تكاليفها المستهلك للتعويض عن هذه الخسائر، خصوصاً وأن هناك حديثاً عن مطالب بتأجيل جديد لتطبيق قانون الضريبة على المبيعات وهو القانون الذي سيكفل قدراً كبيراً من الشفافية على المعاملات التجارية والتهرب الضريبي.
اعود لأقول إنه ومع كل ما قد يقال في الشارع عن دوافع هؤلاء التجار، إلا أن ما يهمنا هو معاقبة المعتدين على الزميل عابد المهذري وإدانة الجميع لواقعة الاعتداء الهمجي التي تعرض لها داخل المؤتمر الصحفي الخاص بلجنة مطالبة الرئيس بالترشح.
لا يهمنا مع من سيكون اعضاء الغرفة التجارية بأمانة العاصمة، ولن ينجر الناس من جديد للتظاهر ضد ضريبة المبيعات بالنيابة عن هؤلاء وما يعنينا أن الاعتداء وقع امام قيادة الحملة «المباركة» وان منتسبي جهاز الامن السياسي أقدموا على فعلتهم تلك، بحضور كثير من القائمين على مؤتمر الزفة الإنتخابية التي امتدت من موزنبيق إلى اتحاد كرة القدم، وصولاً إلى مدارس التعليم الابتدائي.
ومثلما هو حق للتجار أن يستجدوا الرئيس للعدول عن قراره، فمن واجبنا ان ندافع عن كرامة زميلنا ونصعد من احتجاجاتنا حتى ينال الجناة العقاب القانوني الصارم.
خلال الأسابيع الماضية كان عدد من الكتاب -بعضهم أكن لهم احتراماً كبيراً- قد حملوا بقسوة على رؤوس الأموال المهاجرة واتهموها بالعمل على امتلاك البلاد والسيطرة على القرار السياسي، ومع ان هؤلاء لم يقدموا مبرراً واحداً لهذه الاحكام إلا أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عن الكيفية التي جمع بها هؤلاء اموالهم وكونوا ثرواتهم، كما لم يقفوا امام ثروات كونت عبر النفوذ القبلي والعسكري، او في حمى الفساد ومن خلال دفع الإتاوات وشركاء الحماية.
المطلوب من اصحاب رؤوس الأموال أن يكونوا شركاء في عملية التنمية ليس فحسب من خلال خلق فرص العمل للعاطلين او تزويد الخزينة العامة بالضرائب والرسوم القانونية ولكن ايضاً من خلال تمويل المشاريع الخدمية العامة كبناء المدارس او دور الأيتام او العيادات الطبية أو رصد منح مالية للمتفوقين في مراحل التعليم العام والجامعي او تخصيص وقفيات للبحوث العلمية، والمساهمة في خلق تحول سياسي ديمقراطي حقيقي تُعلى فيه كلمة القانون وتصان فيه الحقوق والحريات لأنه بدون ذلك فإن هذا القطاع لا يستطيع ان يعمل ويتطور وسيظل عرضة للابتزاز وصيداً سهلاً لمطامع اصحاب النفوذ.
malghbariMail