الاستحواذ على كل شيء

الاستحواذ على كل شيء - محمد الغباري
حتى الآن مازال الكثيرون يعتقدون أن الأزمة التي تعصف بالبلاد بسبب سوء الإدارة والمحسوبية قد جعلت أصحاب القرار يدركون خطورة النهج القائم على تكوين طبقة من أبناء كبار المسؤولين يتم توريثهم المواقع الهامة ومصادر الثراء السريع. غير أن ما يتم على أرض الواقع يشير إلى عكس ذلك.
قبل أكثر من عام أثيرت ضجة كبيرة حول أوضاع مصافي عدن. وذكر حينها أن هذه الحملة لم تكن تستهدف استبدال قيادة المصفاة، وليس رئيسها فقط،  استنادا إلى المخالفات التي نسبت لهم؛ بل كانت خطوة ممهدة لبيع المصفاة أو إنشاء مصفاة لأحد التجار في المنطقة المجاورة للمصفاة حتى تكون بديلا لها.
وقبل ذلك كان نهج تصفية مؤسسات الدولة التي كان الحزب الاشتراكي يحكمها قد أوصى بخصخصة المصفاة على اعتبار أنها مصفاة عتيقة ومن مخلفات الاستعمار والشمولية. ومع هذا نجت جهود عمال المصفاة والمقاومين لنهج الافساد في إيقاف هذا المسعى. إلا أن ما تسرب من أنباء عن توجه نحو تعيين مدير فرع شركة النفط في عدن مديرا للمصفاة, يعيد تأكيد ذلك النهج الذي لا يرى في البلاد من هم أقدر على تحمل مسؤولية إدارة مثل هذه المصفاة غير أبناء المسؤولين.
لا يعقل أن تحتكر أسرة واحدة الموقع الثاني في الأمانة العامة للرئاسة ونفس الموقع في الحكومة والموقع الأول في تجارة واستيراد النفط والموقع الأهم في الموارد المحلية لكل المحافظات, وغيرها، فيما يقال إن بقية الناس مجرد مجموعة من الحاقدين الموتورين المحسوبين على المعارضة.
بالله عليكم هل انعدمت الكفاءات في عدن أو أبين أو حضرموت، حتى لا يجد أصحاب القرار سوى أبناء المسؤولين لتوليتهم المواقع الأولى في المؤسسات النفطية ومنحهم تسهيلات إنشاء شركات للخدمات النفطية ومدهم بخط من الكهرباء العمومية فيما بقية الناس من حولهم بدون كهرباء كما هو الأمر مع  عبدالسلام القمش الذي زود منتجعه الخاص في الخوخة بخط كهربائي فيما الشاليهات السياحية، بون كهرباء ولمجرد أن الرجل إياه رئيس جهاز الأمن السياسي.
لا ينبغي اعتبار التمثيل المناطقي سببا لتمكين مجموعة من النافذين من احتكار المناصب الهامة واحتكار تمثيل المحافظات, لأن العدالة في تولي مواقع المسؤولية يتطلب أن يتم اختيار الأكفأ من كل منطقة, ولا يعقل ألا توجد كفاءات في محافظة بأكملها حتى تبرر مثل هذه الممارسات.
يا إخواننا البلد على شفا صراع أهلي مدمر، والفقر والفساد عاملان رئيسيان للوضع الذي وصلنا إليه, وإذا لم تكن هناك نظرة جامعة ومسؤولة لمواجهة هذه التحديات وخطورتها فإن الخرق سيتسع أكثر مما هو عليه الآن، وسيصعب رتقه مهما كانت الادعاءات.