محمد علي سعد - أي نقابة نريد!؟

محمد علي سعد - أي نقابة نريد!؟

تحدد يوم الرابع عشر من مارس القادم موعداً لعقد المؤتمر العام لنقابة الصحفيين اليمنيين بعد أن تأجل عدة مرات. وسيقف المؤتمر أمام حزمة من الوثائق الهامة الواجب عليه مناقشتها واقرارها وكذا انتخاب النقيب والمجلس المركزي للنقابة.
ومن الوثائق الهامة التي سيقف أمامها المؤتمر العام للنقابة سنجد مشروع النظام الداخلي وميثاق الشرف ومشروع قانون الصحافة، وغيرها من الوثائق الهامة الاخرى، كالتقرير العام لنشاط مجلس النقابة السابق بين المؤتمر بين، والتقرير المالي، وغيرها من التقارير الهامة.
وفي هذا الحيز ما يهمنا التأكيد عليه هو محاولة الرد على السؤال الحيوي والهام وهو: أي نقابة نريد كصحفيين؟ هذا السؤال السهل الصعب نطرحه لأننا نقصد منه هوية القيادة الجديدة للنقابة وهواها. فالواقع يقول إن نقابة الصحفيين هي نقابة مهنية في الاساس تعنى بشؤون المهنة وبشؤون العاملين فيها وتقع عليها مسؤولية الدفاع عنهم وعن حقوقهم بكافة أشكالها. إلا أن الاشكالية التي واجهها ويواجهها الصحفيون، وهي إشكالية تحول النقابة من نقابة تمارس المهنية وتدافع عنها إلى نقابة تمارس السياسة والحزبية على حساب المهنية وعلى حساب النقابة وعلى حساب دورها وواجبهاتها، هذا الامر جرى ويجري عند كل مؤتمر عام للنقابة. فتنافس الاحزاب لتقديم مرشحيها، وبذلها الغالي والنفيس كي يفوز اعضاؤها بقيادة النقابة وبضمان السيطرة عليها وعلى قراراتها في المرحلة تلي الانتخابات كان ولايزال هماً حزبياً وسياسياً، اكثر من كونه عملاً نقابياً مهنياً خالصاً. واذا كانت الاحزاب تتنافس للفوز بنقابة الصحفيين، نجد أن عدداً غير قليل من الزملاء الصحفيين هم من يقومون بتنفيذ سياسات احزابهم والتي في بعض الاحيان ما لم تكن في معظمها تصطدم والعمل النقابي والمهني للنقابة وحرية الصحافة وحرية الرأي وحرية الصحفيين وضمان حرياتهم وأرواحهم وحقوقهم. من هنا نجد أن على الزملاء الصحفيين أن يتخلوا بعض الشيء عن حزبيتهم لصالح مهنيتهم النقابية، وأن يتخذوا موقفاً عن بطاقاتهم الحزبية لصالح بطاقة النقابة، وأن يقدموا أهداف وواجبات ومسؤوليات العمل المهني والنقابي في نقابة الصحفيين على ما عداه من التزامات.
نحن محتاجون إلى أن نعيد لنقابة الصحفيين روحها المهني والنقابي، بعد أن خربها الانتماء والتزام الحزبي على حساب العمل النقابي.
نحن محتاجون إلى أن نلتقي كصحفيين لا تفرقنا السياسة والاحزاب، ولكن تجمعنا النقابة والمهنة بكل ما فيها من تحديات وصعوبات واشكاليات.
نحن محتاجون كصحفيين إلى أن نتعصب لصالح نقابة صحفية مهنية نقابة فاعلة، لا من أجل نقابة صحفيين هيئة أو نقابة ضعيفة عبارة عن ملحق لأحد الاحزاب، فنضيع كصحفيين وتضيع حقوقنا وحرياتنا بين دهاليز اسئلة معبأة بالبلاهة، كالسؤال: أنت مع أي حزب؟ بدلاً من أن يسألك عن تاريخ عضويتك في النقابة وما الذي تحتاجه منها وما الذي يمكن أن تقدمه قيادتها كنقابة باعتبارك صحفي.
نحن محتاجون كصحفيين حين نناقش الوثائق المقدمة للمؤتمر العام للنقابة، إلى أن ننقاش الوثائق على أساس مهني ونقابي يعطي المزيد من الحقوق للصحفي لكي يمارس مهنته بحرية أوسع؛ حرية مسؤولية تبحث عن الحقيقة محتاجون إلى أن ننحاز لوثائق تعزز من النظام والقانون، ومحتاجون، أن ننحاز بالكامل للوائح وتشريعات تعلم ضوابط للمهنية وتقيها كل محاولات التلاعب بالنقابة من خلال التلاعب بقوانينها ولوائحها.
نحن محتاجون، ونحن نناقش وثائق المؤتمر العام للنقابة، إلى أن نناقشها بنفس وعقل وتوجه صحفي مهني نقابي، وأن يكون هاجسنا الحزبي، والانتماء للأحزاب آخر ما نسمح له بأن يشغل تفكيرنا ويشغلنا عن تأسيس نقابة صحفية مهنية قوية بقوانينها ولوائحها وانظمتها نقابة غير مخترقة من الاحزاب ولا تابعة لها.
فالخلاصة تفيد أنه بالقدر الذي كان قرار النقابة سياسياً وحزبياً أكثر من كونه نقابياً ومهنياً، قد خسرت النقابة الكثير من مصداقيتها ودورها ومكانتها، وخسر الصحفيون الكثير من حقهم وحقوقهم. لذا وقبل المؤتمر العام لنقابة الصحفيين فإننا نريد أن نعيد للنقابة دورها المهني والنقابي وأن نضمن انحيازها الكامل للمهنة وأن نبعدها قدر المستطاع عن اتباع الحزبية أو هوى الاحزاب، وفي هذا سيكون الخير كل الخير للصحافة والصحفيين.
وهذا كله يبدأ من نقطة هامة ومركزية، وهي نقطة تنقية عضوية النقابة، لأن هذه المسألة ضرورية، باعتبارها تمثل حجر الزاوية لعودة العافية للنقابة ولدورها، من خلال استبعاد كل الذين لا علاقة لهم بالمهنة.
إن مسألة تنقية عضوية النقابة هو مطلب عام ظل يتردد بصورة متواصلة، كما وصار مادة ضرورية عند عقد كل مؤتمر للنقابة. الآن.. الآن يجب تنقية العضوية، ولتكن البداية صحيحة حتى تأتي الخطوات اللاحقة أكثر صحة وأماناً. والله يوفق الجميع.