«أحسن لهن يستترين، قد في مصايب هذي الأيام» كان هذا رأي أم يوسف، التي ترى أن لا يقل عمر الفتاة عن خمسة عشر عاماً وأن يكون زوجها مقارباً لها في العمر. في حين أظهر المدرس شاكر السودي تأييده للزواج المبكر ولكن حين استحضر صورة ابنته الصغيرة عاد وقال لا أظن بأني سأقدم على تزويج ابنتي قبل الثانوية، وهو السن المناسب في رأيه.
اختلفت الآراء في السن المناسبة لزواج الفتاة وطرحت أرقام متباينة، ودخلت مساءلة من يزيد ومن ينقص. فقرات عدة في قانون الأحوال الشخصية تم تغييرها في كثير من الدول العربية بحيث تضمن طفولة هادئة للفتاة لأطول فترة ممكنة، ففي دولة الامارات وفي الفقرة الأولى من قانون الأحوال الشخصية المادة عشرين على أن سن الزواج ثمانية عشر عاماً للفتى وللفتاة ستة عشر عاماً. وفي القانون السوري تم تحديد سن ثمانية عشر عاماً للفتى وسبعة عشر عاماً للفتاة وأجاز القانون زواج الفتى بسن 15 عاماً، الفتاة 13 عاماً بإذن القاضي وموافقة الولي في حين كانت السن في القانون التونسي 20 عاماً للفتى، 17 عاماً للفتاة.
في اليمن هناك فقرة حددت سن الزواج بالنسبة للفتاة ولكن النص لم يأت ضمن قانون الأحوال الشخصية إنما في العرف الاجتماعي «زوج بنت الثمان وعلي الضمان».
«زوجت بنت الثمان» كما قالت قوانيننا العرفية لكن إلى الآن لم يستطع أحد أن يضمن ذلك الزواج. حيث أثبت الضامنون فشلهم وسط مقبرة امتلأت بمواليد وفتيات نتيجة هذا الضمان.
في اليمن الرجال هم أكثر من يؤيد الزواج المبكر للفتيات في اليمن وهو ما أظهرته نتائج مسح مواقف واتجاهات الرجال حول تنظيم الأسرة 2001. في حين كشفت دراسة حول فهم عناصر الثقافات الفرعية المؤثرة في السلوك السكاني لليمن 1999. أن المراهقين في حضرموت وإب يفضلون أن تتزوج الفتاة مبكراً، أما المراهقون في عمران فيرون أن أفضل سن لزواج البنت بين (14-18) سنة في حين يفضل المراهقون في صنعاء زواج الفتاة بعد الجامعة.
من وجهة نظر الرجال في المكلا ينبغي تزويج الفتاة بين (16-17)، أما الرجال في إب وجبلة فهم يفضلون زواج البنت بين 18-20 سنة، ورجال عمران يؤيدون الزواج بين (16-17) سنة في حين يرفض الرجال في صنعاء الزواج المبكر للفتاة.

الدوافع في نظر اليمنيين
أظهرت رسالة ماجستير عن التعليم الجامعي وأثره على القيم الاجتماعية المتعلقة بالأسرة 2001. أن 61.6٪ من إجمالي العينة يرون أن زواج الفتاة في سن مبكرة أمر يضر بصحتها، مقابل 38.4٪ ترى أهمية زواج الفتاة في سن مبكر لعدة أسباب منها أن زواج الفتاة وهي صغيرة يسترها كما يجعلها تتحمل المسؤولية في وقت مبكر مما يسهل اكتسابها لخبرات الحياة وخاصة المنزلية منها. في حين ترى فرقة ثالثة أن زواج الفتاة في سن مبكرة يجعلها أكثر طوعاً لزوجها وأسرته، حيث تترعرع في منزل الزوجية وتكتسب شخصيتها من زوجها.
في دراسة عن منظومة القيم والمعارف الاجتماعية المتعلقة بتنشئة ودور المرأة الريفية اليمنية 1996، فقد جاءت أسباب الزواج المبكر: في صيانة الأبناء من الانحراف، الرغبة في رؤية الأحفاد وأيضاً بدافع وخدمة الأسرة ومساعدتها في العمل.
أجاز قانون الأحوال الشخصية اليمني المادة 15 تزويج الصغيرة بعد أن عُدلت تلك المادة التي كانت تمنع زواج الصغيرة قبل سن الخامسة عشرة وهو تعديل فتح المجال لأولياء الأمور لتزويج بناتهم في سن صغيرة كالقضية التي وردت في الدراسة القانونية التي نفذت حول الزواج المبكر في المجتمع المدني ل أوكسفام.
ففي العام 2000 نظرت القضية الشخصية رقم 51 لسنة 1421 أمام محكمة غرب الامانة وكانت القضية نزاعاً بين الأم وأعمام أبنائها الذين أخذوا إلى حضانتهم (بنتين وولداً). على إثرها أخذ الأعمام الصغيرتين إلى قريتهم وتم تزويجهن هناك. الأم والمحكمة لم يستطيعوا عمل شيء أمام تلك القضية حيث وقفت المادة 15 من قانون الأحوال الشخصية حائلاً دون منع ذلك الزواج.
العرف الذي يضمن زواج بنت الثمان لم يكن في صفها والمادة 15 من قانون الأحوال الشخصية شدت أزر ذلك العرف فأصبح زواج الصغيرات أمراً عادياً وشائعاً خاصة في الأرياف، وليس لدى الصغيرات إلا أن يستسلمن للعرف الذي تمحور بصورة مادة وردت في قانون الأحوال الشخصية.