رجاااااااال ونص

رجاااااااال ونص - فؤاد ماجد الخليدي

الكتابة من خارج الحدود فيها شيء من الوجع بيد أن أحد لن يصدق ذالك باعتبار انه "من نكع من البلاد زبط الفقر" على حد تعبير البعض. غير أن الفقر هو في الحقيقة من يزبطنا ويرفسنا ويقذف بنا علي باب الله في ارض الله الواسعة ليمد بعد ذالك رجليه ويوسح في طول وعرض البلاد, فيسرق عمرنا ويقزم طموحاتنا. تحلم بمشروع زواج ومنزل تستلقي تحت سقفه ومبلغ تبدأ فيه مشوارك في الدنيا فيأتي الفقر ويسقط كل أحلامك تلك بالضربة القاضية. على حد علمي أن الإمام علي رضي الله عنه قال: "لو كان الفقر رجلا لقتلته" اليوم الفقر أصبح رجاااااااال ونص. وقديما قيل لنا في المدرسة أن الفقر ظاهرة اجتماعية ومن يومها يرفض أن يدير لنا ظهره يواجهنا في الوطن فنرحل عنه معلنين هزيمتنا لنبدأ حياة جديدة خارج الوطن تفتقر لكل مقومات السعادة الأسرية. تشتاق لحنان الأم وابتسامة الزوجة وتوبيخ الأب انه فقر من نوع آخر نقص في كيان حياتك الشخصية وانهيار ركن من أركان السعادة البشرية. كل هذا بسبب سيئ الذكر (الفقر).
فماذا بوسع الواحد منا أن يفعله في الشارع يواجهك احدهم: "أعطني لله أنا فقير"، وفي العيادة يخبرك الدكتور أنك تعاني من فقر دم وحينما لا تقوى علي تحمل ذالك ببساطة يخبرك الأخصائي عن انزلاق في فقرات عمودك الفقري... وأمام هذا لم تستطع الجمعيات والمنظمات سوى الدعوة إلى تحديد النسل وكأنهم وعلى استحياء يريدون آن يقسطوا الجنس علي خلق الله. أما الحكومات فوجدت من عبارات "القناعة كنز لا يفنى" و"الصبر مفتاح الفرج" "ما ضاقت إلا وانفرجت" متنفسا وحيدا لإقناع مواطنيهم بفضيلة الفقر وأن الفقراء أول الداخلين إلى الجنة يوم القيامة حتى يخيل لك انك أمام خطيب جامع وليس رئيس حكومة.
[email protected]