هل الوحدة في خطر؟!

هل الوحدة في خطر؟! - عبدالعزيز البغدادي

منذ أكثر من عشر سنوات ترددت على مدى واسع فكرة الفصل بين الإدارة والسياسة في ظل ظروف اشتدت فيها حدة تدخل صاحب القرار السياسي في أدنى وأبسط شؤون الادارة بحيث صارت أبسط وأصغر المواقع في الجهات الحكومية، وأحياناً غير الحكومية (أقصد في بعض منظمات المجتمع المدني التي وضعت السلطة يدها عليها بشكل أو بآخر) بيد صاحب أو مالك القرار بعيداً عن مقتضيات الدستور والقانون ورغم ما طالهما أيضاً من عبث!
آخر هذه الأصوات الموظفة لخدمة هذه الفكرة ما سمعته من الأخ أحمد الصوفي مدير المعهد اليمني لتنمية الطيمقراطية في اتصاله بقناة «الجزيرة» يوم الأحد 16 سبتمبر ضمن برنامج «حصاد اليوم»، حيث شدَّد الصوفي في معرض رده على سؤال «الجزيرة» بشأن الأحداث الأخيرة في أغلب المحافظات الجنوبية والشرقية والمخاطر على الوحدة كما جاء في عنوان الخبر، على أن هناك مبالغة في هذه المسألة وأن القضية لا تعدو كونها قضية إدارية!
من المؤكد أن هناك فرقاً بين أن تكون موظفاً بدرجة عالم في الدين أو السياسة أو أن تكون مفكراً أو عالماً سياسياً حراً، وأظن أن أبجدية الحرية تقتضي أن لا تنطلق في أطروحاتك من منطلق الدفاع عن ممارسات صارت على درجة من السوء يصعب معها أي نوع من أنواع الدفاع أو التبريرات، ولهذا يكون هذا النوع من المدافعين عن الخطايا عبئاً على أنفسهم أولاً وعبئاً على من جعلهم كذلك. ومن السياسة أن ندرك أن الادارة إنما هي ابنة السياسة فحيث توجد سياسة سليمة وجادة وتحترم قيم الحرية والعدالة والديمقراطية توجد إدارة بنفس الدرجة من الاحترام، والعكس بالعكس صحيح.
كما أظن أن وظيفة مدير معهد تنمية الديمقراطية وإنْ كانت وظيفة إدارية كما تبدو لكنها تتعلق بإدارة عمل يتصل بالسياسة!
واعتقد أن من السياسة أيضاً أن لا نعمد الى تجاهل الرأي الآخر لأن من أبجدية الديمقراطية الإيمان بتعددية الآراء والأحزاب والانتماءات بل والكينونة. فاذا حاولنا تجاهل هذه الحقيقة فماذا أبقينا -أيها الأخ العزيز- لمن لا يزال يعتقد أن الوحدة قد عُمِّدت بالدم، ولمن لا يدرك أن الاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها بالحوار والمصالحة الوطنية الحقيقية، وليس الدعائية أو التكتيكية وهو طريق الحفاظ على الوحدة وتصحيح مسارها وليس بالاستعراضات.
 نعم يجب أن ندع النظارات السوداء والبيضاء معاً وأن ننظر للمسألة بعيون يتساند فيها القلب والعقل معاً, فهل نحن فاعلون؟