ماذا لو كان الخيواني أجنبياً أو مؤتمرياً؟!!

ماذا لو كان الخيواني أجنبياً أو مؤتمرياً؟!! - فوزي الكاهلي

لنتخيل أن ما حدث للزميل العزيز عبدالكريم الخيواني من خطف واعتداء وتهديد قبل أيام كان من نصيب زائر أجنبي قدم الى اليمن للسباحة أو لإجراء استطلاع صحفي أو لأي غرض آخر. وكان هذا الزائر أمريكياً أو أوروبياً أو كندياً أو استرالياً.. طبعاً المشهد سيكون مختلفاً تماماً.. فالأجهزة الأمنية ستتسابق لنيل شرف تحرير المختطف (الأجنبي)، وسائل الإعلام الرسمية، وأخواتها التابعة للسلطة، ستتنافس على التفرد في الكشف عن هوية الجناة المجرمين بعد أن يُلقى القبض عليهم بسرعة فائقة وزمن قياسي. أما القيادات (التاريخية) في المؤتمر والدولة فلن يتأخروا أوينتظروا أوامر عليا لإخراج المظاهرات المنددة والمسيرات المستنكرة.. وفي آخر الملحمة الوطنية العظيمة سيحظى «المخطوف» باستقبال لم يكن يتوقعه في القصر الجمهوري، ومرافقة عدد من المسؤولين إلى سلم الطائرة.
لنفترض أو نتخيل أيضاً لو كان «المخطوف المضروب» هو -لا سمح الله- سمير اليوسفي، رئيس تحرير صحيفة الجمهورية، أو أحمد الحبيشي -لا قدر الله- رئيس تحرير 14 اكتوبر، أو أي قيادي بوسائل الإعلام الرسمية والمؤتمرية، هل كان سيخرج بيان عن «مصدر أمني» ليقول إن ما حدث كان مسرحية أو واقعة غير حقيقية!؟ وهل ستتساهل الأجهزة الأمنية في ملاحقة الفاعلين!؟ وكيف كان سيتعاطى الإعلام الحكومي و«الموالي» مع الحادثة؟. طبعاً الإجابات معروفة.. ويكفي تذكر حكاية رمضان الفائت التي كان بطلها العميد الشاطر، وكيف بدأت؟ وإلى أين انتهت؟!!.
ما كان سيحدث في الحالتين وما يحدث في حالة الخيواني اليوم له دلائل كثيرة وكبيرة يمكن استنتاجها بسهولة للتأكيد على وجود فواجع ومآس محلية عديدة، لكن الأنكا منها تأقلم ضحاياها معها تدريجياً حتى تحولت من مآسٍ رهيبة الى مشكلات معتادة وسلبيات دائمة. والسبب هم الصحفيون بدرجة أولى لأنهم تهاونوا بحقوقهم منذ سنوات طويلة ففتحوا الباب واسعاً لاستمراء الآخرين التنكيل بمن يريدون منهم ما دام الأمر لا يتجاوز إصدار بيان نقابي أو عقد لقاء تضامني ثم تناسي ما حدث شيئاً فشيئاً بغضون أيام أو أسابيع بأفضل الحالات.
 وبعبارة أخرى وكما قال الزميل الخيواني الأربعاء الماضي، بأنه لم يكن سيتعرض لما حدث له لو أن الصحفيين -وقيادة النقابة بالمقدمة- تعاملوا بجدية أكبر وإجراءات أقوى مع حالات مشابهة سابقة كالذي جرى للزملاء جمال عامر ونبيل سبيع وقايد الطيري.. وغيرهم كثير.
فعلاً كان يفترض من أجل زملائنا، ومن أجل حماية أنفسنا مستقبلاً، أن نضحي بقدر أعلى من جهودنا وأوقاتنا للقيام بفعاليات احتجاجية مؤثرة ومتصاعدة إلى أن يفهم المتربصون بالصحفيين أننا لسنا لقمة سائغة وسيتم فضح أي معتد أو متورط في الاعتداء على صحفي ومحاكمته مهما كانت مكانته في المجتمع أو منصبه في الدولة.
اعتقد أن الاعتصامات المتواصلة والمظاهرات في الشارع والإضرابات عن العمل أو الأكل.. أو غير ذلك من الفعاليات الاحتجاجية العملية وطويلة النفس هي أسلحة الردع الوحيدة التي يمكنها وقف مسلسل استهداف الصحفيين بالاختطاف أو الاعتداء -وربما القتل مستقبلاً- وإذا لم نستخدم هذه الأسلحة لحماية أنفسنا والمطالبة بحقوقنا, مثل فئات شعبية أخرى, فلسنا جديرين بالدفاع عن حقوق غيرنا، ونستحق كل ما سيصيبنا من انتهاكات صارخة, أو ما نحن فيه من أحوال مادية ومعنوية يرثى لها.