محنة الاشتراكي

محنة الاشتراكي - محمد الغباري

بالأمس جدد غالبية اعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ثقتهم بالدكتور ياسين سعيد نعمان كأمين عام للحزب. مع أنه لم يطلب هذا وإنما أراد في مقترحه الخاص بتدوير منصب الامين العام كل سنتين تخليص الحزب من ثقالات المصالح التي قيدته طيلة ثلاثة عشر عاماً ولا تزال.
 عندما احتشد غالبية أعضاء اللجنة المركزية لرفض البند الخاص بمناقشة المقترح ظهر أن الدور المتميز والجهود التي بذلها ويبذلها د. ياسين كانت محل تقدير هؤلاء، حتى وإن غاب عن غالبيتهم المعاناة التي يعيشها الاشتراكي بعد تكالب الخصوم عليه من داخل الحزب وخارجه، حيث اجتمع في هذا الهدف من تضرروا منه أكانوا من بقايا الأسر التي حكمت السلطنات والمشائخ أو ممن لا يزالون يحنون للعلاقة التي جمعتهم بالمستعمر وبالقوى التي رأت في توحيد تلك السلطنات والمشيخات في إطار دولة واحدة جرما بتوجب الانتقام من الحزب وأن الفرصة قد أصبحت مواتية لذلك.
لم يكلف هؤلاء أنفسهم عناء قراءة المذكرة، ولا التمعن في مشكلة الحزب الذي ظل ثلاثة عشر عاماً يحاور محمد حيدرة مسدوس وثلاثة أو أربعة آخرين الى جانبه بدلاً من أن يؤدي دوره في تبني قضايا الناس الذين يراهنون عليه في الوصول الى الدولة الحديثة لكل مواطنيها.
لم يسأل غالبية المحبين للدكتور ياسين والصادقين أيضاً في مواقفهم كيف يقبل حزب على نفسه ان تقوم مجموعة بالتشكيك في شرعية قيادته، بل وبعدم الاعتراف بها، وكيف يمكن لحزب ان يحتضن في صفوفه من يدينون تاريخه ويسعون للإجهاز عليه ويتحولون الى أدوات للقوى التي أسقطت بترحيل آخر جندي بريطاني عن عدن.
أقدر حجم التحديات التي وضعت أمام الاشتراكي خصوصاً منذ بعد الحرب اللعينة، وأعرف جيداً الجهود التي تبذلها السلطة لإضعافه وخلق الانشقاقات في صفوفه واستمرار محاصرته عبر مصادرة ممتلكاته ومقايضة المناصب العامة وحتى الوظائف بالخروج من عضويته، لكني مع هذا لا أجد مبرراً لاستمرار سياسة الاسترضاء التي قيدت الاشتراكي وأظهرته بأكثر من رأس، ولا أعرف كيف لحزب أن يتحمل عبئ ادعاء الزعامة في صفوفه من قبل افراد بات لهم اليوم مشروع اخر غير مشروع الحزب وبرنامجه واهدافه.
في كل بلدان العالم إذا ما وجد المرء أن رؤاه لم تعد تتفق والحزب الذي ينتمي اليه، فإنه يغادره الى حزب آخر أو يعمل بصفة مستقلة، وإذا لم يكن لهؤلاء من غاية غير الاجهاز على الحزب فإن عليهم مغادرته وإيجاد البدائل التي يدعون تمثيلها.
بالله عليكم: أي حزب هذا الذي يسخر كل إمكاناته لمحاورة قيادي فيه لا يجرؤ على الترشيح في دائرته الإنتخابية ويدعي انه يمثل «كل» مواطني المحافظات الجنوبية، وأي عقل هذا الذي يرهن حزباً كان, وما زال, يمثل أهم قوى التحديث لرجل لا يستطيع ان يجمع عشرة اشخاص حوله، وقد اقتصرت مهمته على القفز إلى وسط التجمعات في محافظة الضالع أو عدن.
أظن أن لدى الاشتراكي رصيداً من التاريخ ومدداً من المناضلين؛ ما يجعله أكثر شجاعة لمواجهة هذه المحنة والتذكر أن استنفار كل القوى المتضررة من حكمة وأهدافه ستجعله أكثر قوة واقتداراً على تجاوزها.
malghobariMail