مواد سامة ومنتهية تجتاح السوق اليمنية بتواطؤ رسمي

مواد سامة ومنتهية تجتاح السوق اليمنية بتواطؤ رسمي

كتب - فؤاد الربادي:
حذرت مصادر اقتصادية عليمة من مغبة الاستمرار في سياسة اللامبالاة والتستر اللتين تمارسهما الجهات المختصة بعملية التجارة والاستيراد والتي سيتحمل تبعاتها ويدفع فاتورتها اقتصاد البلاد وابناؤه.
وتأتي هذه التحذيرات كرد فعل نتيجة الفوضى والعبث اللذين يعيشهما سوق التجارة في اليمن وما تسبب عن ذلك من إغراق للسوق بشتى أنواع السلع والمواد الاستهلاكية المهربة والمنتهية والسامة.
فمن تجارة السلع الغذائية المنتهية والتي شارفت على الانتهاء، التي تعج بها ارصفة وجولات الشوارع، مروراً بتجارة الادوية المنتهية، هي الأخرى، وصولاً إلى استيراد وتداول المواد المحرمة والسامة.
ومع أن تجارة هذه المواد تعد ظاهرة قديمة إلا أنه حتى الآن لم تتضح بعد ملامح السياسة المتبعة من قبل الجهات الخاصة لمكافحتها او على الأقل الحد منها، خاصة بعد التغيير الوزاري الجديد وبالذات في الوزارات التي تم تغيير وزرائها بآخرين، لم يشغلوا المنصب من قبل.
وفيما عول كثير مراقبين على وزارات «الزراعة، الصحة، الصناعة» عمل ذلك على اعتبار أن بعض الوزراء -حسب ماوصفتهم الحكومة- يتمتعون بالشبابية والمهارة، إلا أنهم على ما يبدو زادوا الطين بلة او كما قال المثل: «ديمة خلفنا بابها».
والراجح أن شبابيتهم ومهارتهم لم تظهر سوى تفننهم وتكتيكهم لاساليب التمويه والتستر على ما يريدون تمريره من الصفقات التجارية من هذه المواد.
ذلك واضح والأكثر وضوحاً حالة التكتم الشديد الذي يرافق احتمال وجود مرض انفلونزا الطيور في اليمن، حيث شهدت عدد من المناطق اليمنية نفوق أعداد كبيرة من الطيور لم تكشف الاجهزة الحكومية عن سبب ذلك.
وعلاوة على ازدياد المخاوف من انتشار هذا الوباء الذي اجتاح عدداً من دول العالم خلال الآونة الاخيرة، ثمة امور اكثر خطورة تحدث على مرأى ومسمع الجهات المعنية ذاتها، حيث دخلت البلاد قبل شهرين تقريباً مواد سامة ومحرمة.
وبحسب المعلومات أن كمية تبلغ (223.874) كيلو جراماً من مركزات أعلاف الدواجن المحرمة والسامة قد دخلت البلاد بتواطؤ من قبل وزارة الزراعة، فيما تبذل الوزارة ذاتها جهوداً سرية حثيثة لتمرير الكمية المتبقية منها والتي تصل (191) كيساً من هذه الاعلاف.
وعلاوة على احتواء هذه الاعلاف على دهون الخنزير المحرمة وفق الشريعة الاسلامية فإنها تعد مواد ذات سمية شديدة بسبب احتوائها على مادة «الديواكسين» الكيميائية، تسبب هذه المادة: الاصابة بالسرطان، ضعف المناعة، اعتلال الجهاز العصبي، تشوه الاجنة، أمراض الكبد وغيرها من الامراض القتالة.
الغريب أن رسالة المفوضية الاوروبية التابعة للإتحاد الأوروبي الموجهة لسفارة بلادنا في بلجيكا (البلد الذي تم استيراد مركزات الاعلاف منها) حذرت من ان هذه الاعلاف تحتوي على دهون الخنازير المحرمة في الشريعة الاسلامية وتلوثها بمادة الديواكسين الخطيرة.
لكن الأمر الاغرب من ذلك ان تم خلط (200)طن من الاعلاف الاخرى بهذه المركزات الملوثة وتم انتاجها بعبوات جديدة بعيداً عن انظار الاجهزة الرقابية ومن ثم توزيعها على مختلف محافظات الجمهورية.
وفي هذا الموضوع كانت جمعية حماية المستهلك قد كشفت عن وجود هذه المواد في بلادنا بكميات كبيرة، استوردتها «شركة الفلاح ومشروع قاع شرعة» في شهر مارس الماضي؛ الامر الذي استدعى الجمعية رفع دعوى قضائية لدى محكمة غرب الامانة، ضد كل من وزارة الزراعة والموارد المائية، والهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة وشركة الفلاح للدواجن، الجهتين الاولى والثانية، بسبب المسؤولية التقصيرية في اداء واجباتهما المناطة بهما قانوناً، والجهة الثالثة «شركة الفلاح» بسبب مسؤوليتها المباشرة في استيراد هذه المركزات، بموجب قانون احكام المرافعات والقانون المدني النافذين.
وكانت الجمعية قررت رفع الدعوى حالماً تأكدت عدم نية الجهات الثلاث تحمل مسؤوليتها تجاه هذه الاعلاف وتباطؤ وزارة الزراعة في التعامل معها، وان الاجراءات التحفظية على الاعلاف الملوثة من قبل الوزارة لا تمثل سوى نسبة بسيطة من الكميات التي دخلت البلاد -حسب ما جاء في البلاغ الصحفي الذي اصدرته الجمعية.
وكانت المحكمة المذكورة، استناداً إلى عريضة الدعوى، اصدرت في ال20 من مارس الماضي امراً قضائياً بمنع بيع هذه المركزات والاعلاف التي اضيفت إليها، ومنع اتلافها أو دفنها منعاً باتاً، حتى يتم الفصل في الدعوى المرفوعة.
والراجح أنه حتى يتم الفصل في الدعوى، تكون هذه المواد وغيرها، التي ستأتي تباعاً بطرق شرعية وغير شرعية، قد تم توزيعها واستهلاكها؛ طالما والجهات المعنية بمثل هكذا قضايا شديدة البطء، إن لم تكن هي من تقوم بالتسهيلات اللازمة لدخولها.