عن المجتمع القبلي

محمد الغباري يكتب عن المجتمع القبلي

إذا ما تجاهلنا الحديث عن أموال سعودية وليبية تقف وراء إعلان مجلس التضامن القبلي الذي احتضنه فندق موفمبيك صنعاء، فإن اعلان المؤسسين انهم البديل للأحزاب وانهم يتصدون للدعوات الإنفصالية في ظل عجز أو تراخي الدولة، إشارة إلى أننا أمام مؤتمر خمر بطبعة جديدة أبطالها الجيل الثاني من الطامحين للزعامة.
لا شيء يوحي بأن له علاقة بمؤسسة أو تجمع مدني وكل ما كان في الفندق يؤكد لك بأنك في منطقة يعيش سكانها في مرحلة ما قبل المجتمع والدولة، إذ كان المسلحون يفترشون حشائش وورود الفندق كما أن أسلحتهم التي تمنطقوها، وتلك الملابس الرثة التي على أجسادهم أظهرت الأمر وكأننا بحاجة للتذكر ان هناك مخزوناً بشرياً قد نسيناه وأنه جاهز لردع اصحاب هرطقات الديمقراطية والحداثة وإعلاء سيادة القانون.
ما زلت غير قادر على فهم أسباب انعقاد مثل هذا التجمع القبلي الجهوي لأنه ضم مجاميع من شيوخ جهات جغرافية بعينها ومن أحاديث مؤسسيه، فإن بقية المناطق معنية بفهم مغزى هذا الاحتشاد المسلح حتى وإن كان انعقاده في أضخم فنادق العاصمة.
حسين الأحمر، عضو قيادي بارز في الحزب الحاكم، ومثله علي عبدربه العواضي المحسوب على تجمع الاصلاح، ومعه محمد حسن الدماج القيادي في ذات الحزب، وايضاً محمد عبدالله القاضي الذي حرص طوال الفترة الماضية على تقديم نفسه كواحد من البرلمانيين الحريصين على إرساء قواعد القانون والدستور.
قال المحتشدون إن مهمتهم هي محاربة الفساد، ومواجهة وهن السلطة، وضعف الاحزاب السياسية وعدم تأثيرها. وذهب رئيسهم إلى القول إن هذه الأسباب أسهمت في تقويض الوحدة والمساس بالمنجزات الوطنية كالجمهورية والوحدة والديمقراطية، مع أن مثل هذه التجمعات وعدم الاعتراف بسيادة القانون ومرجعيته لحل الخلاف هي من أهم عوامل إضعاف مؤسسة الدولة وتنامي الفساد.
وفي حين كانت القاعة تموج بالفوضى ومساحات الفندق معبأة بالمسلحين، قال حسين الأحمر أن على «الدولة» -كما يجب ان يسمها وليس السلطة- القيام بواجباتها ومسؤولياتها وتوظيف ثروات البلاد ومواردها للمستقبل والتنمية وليس العبث بما يذهب إلى جيوب القلة والمتربصين الفاسدين. مع أن المنظمين لهذه الفعالية مطالبون قبل غيرهم بالكشف عن مصادر تمويلهم ومن الذي تولى دفع المبالغ التي ذكر أنها وزعت على الحضور.
الهجوم على الاحزاب ومحاصرتها في ظل تنامي الدعوات الجهوية، وإعادة نفخ الروح في التجمعات القبلية لا يكفي معه القول إن هناك أموالاً سعودية وليبية للبحث عن نفوذ في اليمن، بل هو انعكاس لسياسة عوجاء ترى في أي عمل مدني سلمي وديمقراطي خطراً يهدد النظام. فيما تؤكد الشواهد أن تنمية المشاريع الصغيرة والتجمعات القبلية هي أخطر ما يهدد الوحدة الوطنية ويدمر أي محاولة لترسيخ مؤسسات الدولة وسلطة القانون.
malghobariMail