الخروج من منطقة الظل.. المرأة شيخة... ورئيسة... وخبيرة! فاطمة جبران

 
ظلت المرأة الى يومنا هذا تختبىء تحت تراكمات لغة صنعتها الاعراف. سألنى احد الزملاء: مارأيك فى استخدام كلمة شيخة للنساء ؟ فقد سمعنا بأن هناك الشيخة (س) رابطا بين الكلمة والموقف السياسى من السلطة القبلية متبرما من سماع الكلمة وهى فى حالة تأنيث... رغم أني قرأتها فى إحدى المقالات التى تناولت اسم احدى النساء باستباق كلمة شيخة على اسمها لم أستهجن هذا، بل اعتبرته سبقاً، وأن تحويل اللغة من الملفوظ الى المكتوب ينقلها من العلاقات الحسية الى حالات أكثر تطورا. فماذا نقول لهؤلاء ؟ وماذا نقول لكل من اراد ان يتعرف على الأشياء من خلال لغة الإيحاء ؟ عندما سمعت هذا الطرح ايقنت لماذا استحضر الدكتورُ ياسين ياسينَ الطالب، وتذكرت آنئذ قول المقيم الراحل الشاعر البردونى:
 لماذا الذى كان مازال يأتي؟
لأن الذى سوف يأتى ذهب...
فإذا ما أخذنا العائلة أو القبيلة كوحدة تحليل، بافتراض أنهما يضمان فى مكونهما نساء ورجالاً لا توجد غرابة فى أن تدعى المرأة بشيخة، بل من حقها فى ظل المنظومة الاجتماعية القبلية. لكن السؤال الذى يطرح نفسه هو: لماذا احتجبت كلمة شيخة عن قاموس لغة القبائل وظهرت الآن ؟ هل هذا دليل تقدم ومنعطف إيجابي نحو المرأة ؟ ام استدراك جاء بعد أن تقدمت المرأة للانتخابات الرئاسية؟ فى رسالة تقول إننا نقبلها رئيسة مثل ما قبلناها شيخة والكرة فى ملعب معسكر الولاية العامة، أم رغبة فى الابحار خليجيا حيث الشيخة عنبة والشيخة وطفة، واقناع الآخر فى اطار التكتل الاقليمى المراوح والذى لم يتناول فيه موضوع النساء اصلاً؟ أم هو تلميح بأن المشيخة ليست هى ذاك التراتب الأبوى ذو الصورة النمطية السلبية النقيضة للتحديث على الاقل يمنيا؟ على أي حال بروز كلمة شيخة يعتبر اضافة للثقافة اللغوية وحركة نحو الأمام لكل شيخة، وخروجاً من منطقة الظل الى رحاب المجتمع، فإعطاء المرأة الحق بأن تدعى باسمها يعتبر خطوة جيدة فى هذا الواقع الذى يستحي فيه بعض الرجال من ذكر اسم المرأة، فهى "الكريمة"، و"العائلة"، و"المَكْلَف"، وفى أحسن الحالات أم "س" وضرورة أن يكون ذكراً، واحيانا إن ذكرت فهي زوج فلان حسب اللغة العربية على الرغم من ثراء اللغة بمفردات تعطي المعنى والمبنى مثل: قرينة، عقيلة، شريكة، لكن المشكلة تكمن فى العدد، فهل يصح ان نقول العقيلة الاولى والثانية..؟ أو القرينة 1 والقرينة 2 والشريكة السابقة والحالية واللاحقة، عموما، ندعو شيوخ اليمن أن يتحدوا فى هذا النهج... و عمالها بأن يصلوا على النبى...
يقول "ميشيل فوكو" ما معناه:
"نقرأ التاريخ للتعرف عليه وليس لكى نعيش فى داخله. وتقول السليقة البديهه من بيده حجر واراد أن يصيب هدفاً عليه بالرجوع للخلف قليلا لكى يعطي الحجر قوة دفع، هكذا نقرأ التاريخ فى عالم مسطح.