مهرجانات الابتذال

مهرجانات الابتذال - محمد الغباري

ما تحتاجه اليمن وحتى الرئيس علي عبدالله صالح، ليس مهرجانات النفاق والاحتفاء بعيد الجلوس لأن الأزمة التي تجتاح البلاد من غربها إلى شرقها تحتاج إلى شجاعة الإاقرار بهذه الأزمة ومن ثم معالجة الوضع المتفجر في كل مكان وبمشاركة جميع الاطراف السياسية.
في اعرق الديمقراطيات، لا يهم رئيس الوزراء البريطاني -مثلاً- أن تحشد له الأجهزة الموظفين العموميين ومنتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية للاحتفاء بمناسبة وصوله إلى السلطة. ورئيسنا في أمس الحاجة لأن يحتفي به الناس من خلال المنجزات والكف عن العبث الذي طال كل شيء في حياتهم.
< لا أستطيع تفسير الأحاديث المتتالية للسلطة في اليمن عن النهج الديمقراطي والخيار الذي لا رجعة عنه، في حين يصر النظام على أن تتحول مناسبة شطرية إلى عيد وحدوي، ولا أفهم كيف يتحول اليوم الذي جاء فيه الرجل إلى قمة الحكم في أوضاع كانت السعودية هي التي تحكم وتتحكم بالجزء الشمالي من البلاد، الى يوم عرس وطني، مع أن هذه الصفة كان ينبغي أن تطلق على يوم 22 مايو الذي تحول إلى مأتم بفعل الأخطاء والخطايا التي ترتكب منذ القرن الماضي.
< بعد سبعة عشر عاماً على الاقرار بالتعددية السياسية والحزبية، تراجعت مساحة الحرية بشكل كبير وعدنا لمهرجانات التطبيل للحاكم الفذ، واستطعنا بقوة ان ننافس العراقيين إبان حكم صدام حسين والسوريين في عهدي الأسد الكبير والصغير في قدرتنا على الابتذال وتقديم المواطنين وحتى كبار المسؤولين على أنهم مجموعة من المطبلين مهمتهم الاساسية هي الهتاف بحياة القائد المخلص المنفذ صانع المعجزات.
< من المفترض أن يقدم حكم الرئيس لنا وللعالم من خلال ساحة الاختلاف القائمة مع معارضيه وعبر الحوار المسؤول وإزالة كل القيود المفروضة على الاعلام وخصوصاً الاعلام المرئي والمسموع والنشاط السياسي، لأن ذلك يزيد من احترامه ويجعله نموذجاً لحاكم عربي تتمناه شعوبها، ولأن هذا أيضاً يحفظ للشعب اليمني احترامه وكرامته.
< حتى يتطابق الحديث المستمر عن الفرادة التي تعيشها اليمن في الجوانب السياسية بين دول المنطقة، فإن ذلك يقتضي أن لا يجلد الناس ليل نهار عبر وسائل الاعلام الممولة من حقوقهم لنقل مهرجانات التطبيل وندوات النفاق، وأن يدرك وزير الاعلام أن مرتباته ومكافآته وجميع العاملين في تلك الوسائل هي من أموال الشعب عبر الضرائب التي يدفعها ومن ثرواته، وأن كل ذلك يفرض عليه أن يحترم عقلية المشاهد في الداخل والخارج وأن يغادر زنزانة القمع التي دخلها في الثمانينات ولم يخرج منها حتى الآن.
وبما أن العزيزين نصر طه مصطفى ونبيل الصوفي قد ضما إلى اللجنة غير الحكومية المساعدة على تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس، فإني على ثقة أن بإمكانهما إقناع الرجل أن ما يقدم في وسائل الاعلام التي من المفترض أنها ملك للمجتمع، وما يتم في الشوارع، يسيء له ولإنجازاته ولشعبه، وأن هناك وسائل أكثر فائدة للتعبير عن الولاء أو الاخلاص له ليس من بينها بالتأكيد التزلف والنفاق.
< نحن بحاجة كيمنيين بمن فينا الرئيس ذاته لرد اعتبار جراء الصورة التي قدمنا بها للعالم وأظهرتنا على أننا مجموعة من الغوغاء المسيرين، تتحكم بهم أجهزة القمع وأن الديمقراطية لدينا لا تزال كذبة كبيرة تستطيع أي حكومة عريبة أخرى أن تحاججنا فيها.
malghobariMail