التسييس كأداة قنص للوظيفتين الاكاديمية والمدنية لجامعة صنعاء

التسييس كأداة قنص للوظيفتين الاكاديمية والمدنية لجامعة صنعاء - سعادة علاية

تخضع معظم كليات وأقسام الجامعات الحكومية لتعيينات غير قانونية ومخالفة لقانون الجامعة واللائحه الأكاديمية، هذا ماتوصلنا إليه من خلال بحثنا فى أوراق التعيينات غير القانونية ابتداءً من عمداء الكليات ورؤساء الأقسام الحاصلين على درجة أستاذ مساعد. وهذا مخالف للقانون وبنص واضح بأن: من يحصل على هذه المنصب يجب أن يكو ن حاصلاً على درجه أستاذ مشارك ومرت عليه سنوات خبرة. وهذا غير متوافر فى الكثير من تلك التعيينات. هذه تعيينات فى رأس الهرم ناهيك عن تعيينات لمعيديين حاصلين على درجة مقبول أو من عليهم مواد. ما استطعنا الحصول عليه هو اليسير ويظل هناك الكثير حبيس الأدرج (جرَّاء) الخوف على مصالح ليست بحجم ما يؤخذ منهم وماهو لهم بحسب القانون.
الولاء السياسى
عادل الشرجبي، أستاذ الاجتماع جامعة صنعاء، قال لـ"لنداء" إن الكثير من الأقسام والكليات في الجامعات الحكومية يرأس هيئاتها من هم بدرجة أستاذ مساعد وهذا يتعارض مع قانون الجامعات و اللائحة الاكاديمية. وهناك التعيين فى عضوية هيئة التدريس التى أصبحت لا تخضع ولا تلتزم بالإجراءات المحددة فى القانون حيث من المفترض أن يتم التعيين عن طريق القسم الأكاديمى المعني وفقاً للإعلان الذى يحقق تكافؤ الفرص، أو من خلال الاحتياجات وإجراءات المفاضلة الاكاديمية. ويتم التعيين عن طريق رؤساء الجامعات وبشكل فردى أو من قبل مجلس الجامعات، وهذا مخالف للقواعد، فضلا عن ذلك شهدت السنوات الأخيرة تأسيس عدد من المراكز البحثية المتخصصة فى بعض الجامعات الحكومية، وقد تم التعيين للباحثين والاساتذة فيها من قبل رؤساء الجامعات، دون الخضوع لشروط. وأدى ذلك الى ضعف مستوياتها وافتقادها للقدرة على إنجاز أهدفها وإخرج إنتاج علمي وبحثي رصين وكفؤ، ويحقق العلاقة المرجوة بين الجامعة والمجتمع. كل هذا أدَّى الى غياب الحريات الاكاديمية وتسييس العمل الأكاديمي، والفساد الحاصل حيث لم تعد الكفاءة هى المعيار، إنما الولاء السياسى.
ملفات قديمة
بين معيد وأستاذ مساعد ومدرس تم تعيينهم فى جامعة صنعاء وبشكل مخالف للقانون لينخرطوا فى السلك الأكاديمي، استطاعوا النفوذ إلى الصرح الأكاديمي لأن لديهم الوساطة والمحسوبية واستطاعت نقابة هئية التدريس فى الجامعة العام الماضي كسب قضية ضد واقعة تعيين 65 درجة أكاديمية مخالفة لقانون الجامعة، تعيينات استطاعت المرور من طائلة القانون، 50 معيداً 3 مدرسين , 12أستاذ مساعد، تم تعيين هؤلاء جميعاً وبشكل واضح ومخالف لقانون الجامعة واللائحة المنظمة لها، بدون إعلان وتجاوز كل المجالس العلمية والأكاديمية مروراً بمجلس القسم ومجلس الكلية والمجلس الأكاديمى وكافة اللجان العلمية، إنتهاءً بمجلس الجامعة، تم تعيينهم بالقرارات 354,346,347 فى عام 2004، وتم سحب تلك القرارات في 24/1/2004 وأصدرت المحكمة حكماً ببطلان هذه القرارات يوم 29/1/2006، وجه مجلس النواب رساله رقم 22 الى وزارة العدل بتاريخ 21/3/2005 بتحويل تلك القرارات الى النيابة االمختصة، وبرغم سحب تلك القرارات و صدور حكم المحكمة ببطلان تلك القرارت مازال هؤلاء يعملون فى الكليات و يستلمون رواتب، ومعظمهم يعملون فى جهتين.
 ناهيك عن تعيينات ومخالفات للقانون وتعيينات سابقة لم يبت فيها حتى الآن، فقصة التعيين التى حدثت فى قسم الفلسفه والتى نشرت فى الصحف لاتزال تشهد على المخالفات القانونية ولجأ أصحابها العام الماضى إلى القضاء والتى ترافع فيها المحامى خالد الماوري من مكتب علاو للمحاماة، الذي قال للنداء إن القضاء كان واضحاً فى حكمه. وكانت قد نشرت إحدى القضايا فى موقع "نيوز يمن" والتى حكم القاضى فيها بأحقيه الدعوى المقدمة ضد الجامعة لأنها خالفت قانون الجامعة ولائحته التنفيذية التى تنص على أن عملية التعيين تتم لمن يحصل على تقدير جيد جدا ومافوق، حيت إن الطالب حاصل على تقدير جيد جداً، وحاصل على المرتبة الأولى في قسم التاريخ بكلية التربية بصنعاء، وحاصل على قرار تعيين من رئيس الحامعة السابق وتعين بدلاً عنه شخص لاتنطبق عليه الشروط، وحاصل على المرتبة الاولى في قسم التاريخ بكلية التربية أرحب وهو مابررت الجامعة موقفها بتعيينه بدعوى أنها تريد تشجيع أبناء المنطقة للإلتحاق بالتعليم، كما حدث فى القبول فى الجامعة فى التسعينيات عندما قامت الجامعة بتوزيع الطلاب بحسب دوائرهم الانتخابية ومازلت الأخيرة في الاستنفاء والتى تقدم به معيد من كلية طب الاسنان انطبقت عليه جميع الشروط فى الاعلان الى جانب المدة التي أمضاها في الكلية قبل الإعلان. برغم ذلك كله قامت الجامعة بتعيين من تريد بمحاباة الغير كما ورد فى وثيقة الدعوى المقدمة الى المحكمة.
كان لـ«النداء» وقفة في البحث والحديث عن مايحدث فى هذه التعيينات وكنا كمن يسير على حقل من الالغام فكل ما استطعنا الحصول عليه هو اليسير و الظاهر فقط: إن ما تخضع له الجامعة هو قانون الانتماء السياسى والمحسوبية والمحاباة.
أحمد الصعدى أستاذ الفلسفة، جامعة صنعاء، تحدث لـ"لنداء" قائلاً: إن الكثير من التعيينات التى تحدث فى الجامعة لاتخضع لشروط التعيين ولا تلتزم به. فنحن رفضنا تعييناً سابقاً فى القسم لإحدى الطالبات كمعيدة. وعلى الرغم من ذلك مازال الاسم موجوداً فى كشف الراتب ويقال إنها ابتعثت للخارج للدراسة برغم أننا قدمنا مايطعن بصحة التعيين، ولم تحرك الجهات المسؤولة ساكناً.
اتفق عبد الله العزعزي، أستاذ التاريخ بكلية التربية، المسؤول الاعلامي فى نقابة هيئة التدريس في الجامعة: بأن مايحصل من عبث فى جامعه صنعاء وسيل الانتهاكات الصارخة لقانونها فضلاً عن التعيينات السابقه التى حدثت، ساعد فى غياب الحقوق الاكاديمية. لكن ما يراه نائب رئيس الجامعة وأستاذ العلوم السياسية أحمد الكبسى، بأن موضوع تلك التعيينات موضوع قديم، وتم البت فيه من سابق. وقد تعاقب على رئاسة الجامعة أناس آخرون. وأضاف أن مسألة قانونية التعيينات في الجامعة تخضع في كثير من الحالات إلى الضغوط. ولكنه يحاول ومن معه في المجلس الأكاديمى المحافظة على استقلالية المجلس، واعتبرها كا القبض على جمرة، كما أضاف أن معظم المعينيين في الوقت الحالي تنطبق عليهم الشروط.
من جانب آخر أوضح محمد عبد الجبار، عميد كليه الإعلام: أن التعيينات حاليا أفضل من السابق ولاباس بها وماحدث من تعيينات غير قانونية كان لكلية الإعلام نصيب منها، نتيحة المزاجية في القرارات و التي كانت تفرض على الجامعة (قرارات فوقية). وأضاف أن وضع الجامعة في الوقت الحالي تحسن كثيراً وإن الإصلاحات التي طرأت على الجامعة منذ تولي رئيس الجامعة الحالي عديدة و تنبئ بالخير و"أتمنى عودة جامعة صنعاء إلى مكانتها العلمية".
إن ما يحدث فى الجامعة من هذه التعيينات هى أوامر عليا لانستطيع أن نقف أمامها تلك عبارة قيلت لى عندما توجهت بسؤال لأحد المدرسين فى الجامعة. توجهنا للمعيدين فى كليات مختلفة لمعرفة: كيف تم تعيينهم؟ واتضح لنا أن معظمهم لم يعين بعد، وأن كل ما استطاعوا الحصول عليه هو التعيين الأكاديمي بعد رفع تظلمات والتى أفرزت هذا القرار الذى استغل ليدخل فى القائمة أسماء لأبناء مسئولين ليحصلوا على الدرجات الوظيفية ويحرم منها آخرون مر على تخرجهم من 8،7،6 سنوات.
قالت إحدى المعيدات: "كان يقال لنا إن كل شيء يمشي بنظام وقانون ونحن كنا نصدق هذا الكلام. ولكن ما اتضح من خلال مارأينا أن الوساطة والمحسوبية هى الفاصلة فى الموضوع بدليل ماحصل من تعيينات لأبناء مسؤولين وأسماء معروفه". وأخرى قالت: "كان قرار التعيين الاكاديمي بمثابة التخدير لتمرير من يريدون".
الوتيرة الأمنية
المسيطر على الجامعة فى تعييناتها هو الحس الأمنى والتسييس والذى تعاني منه معظم الدوائر الحكومية وكل ماسبق هو جزء من التعيينات، فهناك تعيينات للوظائف الإدارية الاكاديمية. والتى فى معظمها جاءت مخالفة للقانون. وما حدث فى كلية الشريعه عند تعيين عميدها كان مخالفاً للقانون؛ فهناك عمداء لم تتوافر فيهم الشروط المطلوبة، ورصدت مخالفات فى ذلك. وهناك ما هو قائم فى تعيينات مماثلة ومازال قائماً فى كليات مختلفة، أحدها تعيين عميد لسنوات قائماً بأعمال العميد وهذا مخالف للقانون ولسنوات، وعندما يُعيَّن عميد ونائب عميد للشؤون الأكاديمية تعين عميد لكليه فى غير تخصصه. كل هذا و يزيد, حاولت "النداء" التواصل مع الجهات المسؤولة دون جدوى، لم نستطع الوصول إليهم لمعرفة ردهم على كل ماسبق.
مطالب فى مهب الريح
ماحدث فى الجامعة من ارتفاع الوتيرة الحزبية يسقط كل تلك الادعاءات من أن العمل السياسى فى الجامعة غير موجود؛ وإلا لما اضطر دكتور ينخرط فى الجامعة ليقطع بطاقة المؤتمر الشعبى العام، أو يحصل معيد على درجة وظيفة ويعين وعليه مواد، وآخر حاصل على درجة مقبول... كل هذا انعكس سلبا على الطلاب وعلى الأداء العلمى فى الكليات. فكل مايهم هو حصولك على الدعم السياسي والرضى عن أدائك السلبي فى كل مايجري حولك، وليس التحصيل العلمي وسنوات الاجتهاد! حتى محضر الاتفاق الأخير الذي خرجت به النقابة مع رئاسة الجامعة والهيئة الإدراية في 7/4/2007 شمل مطالب تصب فى إصلاح سطح المشكلة ويشمل حقوق من هم موجدون في المادة الحادية عشرة والمختصه باستقلاليه الجامعة والتعاون بين رئاسة الجامعة والهيئة الإدراية، بالوسائل المكفولة دستورياً وقانونيا، وكأن القانون لم يكن موجوداً حين صدور مثل تلك القرارات.
المسألة ليست فى القانون والدستور، إنما فى الأداء واستغلال النفوذ والحس الأمنى العالي السائد فى الجامعة. يأتي بعد ذلك التحايل على القانون وما تشكو منه الجامعة من مخرجات ضعيفة هو نتاج طبيعيى لما يحدث.
قبل أن أودع ساحة الصرح العلمي، أردت التقاط صورة لبوابة الجامعة، لكن حرس الجامعة أبدوا قلقهم من إمكانية هتك الكاميرا لخصوصية المعبد الحصين، وبلهجة متوترة طلبوا تصريحاً من الإدارة يسمح بالتصوير.
saadaolayaMail