لم يترك لي فرصة للتحدث مع الآخرين.. شوعي مختلفاً هذه المرة

لم يترك لي فرصة للتحدث مع الآخرين.. شوعي مختلفاً هذه المرة - علي الضبيبي

خلاف العادة، في زياراتي السابقة للسجن، بدا عبده شوعي مختلفاً أمسٍ الأول.
لم أكن وحدي هذه المرة. كنت في ساحة السجن المركزي ظهر الاثنين أتابع زيارة هيئة الدفاع لموكليها.
من وراء السياج الذي يقف خلفه عشرات السجناء الواقفين، لمحت عبده شوعي يجري باتجاهنا، ويختط وسط الزحام طريقاً إلى المقدمة.
صاح بي رافعاً يديه إلى أعلى: "أيش سويت لي يا علي أنا أفديك؟!".
كانت هذه الزيارة الأولى التي تعقب الاتفاق الذي جرى بين هيئة الدفاع ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، بشأن آليات إجرائية للإفراج عن المحتجزين طبقاً للقانون.
عبده شوعي من تهامة، وواحدٌ من 136 محتجزاً وكَّلوا هيئة الدفاع في ديسمبر الماضي. أمضى 17 عاماً في السجن بعيداً عن كل شيء، ولم يعد قادراً على الانتظار حتى لأسبوع واحد: "أشا أخرج بكرة عشان ألحق بوالدتي لا تموت" قر بلهجته التهامية رجاءاته. وبكى.
كان المحامون الواقفون قبالته شغوفين برؤية شوعي الذي حكم بسبع سنوات ومكث 17 عاماً. وحين قدمتهم إليه صاح فيهم: "أنا أفديكم خرّجونا. فرشي مطوي. خلاص أشا روّح".
ذات مرة تمنى علي وكيل نيابة السجن صالح العُزير أن يحرره من الأسر، ولو إلى جزيرة تأكله الكلاب. يوم الاثنين كان يرجو شيئاً آخر من شخص آخر: نبيل المحمدي. "أنا أفديك روِّح بي كعيدنة".
عند كل زيارة لي إلى السجن وشوعي مخزن صباحاً. هذه المرة لا. وعندما سألته: "ليش اليوم ما فيش فذّاحة يا عم عبده؟!" أجاب ويمناه تشير شرقاً باتجاه بني حشيش: "في البيت شاسمر مع أم العيال لما الفجر"، وهو لا يدري في أي اتجاه تقع محافظة حجة ومديريته: كعيدنة!
- كان العشرات يتزاحمون على المحامين من خلف السياج عند ركن البوابة الداخلية للسجن في ضجيج مفعمٍ بآمال ورجاءات وشكاوى.
- ومن بين هؤلاء محمد السري المشارف على السنة الحادية عشرة في السجن، ولم تقرر المحكمة حبسه سوى عام واحد.
“كيف يا علي تتفرج عليهم يعطوا البعض أحكام إعسار ويخرجوهم اليوم الثاني مباشرة. وأنا أعطوني الحكم في شهر 4 ولا خبر". فوعدته أن أتصل بالنائب العام. وفعلت.
وأكد لي مدير مكتب النائب العام ليلة أمس أن محمد عبدالله السري سيطلق خلال أيام. وكذلك شوعي الذي يحفظ اسمه كاملاً. والأخير لم يحدد الحكم ماهيّة المضبوطات المحكومة بإعادتها!
لم يترك لي عبده شوعي فرصة للتحادث مع العراقي عبدالمجيد محمود كاظم الذي عرضت "النداء" قضيته في عددها المائة، ولا مع عصام البغدادي، الأردني، صاحب القضية الأشد مأساوية.
كلما حاولت التركيز مع أحدهم وبالذات عصام وهو يحاول اختصار كلامه في أقل كلمات صاح "عمي عبده": "يا علي أنا أفديك اكتب عليَّ موضوع يهز الدنيا!".