سليمان مرحبي

سليمان مرحبي - محمد الغباري

الأسبوع الماضي كنت ضيفاً على احد ابناء الطائفة اليهودية المنقولين من صعدة، ويدعى سليمان مرحبي. وعدا «الزنار» الذي يميز هؤلاء عن بقية أبناء البلاد فلا يوجد ما يمكن أن تستدل به على الديانة التي يعتنقونها، بل أن الثقافة الاجتماعية ذات الطابع القبلي بدت راسخة ومؤثرة في حديث الرجل وابنائه وفي سلوكياتهم وحتى في ملبسهم. وقد وجدت نفسي أمام قبيلي عسر (يتحدث عن العيب والأرض ومسقط الرأس الغالي).
حين تجاوزت بوابة المدينة السياحية تواجهت بصغيرين يتدلى من خديهما زناران وأبلغت انهما دليليَّ إلى مساكن بقية اقربائهم، وقد كان ذلك.
ما أن تبدأ حديثك عن اوضاع الطائفة اليهودية حتى يبادرون إلى التأكيد بلغة واحدة أنهم لا يريدون الذهاب إلى اسرائيل وانهم رفضوا عروضاً بهذا الخصوص من عدة منظمات، واذا ما تجاوزت الاشادة المتكررة وبدون طلب بما تقدمه السلطات من رعاية لهؤلاء فإن الواقع يلزمك بالحديث عن الثقافة الدونية التي رسختها عقود من الحكم تجاه اتباع هذه الديانة وإلزامهم بارتداء ليس معين لا تكون الجنبية جزءاً منه -كمثال. اضف إليها ربط امان هؤلاء وحمايتهم بوجاهة مشيخية لا بسلطة القانون ووظيفة الدول في رعاية مواطنيها وحمايتهم أياً كان معتقدهم أو لونهم.
صحيح ان الحالة الأمنية ومن ثم تفجير المواجهة في صعدة قد أبان عن اهتمام متأخر لأجهزة الدولة تجاه مواطنيها من اتباع الديانة اليهودية، وأن أمنية الكثيرين ان يمتد هذا الإهتمام إلى بقية المواطنين بعيداً عن مناطقهم أو انتماءاتهم؛ غير أن استمرار حالة العزل المجتمعي لهؤلاء وعدم ادماجهم في الحياة العامة يشكل احد المآخذ الكبيرة على السياسة الحكومية.
في المنزل وامام رجل كبير يتحدث بلهجة صعدية محكمة، احترت كيف اناديه اذا كان واجباً عليَّ احترام من هو اكبر مني، فاهتديت إلى صفة «العم» كي اجنب نفسي خطيئة اللوم. تحدثنا عن رحلة الخروج من صعدة والتهديدات المنسوبة لأتباع الحوثي قبل أن يصل مندوب عن وزارة الداخلية ليسلم هؤلاء مبالغ الاعانة الشهرية والمؤن الغذائية في صورة مخالفة لممارسات العسكر مع بقية المواطنين الذين يمتهنون في أقسام الشرطة والنقاط العسكرية.
لا يمكن إنكار أن هناك مساحة كبيرة من التسامح مع أتباع الديانات الأخرى، غير أن الترخيص لبناء كنائس او دور عبادة لأتباع الديانتين المسيحية واليهودية وبشعاراتهم الدينية الواضحة في العاصمة ما زال أمراً غير وارد حتى الآن.
في كل بلد أوروبى أو في الولايات المتحدة توجد عدة مساجد يؤدي فيها المسلمون شعائرهم بكل حرية، وهناك ايضاً تنشط الجاليات الاسلامية في مجال الدعوة حتى اعتبر الاسلام أكثر الديانات انتشاراً في الغرب؛ لكننا نصادر على الآخرين حتى وإن كانوا من ابناء هذا البلد حق ممارسة شعائرهم الدينية بحرية ونمنعهم من حق امتلاك أماكن عبادة معلومة.
malghobariMail