ماذا بعد أن «نرجم» العيال؟ بلقيس اللهبي

ماذا بعد أن «نرجم» العيال؟ بلقيس اللهبي

بلقيس علي اللهبي
لست ادري لما ينبري بعض الصحفيين في بعض صحف الحزب الحاكم وبعض المؤسسات الصحفية الحكومية للدفاع عن بعض الجرائم فقط من اجل مهاجمة من كتب عن هذه القضايا في صحف المعارضة!! ولماذا يتعاملون مع المجتمع المدني والناشطين والناشطات على أنهم أعداء؟! حين كتبنا عن سوسن انبروا للدفاع عن الأمن رغم التقصير الذي حدث منه، ورغم تعامله مع المحامي على انه خصم، بعيدا عن مفهوم البحث المشترك عن الحقيقة للأجهزة القضائية، ولم يتحدثوا عن الطفلة إلا في ظل اهتمام "المحافظة" على ضوء "التوجيهات". وأتت إليهم التقارير الطبية التي تدل على سلامة غشاء بكارة الطفلة وكأنها الانتصار الذي كانوا يبتغونه. ولكن الانتصار على من؟ على طفلة استُغلت بشكل أو بآخر لتصفية حسابات بين الراشدين، في ظل غياب خدمات قضائية عادلة، بافتراض ان الطفلة وعائلتها مدعين، وهذا بعيد عن تصديقي أنا شخصيا(لم يفقدوها بكارتها وهم بهذا القدر من الإجرام!!) فمن الضحية؟ وبافتراض أن الرجل مذنب وانه تعمد هذه المسرحية ليكمل فصولها مستقبلا بعد أن استنفد خيارات القضاء أمام الضحية (التقرير بعد تلك الفترة لا يستطيع نفي الاغتصاب أو محاولته) ولكي يضع ضحيته أمام الركوع بذل الراعي الذي لم يعد يستجيب لصرخات استغاثته احد. بكل هذه الافتراضات: الضحية الوحيدة هي الطفلة، وأي رقصة نصر ستكون حول أشلائها.
طفلة أخرى تقبع في مستشفى المنار، تعاني من كسور في العظام، لم تجبر بل تشوهت في سبيل ستر جرم من حطمها. طفلة لم يستطع جسدها ان يستجيب لسنها وينمو، ليبدو انه لطفلة في الثامنة خانها الحظ لتقع في يد زوجة اب خرجت عن انسانيتها، عن الأم التي تسكن كل انثى، وخانتها امها حين انجبتها لرجل اقل ما يقال عنه انه لم يحمل هذا الوصف، لذلك لم يجد الأب بداخله لأن الوحوش تتبرأ منه. هذا الكائن القادر على الانجاب كان يحرق او يوافق على حرق طفلته بالسجائر في سائر جسدها وان تسكب المواد الكاوية على وجهها. وبعد كل ذلك التعذيب يرسلها لتحمل قاذوراته وزوجه لترمي بها الى الشارع لتجد فرصة للهرب الى بيت الجيران ومن هناك الى قسم الشرطة الذي تصرف بكل مسؤولية ونقل هذه البائسة الى مستشفى المنار النموذجي في حي الرقاص.
مدير المستشفى الذي ابدى سروره لاهتمام المنظمات بهموم الناس، اشار الى ان بعض معارف والد الطفلة حنان اشاروا الى انه معتوه.
الطفلة اخبرتني ان من فعلت بها كل ذلك هي زوجة ابيها وحين سألتها عن المدرسة قالت: "حين اذهب لأعيش مع امي سوف ادخل المدرسة".
لنتخيل انّا نحترم امومة امرأة انجبت طفلاً من احشائها، وحين تنفصل عن ابيه تظل علاقتها بهذا الطفل قائمة تتدخل في حال وجود ما يمس مصالحه وفي حال كان الخلاف وفي ظل المصلحة الفضلى للطفل سيكون فلن يكون الطفل ضحية خلافهما.
 أول كلمة تقال لها من ذويها بعد الطلاق "ارجمي له عياله!"، واذا اشتكت من سوء إعالته وحضانته قيل لها: "عياله وهو حر!"، كأن دورها لم يكن الا مختبريا، وهي ذاتها تقتنع بهذا الدور فلا تدخل اهلها او زوجها التالي في مشكلات "هم في غنى عنها" والضحية هم الأطفال.
فماذا بعد؟! أوقفوا مسلسلات العنف الأسري والمجتمعي ضد الأطفال؛ فالطفل هو زاد الغد وليس كما يقال: "ما من الجاهل الا منفعته"، يأتي منهم الكثير فقط نربيهم ولا نقتل كل احلامهم ولا نزايد بقضاياهم لتكبر معهم المنفعة.