المشاعر والشعر

المشاعر والشعر - أحمد صالح غالب الفقيه

 (1)
المشاعر رفيعة التجارب التي لا تنفك عنها. واللغة   تنقل التجربة الخاصة -عبر الكلام- بعد فصلها عن المشاعر، وأن كانت أحياناً تحاول وصف المشاعر لها عالمه الخاص.. بعيداً هناك.. في أعماق الإنسان، حيث يقيم لا وعيه وحيث يستقر الضمير والغضب والإحباط والرغبات المكبوتة.
هناك حيث الكل ملتصق بالروح التي لا يراها أحد، ولا يعرف كنهها أحد.
(2)
الإحساس والحساسية الشديدة التي تجعل المرء يعيش المشاعر -بدلاً من أن يدفنها في جب اللاوعي- هي التي تميز روح الشعر لا الشاعر. كل من يتذوق الشعر ويستعذبه..ويبحث عنه، ويستمتع به  وينفعل له، يمتلك تلك الروح.. روح الشاعر.. وكذلك الأمر في كل فن.
(3)
الشاعر وحده هو الذي يستطيع قولبة المشاعر، والإفصاح عنها، وإيصالها في الكلمات المخاتلة العاجزة في حد ذاتها عن التعبير عنها، لولا موهبة الشاعر. لذلك نكثر الاشارة عند الحديث عن الشعر، إلى الذي لا أحد يراه، وعن «المجاهل التي تقطعها القصيدة.. مجاهل لا يمكن إدراكها» محمد بنيس.
(4)
روح الشاعر عند ذي الموهبة قد تشتغل على الفخار، أو النحاس، أو الألوان، أو الخيوط، أو الأوتار وآلات الموسيقى، أو الأصوات، أو الحركات، أو الكلمات. إنها منتجة الفن ومبدعته.
الحروف القليلة العدد تصنع أكواناً من النصوص، وسماوات من التراكيب، يقبع بينها الفضاء الشعري، الذي لا يخترقه الا الشعراء.
حيث يجد كل احساس للشاعر تركيباً يناظره، ويختص به وحده.. تماماً كما لا يشبه أحدٌ أحد. تتنزل الكلمات على المشاعر بعد ان تتأملها وتنصت إليها في عالم الصمت السحري. حيث الغموض والكثافة التي نعبرها القصيدة لتستوي سواداً على بياض أو أنشودة تلقى أو تُغنى.