المرايا

المرايا

يقال إنها تعكس الحقيقة كما هي. ومع هذا نادراً ما نريدها كذلك. فالمرايا تكون مكسورة أو مهمشة في عناوين الكتب، وتكون أجمل من الحقيقة في تطلب الناظرين.
لهذا ننظر فيها إلى أنفسنا ونبالغ، إذ هي لا تكفّ عن دعوتنا إليها كيما ننظر فنرى ما نشاء.
وهذه الجاذبية التي لها، مصادرها كثيرة، فالنرجسية التي فينا أحدها، لكن لعبة المرايا تملك، بالتأكيد، دوراً لا يُغفل. ذاك أن المونولوغ والديالوغ لا يلتقيان كما يفعلان أمامها: تحدّث نفسك من خلالها وتحدّث نفساً أخرى هي أيضاً أنت. كذلك لا يلتقي الصدق والكذب كما يلتقيان فيها. فنحن نزيد فيها أو نُنقص حسب رغبتنا، ونجنح أحياناً إلى أن نشتق عكس الأشياء من عكسها، أي نقيضها. وهي، بدورها، تعاند وتمانع مدافعه عن دورها في أن تعكس بنزاهة واعتدال، فإذا قادتنا إليها رغبة في التضخيم، آثرت هي أن لا تضخم فلا تعكس الضوء إذ يصير شمساً ولا تعكس العتم والليالي.
من فصلية «أبواب» عدد 17