عن لغة الانتماء الجهوي

محمد الغباري يكتب عن لغة الانتماء الجهوي

محمد الغباري
من حق الرئيس علي عبدالله صالح ان يفاخر بأنه من سنحان، ومن حق الآخرين ان يفاخروا بالمناطق التي ينتمون إليها، لكن ذلك لا يعني أن من ينتمي إلى منطقة الرئيس يصبح مواطناً من الدرجة الأولى، وغيره من مستويات أدنى، أو بعبارة أدق، لا يعني أن تكون من سنحان أن يصبح من حقك أن تقتل صاحب إب ولا تُعاقب.
هي ليست المرة الاولى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، التي يقدم فيها احد المنتمين إلى منطقة الرئيس على إهانة كرامة مواطن او قتله بين أبنائه كما حدث الاسبوع الماضي مع الرعوي «محمد الحامدي» من أبناء مديرية حبيش.. ولكنها شرارة ستذكي نار المناطقية ولن يقدر أحد على إخمادها إذا لم يسُدْ القانون. أن يقف رئيس دولة ليفاخر بانتمائه المناطقي فتلك كارثة وشؤم على البناء المجتمعي، ليس لأن ذلك غير جائز ولكن الموقع الرئاسي يفترض ان يكون معبِّراً عن خيار شعب تستمد منه شرعيتك، لا انعكاس لنفوذ منطقة او الاحتماء بها..
بطريقة تعكس حالةالشعور بالزهو والتفاخر يقتحم عدد من حمران العيون سوق الحراج وينهالون بالضرب على «اللغلغي» الذي يكافح وأبناؤه من اجل لقمة عيشهم في متجر صغير. وتتوج البطولة الفذة لهؤلاء الذين يعتبرون غيرهم مجموعة من منزوعي الكرامة بإطلاق النار على رأس الحامدي الذي كان وصغيريه «8،13 سنوات» يقاومون بما تبقى من كرامتهم المداسة تحت طائلة الانتماء المناطقي، وخر الرجل صريعاً وغادر القتلة الساحة دون ان يرف لهم جفن من هول الفاجعة التي اصيب بها الصغيران...
لو كانت الحادثة في بلد غير اليمن لاهتز لها المجتمع بأسره، ولتحركت السلطات بكل ما تملك إكراماً لهذين الصغيرين اللذين شاهدا القلب الحاني عليهما يسفك دمه تحت أقدام من يحتمون بانتمائهم إلى منطقة الرئيس.
اللهجة سبب كافٍ لينظر إليك كمواطن غير مأمون وحاقد، واخيراً جبان وضعيف، من السهل ان يمرغ بكرامتك أو ينهي حياتك لأن لا أحد سيقتص منه.. وهذا «الحامدي» الذي ذُبحت إنسانيته أمام طفليه قد يكون هو واحد من عشرات الآلاف من الرعية المتعاطفين مع الحكم وقد يكون أحد الذين صوتوا للمؤتمر الشعبي او انه احد الذين سيعطون اصواتهم للرئيس في الانتخابات المقبلة.. وقد اجبرته المنجزات العملاقة على إخراج ابنيه من المدرسة والاستعانة بهما في البحث عن لقمة عيش كريمة داخل سوق الحراج ومع كل هذا فلعنة الانتماء الجهوي ولهجته، غير المرحب بها في العاصمة، هي مقياس للمواطنة.
لا يهم إن كان مع المؤتمر أم لا، المهم أن هذا «اللغلغي» - وفق المصطلح الذي استخدمه الجناة عند شتمه وضربه، قبل قتله- لا يحق له إغضاب مواطن من الدرجة الأولى.. والمواطنة المتساوية ليست فقرات تردد في خطاب سنوي في ذكرى الثورة والوحدة ولا في افتتاحية صحيفة تتهجم على المعارضين، إنها سلوك. والقانون يجب ان يكون سيد الجميع..
الرئيس مطالب هذه المرة أن يؤكد أنه رئيس لكل اليمنيين، وأن يلقي القبض على القاتل ويسلمه للقضاء، ومطلوب منه ان يثبت للناخبين، الذين يطالبهم بالتصويت له، أن انتماءه المناطقي ليس حصانة ولا بطاقة امتياز.
malghbariMail