نافذة.. صدقت الغباري.. كالعادة

نافذة.. صدقت الغباري.. كالعادة - منصور هائل

إعتباراً من عام 1990 حتى العام 2007 تعاقب على وزارة شؤون المغتربين ثمانية وزراء: السيلي، الشبيبي، العفيف، سبعة، البشاري، القباطي، د. القربي، وأخيراً الدكتور صالح سميع. وكان كل وزير يأتي بطاقمه «شّلته» ويقوم بإعادة صياغة الوزارة وهيكلتها تبعاً لهوى وتأثيرات الحلقة الضيقة اللصيقة به في ديوان الوزارة وفي الديوان الأكثر حميمة وحسماً في صناعة القرار (المقيل).
في البدء كنا في وزارة شؤون المغتربين. وعقب حرب 1994 أصبحنا في الأمانة العامة لشؤون المغتربين. وقبل التشكيل الأخير أُلحقت بوزارة الخارجية ضمن قطاع المغتربين، وحكم على موظفيها بجدار عازل يفصلهم عن الطبقة الدبلوماسية الراقية المستنفرة من «الوافدين». وكان المحظوظ من «أبناء الجارية» يستطيع الوصول إلى أمين صندوق الخارجية، ويحمد الله ويشكره على تمكنه من استلام مرتبه في وقته؛ لأن وقت أمين صندوق الدبلوماسية اليمنية أثمن من أن يهدر على عد وصرف «شوالة» ضئيلة من تراب الريالات (مرتبات المغتربين) التي تبعث على القرف وتجلب الحساسية على أنامل اعتادت العزف على طبعات النقود الجديدة، اللامعة والثقيلة، وتأقلمت مع جريان الأوراق السحرية الخضراء (الدولارات).
المهم.. لقد تركبت غربتنا، وأضحت أحوالنا أسوأ بكثير من أحوال الكثيرين الذين اغتربوا في بلدان الله، بما في ذلك تلك البلدان الأشد فقراً وبؤساً من اليمن.
واستبدت بنا مشاعر القنوط والإحباط واللاجدوى وافتقاد الوزن والمعنى. وذهبنا نستغفر الله من جسامة الابتلاء بقيادات كانت تنهش بعضها وتدوس على مشاعرنا، ووكلاء ومدراء لم ينقطعوا عن أكل لحم بعضهم بالاغتياب والتشنيع وكتابة التقارير وتوزيع المنشورات المترعة بالقبح والبذاءة.
وصار الواحد منا يخجل من تسمية جهة عمله، ومن الجهر بالانتساب إلى وزارة تحولت إلى ماكنة لانتاج النميمة والدسائس، والتغشي بالضحالة والانعدام والاغتراب عن الزمان والمكان.
وحينما كنت أشكو لبعض الاخوة من الموظفين في وزارات أخرى عن بؤس حالتنا كانوا لا يبخلون علينا بالعزاء ويقولون إن الحال من بعضه.
وحينما لجأت لصديق حميم، بعد التشكيل الاخير، لأبثه مشاعر البرم والضيق تجاه جيوش النميمة التي سوف تستنفر قرونها وتشحذها لتستأنف نهجها المعتاد في استعراضات الخبرات والمهارات والشكوى من مظالم وأوزار العهود السابقة، في إطار خطة محكمة لاختطاف الرجل الأول عبر اعتماد هجمات متلاحقة ونشطة لا تهدأ ولن تهدأ إلا بعد أن تنجز هدفها بقطع دابر أي أمل أو رجاء بالمأسسة وبالادارة الحديثة و... الخ.
نعم, حينما أفشيت للزميل محمد الغباري شكواي ومخاوفي, ابتسم بما يشي بفاتحة خير، وكنت بحاجة لفسحة أمل كيما أتمكن من العودة إلى «الوطن» وأتخفف من أثقال الغربة المركبة, وصدقت, نعم، صدقت الغباري.
mansoorhaelMail