فريد الظاهري

فريد الظاهري - فكري قاسم

الكتابة لأجل مرثية قد يظنها المرء إسقاط واجب، هي في حقيقة الأمر أشبه بدلو ماء في نافورة: كلما قلت انتهى، ظهر إليك من جديد!!
لم أخلص بعد من ترتيب فاجعتي بوفاة شاعر شفيف هو «هيثم»..
وماذا بوسعي أن أكتب وأنا لم أزل ألعن الظروف التي لم تجمعني به غير مرة واحدة، وبسرعة.
«هيثم» كان حد جميع رفاقه قصيدة يشترك في عشقها الجميع.
لذا حين غادر، بقى ضوؤه، وقلوب سكنتها الفاجعة.
الأسبوع الفائت كان حزيناً، إذ غادر الساحة فنان مسرحي حميم. المخرج «فريد الظاهري» إبن المسرح، وأحد رواده المنهكين في هذا الزمن الصعب إبن الصعب.
< من المناسبة للمناسبة، تتنفس رئة المسرح في اليمن.
فريد الظاهري الذي كانت رئتاه حاولتا التنفس في بروفات الاستعدادات الحالية لاحتفالات بلادنا بأعياد الوحدة اليمنية في إب هذا العام، غادر قبل أن يُفتح الستار.
وبوسعي الآن إستعارة اللكنة المصرية لأقول: (جت الحزينة تفرح.. ما لقيتش لها «مسرح») حسبنا الله.
< ثم أن فريد، الذي حظي بلحظة وفاة كأنما رتبها القدر على هيئته، إذ غادر عشية الإحتفال باليوم العالمي للمسرح (2 مارس من كل عام)، لم يحظ -حياً وميتاً- بعناية مسؤوله إطلاقاً، رغم كونه قامة مسرحية، وهو من متى -أصلاً- بلادنا تحتفي بالقامات؟ إذ كل الذي يعنيها من الفن مجموعة يقومون بدور الكوافيرة لتجميل قُبح السادة الجالسين في الصفوف الأمامية.
< الشاعر عباس الديلمي، وكذا الملحن بن غودل، بعد رائعة «خيلت براقاً لمع» حصلا على تكريم رئاسي، وصرفت لهما سيارات.
فيما «فريد الظاهري» وهو العمود الفقري للعمل، كونه المخرج، وزوجته «سلمى» مصممة الرقصات، خرجا في نهاية العمل بعبارات ليست أقل سُخفاً من «أبدعتم» و«أي خدمات؟؟».
< فريد، كونه فناناً مسرحياً أصيلاً، والمسرح حد قول نقاد كثر، من أكثر وسائل التعبير تضرراً من غياب الحرية، خرج من المولد بتهان رئاسية، وآلام قلب وسكري مضاعفين.
كثيراً جرى فريد وراء البيه «وزير الثقافة» لنقله للعلاج في الخارج.
لكن البيه الوزير -على ما يبدو- كان ولم يزل مشغولاً بما هو أهم.
والآن، أُسدل الستار ومات فريد الظاهري، رحمة الله تغشاه، وغداً قد يغادر الخشبة اليتيمة الفنان والكاتب المسرحي عبدالحكيم الحاتمي.
وهذا الأخير رجل خذله المسرح كما خذله -من قبل- وزير الثقافة فيما يخص المسرح بالذات.
وغير رسائل المواساة والعزاء وبعض من سطور العتب، ليس بوسعنا فعل شيء.
في أُذن الرويشان
- الوزير خالد الرويشان، وزير الثقافة، لم أنس حتى اللحظة فرحتي وأنا أسمع اسمك بين اعضاء الحكومة السابقة، خصوصاً وأنك جئت في وقت تعاطف الجميع معك جراء خلافاتك مع الوزير الأسبق عبدالوهاب الروحاني.
الآن لو غادرت الحكومة، ستغادرها بنفس المشاعر التي صاحبت الغالبية حال غادر عبدالوهاب الروحاني وزارة الثقافة.
ومع هذا لم يزل بعض الأمل لدينا يلمع في بعض روحك (بعضها فقط) لنقل أي شيء من أجل فريد، من أجل المسرح، من أجلك أنت كمثقف أحببناه يوماً بجد..
fekry