فريد

فريد - عادل الأحمدي

فيه وسامة المبدع وابتسامة المُدرك الحزين.. كانت إب 2007 محطة تعارفنا الأولى والأخيرة.. وصل من صنعاء للواء الأخضر بعد وصولي بساعات ليجمعنا اجتماع اللجنة الفنية بإب، الذي تعرفت من خلاله على شخص كبير ورائع ومبدع شاهق وفريد.
أوّاه كم كان يحب «إب» وكم كان يحب اليمن! أوّاه كم عرقلوه وكم «حلبطوه» وربما قرّبوا له الأجل!
هذا الفنان الفريد الذي سطر اجمل لوحات اليمن وانتظم شبابه وزهراته في كرنفالات البهجة رغم واقع البؤس حاول ان يزرع أملاً رشيقاً في النفوس وحاول ألا ننكسر.
مثلنا كان ومثلنا لا يزال مبدعاً مستأجراً حالماً، لا يملُّ ولا يتوقف.. ولقد تفاجأت بوضعه المتواضع قدر تفاجؤني بإبداعه الكبير.. وزّع علينا أفكاراً مذهلة في الدراما والمسرح لإخراج أجمل الأعمال التلفزيونية بأقل التكاليف ولكن: يا فصيح لمن تصيح؟
أُقسم أنه لم يملك قيمة الفاكس الذي استقبل قوائم بأسماء المشاركين من بقية المحافظات ولقد أحرجه صاحب الفاكس ودفع صادق الجماعي التكلفة.. ترضينا معاً على الأستاذ عبدالقادر هلال الذي لم يجعله يواجه هذه الصعوبات في العيد الخامس عشر في حضرموت.
كانت لديه افكار جميلة لاحتفال إب، وئدت أول الأمر بنصب منصة العروض في مكان غير ملائم، ثم بجملة من التدخلات كادت تمسخ العمل برمته.
أي عزاء نقدمه في مثل هذا اليوم الحزين لعقيلته وزميلته ورفيقة دربه الأستاذة سلمى الظاهري عظم الله اجرها وألهمها وجميع أهله الصبر والسلوان؟!
أي عزاء نقدمه لبلادنا ولأعيادنا القادمة؟! من ذا الذي يسد الفراغ الذي تركه؟! وماذا عساه سيصنع لإنصاف القادم بعد الموت؟!
قال لي إن الرئيس علي عبدالله صالح هو الذي خفف حدة أوبريت «خيلت براقاً لمع» الذي كان بصورته الأولى لوحة عسكرية بالغة الرهبة. وكيف ان موعد حفل المكلا 2005 حال كثيراً دون ان تبرز النواحي الفنية النادرة لأوبريت العيد الخامس عشر وهو ما شهدته بنفسي اذ كنت حضرت بروفات قبل يوم العيد.
أما بالنسبة لـ«إب» فقد قال له نائب رئيس الجمهورية: ماذا اذا منّ الله علينا بالمطر ساعة «الاحتفال» في منصة «ميتم»!؟ قال الفريد: سهلة.. سنضع هذا الاحتمال في الحسبان لنجعل المطر جزءاً من ديكور الحفل فتنزل الأثوار ويحدث التلام وتتجسد بالتالي أشواق الرعد وأحلام السواقي.
وفي ثاني وآخر لقاء جمعني به في فندق فلسطين بإب حدثني عن ألم كبير يحاصره (يبتسم حتى وهو يحدثك عن الألم).
قال إن مكوثه في إحدى المدن الأوكرانية سنوات وهي التي حدث في مفاعلها النووي خلل فني تسبب في نزوح كل عباد الله من تلك المدينة الا الفلسطينيين واليمنيين ولهذا لم يعان من تداعيات نووية منذ ذلك الوقت.
رحمك الله يا فريد وأحر التعازي لسلمى ولنا جميعا «وإنا لله وإنا إليه راجعون».