فيما اعتمدت المؤسسة نحو ثلاثة مليارات ريال لمشاريعها التطويرية.. تحلية مياه البحر.. هل تكون الحل الأمثل لمعالجة أزمة المياه في عدن؟

- عدن «النداء» - خاص:
مع نهاية كل عام وابتداء آخر تتسابق مؤسسات وهيئات الدولة ومرافقها الانتاجية والخدمية إلى الإعلان عن منجزاتها وما تحقق لها من مكاسب في اطار المهام المناطة بها لمنفعة الصالح العام. يفخر المسؤولون في رأس هرم إداراتها بهذه النجاحات مع الاشارة إلى الجهود الكبيرة التي بذلت لتجاوز المعوقات وحل المشكلات التي واجهتها لتنفيذ خططها التطويرية واستعراض ما في جعبتها للنهوض بواقعها وتقديم الأفضل لجمهور المواطنين في برامجها الاستثمارية المتعاقبة وخاصة ما يمس مباشرة احتياجات المواطن الأساسية ويتعلق بحياته اليومية التي اصحبت كلها معاناة في معاناة بسبب سوء الخدمات التي يحصل عليها وتدهور مستواها وعدم إيجاد حلول ناجحة وجذرية لها والاعتماد على معالجات آنية ومؤقتة ما تلبث ان تصبح غير ذات جدوى مع استفحال المشكلات وتفاقم الأزمات وتنوعها حتى بانت هم المواطن اليومي الذي يشغل كل تفكيره ويحتل الجزء الأكبر من اهتماماته بعد هم توفير لقمة العيش!!
نخصص الحديث في هذا التقرير حول تصاعد أزمة تموينات المياه في محافظة عدن التي كانت في عهد ما قبل الوحدة تنعم بقدر كبير من هذه الخدمة التي لم تنقطع عنها إلا في حالة حدث كسر لأحد الخطوط التي تضخ المياه إلى مختلف المناطق ولم نكن نسمع في سنوات العيش الرغيد عن برنامج تحديد أوقات التموين والمناطق المخصصة وتوزيع ساعات الضخ عليها.. لكننا اليوم اصبحنا امام أمر واقع ولا مفر منه وما على المواطن إلا التسليم بما قدرته المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في عاصمة الوحدة الاقتصادية والتجارية.
بعد أعوام حرب 1994 ظل المسؤولون في هذه المؤسسة يرددون حكاية الآبار التي تعرضت للتدمير والخطوط التي طالها التخريب والمعدات التي كان مصيرها النهب والسرقة واعيدت إلى هذه الأمور اسباب نشوء أزمة المياه فكانت اغنية الموسم ونالت شهرة كيبرة تفوقت على اشهر أغاني الطرب للعندليب عبدالحليم حافظ والراحلة أم كلثوم! ولكن بعد مضي أكثر من عشرة أعوام على خروج هذه الأغنية الى السوق المحلية لم يعد لها مذاق الأمر الذي أدى إلى وجود حاجة ماسة وضرورية إلى أغنية جديدة والبحث عن مبررات أخرى لأزمة المياه في عدن المحروسة أو بالأصح المحرومة من ابسط مقومات الحياة الكريمة.
إذا لم نكن نبالغ في الأمر فإن كل خزانات المياه اصبحت تعلو كل اسطح المنازل والمباني في عدن وهذا مؤشر كان يدل دلالة قاطعة على وجود مشكلة وأن الحل لمواجهتها هو شراء خزانات لتعبئة المياه خلال ساعات الضخ القليلة للتعويض بها واستخدامها في بقية اليوم الذي لا ينزل الماء فيه من الشبكة العامة بل من المواسير الموصولة بالخزانات ما يعني السحب من الاحتياطي المخزون الذي لا يكاد يكفي للاستخدام خاصة اذا كانت الاسرة كبيرة وفيها عدد من الاطفال الذين يعتبرون الأكثر استخداماً للمياه.
ما نريد الاشارة إليه هنا أن العذر الجديد الذي تتحجج به مؤسسة المياه في عدن لتبرير اسباب الأزمة هو خروج احد الحقول الرئيسة والمهمة عام 2004 عن الجاهزية وهو حقل تبن في لحج، واستنزاف المياه والاستغلال الجائر لها من قبل اطراف اخرى ربما يكونون مستثمرين أو أصحاب اراضي زراعية أو.. أو..، المهم ان المشكلة أصبحت أمراً واقعاً، لم يعد هناك سوى بئرين بالكاد تنتجان ما يغطي حاجة مدينة الحوطة.
أمام هذه الاشكالية اتجهت المؤسسة نحو حفر عشر آبار جديدة في حقل بئر احمد واصبحت منتجة قبل نحو خمسة أعوام وفي العام الماضي حفرت عشر أبار جديدة في الحقل ذاته وهي بانتظار تشغيلها...................إلى محطة الضخ بطول 27كم وقطر 63 ملم............ جديدة في حقل...... بمحافظة أبين. وللعلم أن المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بعدن مسؤولة عن تأمين المياه لمحافظتي لحج وأبين ومعظم حقول المياه والآبار موجودة فيها، والمهم ان كل هذه الحلول إلى جانب مشاريع استبدال الشبكات وأعمال الصيانة من شأنها كما يعتقد المسؤولون في المؤسسة ان تخفض من حجم المعاناة، والفاقد من المياه، مع أننا نرى ان المياه مهددة وبشكل يتعارض مع هذه الاتجاهات وذلك بتسربها من خطوط التوزيع ونقاط الربط والعدادات.
كما اصبحت ظاهرة نقل المياه عبر الوايتات وبيعها لمحلات انتاج المياه الصحية من المشاهدات اليومية ما يعني ان هناك آباراً خاصة تسحب من المخزون الجوفي لتستخدمه بصورة تجارية وهذا يشكل تهديداً كبيراً ينذر بكارثة نضوبه وربما قبل ان تتمكن المؤسسة ومن فوقها الوزارة من وضع حد لهذه الأزمة.
المؤسسة، التي رصدت في برنامجها الاستثماري للعام الحالي 2007م مليارين و834 مليون ريال لتنفيذ عدد من المشاريع التطويرية، اصبحت تفكر في حلول اقتصادية أخرى ومنها الاتجاه نحو تحلية مياه البحر لتعويض النقص الحاد في الانتاج. لكن هذه المعالجة ايضاً تواجهها بعض المعوقات وعلى رأسها ارتفاع كلفة الانتاج اذ تبلغ اقل تسعيرة لانتاج المتر المكعب من المياه مائة وستين ريالاً، حيث ان تعرفة بيع المتر المكعب من المياه للشريحة الأولى هي خمسة وعشرون ريالاً فقط ما يعني ان المؤسسة ستواجه عبء تغطية الفارق، وإن هي قدرت التوجه نحو هذا الحل لسد العجز في انتاج المياه إلا أننا نرى ضرورة ان تتوجه الجهود أولاً نحو وقف اعمال الحفر للآبار في حقول الانتاج ومنع المتاجرة بالمياه التي اصبحت من اكبر المشكلات التي تهدد المخزون الجوفي في ظل قلة المصادر التي تعوض النقص وتسد الحاجة.