الفنان أيوب طارش لـ«النداء»: اتصل بي محافظ تعز وهذا ما دار

*علي ناصر طلب مني تحويل أنشودة «رددي أيتها الدنيا نشيدي» إلى نشيد وطني لدولة اليمن الجنوبي * إبراهيم الحمدي كان مهتماً بالفنانين وفوجئت بتحويله ألف دولار لي عندما كنت أدرس الموسيقى في القاهرة * غنيت أغنية «جوال» دون أن أعرف صاحبها الذي قال لي بالهاتف إنه الأمير فهد بن محمد بن سعود الكبير * عبدالقوي الشيباني صاحب مخبازة الشيباني بصنعاء هو الشخص الوحيد الذي كان يتصل بي وأنا في الاردن كل أسبوع ويرسل لي مصاريف * نائب رئيس الجمهورية وجه بصرف أرضية لي بعدن، وحتى الآن لا أدري أين هي... باين أنها في البحر * اذا توترت العلاقات السعودية اليمنية كان التلفزيون السعودي يبث أغنيتي «إرجع لحولك» وعندما تتحسن يبث «طير مالك» * أحب جمال عبدالناصر وصدام حسين وإبراهيم الحمدي لكني أرفض الغناء تمجيداً لشخص أو حزب * لم ألق من الرئيس علي عبدالله صالح إلاّ كل خير * لا أستطيع العزف على العود بسبب الألم ولا استطيع أن أنام قبل أن أمسك به

بشير السيد مع أيوب طارش عبسي
بشير السيد مع أيوب طارش عبسي (من صفحة عبدالقوي ردمان الشيباني في فيسبوك)

الفنان أيوب طارش لـ«النداء»:اتصل بي محافظ تعز وقال إن عدم استلامي للفلوس محرجة لرئيس الجمهورية والتزم باسم الدولة توفير كل ما سأحتاجه في المانيا

في منزل متواضع بمدينة تعز يقضي الفنان القدير أيوب طارش أيامه في مكابدة الألم الذي بلغ حد حرمانه من مسامرة عوده كما اعتاد منذ بداياته الفنية منتصف الستينيات.
«النداء» التقت صاحب الموهبة الخارقة، الفنان الذي أبدع على مدى 4 عقود من أجل الإنسان اليمني، فسكن وجدان أجيال من اليمنيين، فكان ذلك خير عزاء له الآن وهو يعيش محنة المرض والحرمان من استئناف مشاريعه الفنية جراء الإهمال واختلال المعايير وانقلاب القيم في عصر يمنح الصدارة فيه لأرباب السوابق والوصوليين والكائنات الزاحفة والنباتات المتسلقة، حارماً أصحاب المواهب الأصيلة من أبسط حقوقهم.
يستدعي أيوب طارش هنا لحظاته الجميلة من زمن مغاير لكأنه يتزود بها في مواجهة المحنة. كما يعرض إلى أوضاعه الصحية ومشاريعه الفنية المؤجلة.

* حوار: بشير السيد

> أبدأ معك من وضعك الصحي، مما يشكو الفنان أيوب طارش؟
- الحمدلله على كل حال. الحقيقه أعاني من آلم شديد في يدي اليمنى، وحسب الاطباء فإن الألم ناتج عن الغضاريف في العمود الفقري عند العنق تضغط على أعصاب اليد وتسبب هذا الألم.
> ماذا عن زوجتك، هناك من يقول إن حالتها الصحية ليست أفضل حالاً منك؟
- صحيح. حالتها أسوأ بكثير، لديها مشاكل في القلب وعملنا لها عملية وتم بتر جزء من رئتها، وتعاني من مشاكل في المري والمعدة وأشياء أخرى.
> سافرت رفقة زوجتك مؤخراً إلى الأردن للعلاج، ماذا قرر الاطباء بشأن حالتك الصحية؟
- ما يهمني الآن هو حالة زوجتي أما أنا فقد خضعت هناك للعلاج الطبيعي وجلسات تدليك لكن الألم لم يبارحني. أحياناً يقولون إنه يتوجب عليَّ اواصل العلاج الطبيعي وأحياناً يقولون إنني أحتاج إلى تدخل جراحي.
> منذ متى وأنت تعاني من هذا المرض؟
- منذ عشرين عاماً. بدأت أشعر بألم خفيف لم أعطه أهميه وأخذ الألم يزداد مع الأيام ما اضطرني إلى التوقف عن العزف على العود لمدة عام، وعندما استأنفت العزف قبل عشر سنوات شعرت بألم شديد في يدي اليمنى. كنت اتعالج واستخدم أدويه ومهدئات لكن في السنوات الأخيرة زاد الألم بشكل كبير، لم تعد المهدئات تفيدني.
> افهم أنك لم تعد تعزف على العود؟
- حالياً لا. لكن لا استطيع أن أذهب إلى فراش النوم قبل أن امسك العود حتى وإن لم أعزف، وأحياناً تتغلب عندي رغبة العزف والحنين إلى صوت العود على مخاوفي من الألم وأعزف للحظات ولا احصل على الايقاع الذي أريده فأتجرع الألم الليل كله.
> في مطلع اغسطس الماضي نشرت وسائل الاعلام أن رئيس الجمهورية وجه بأعطائك أنت وزوجتك منحة علاجية إلى المانيا ولاحقاً تبين أن الخبر ليس دقيقاً، ماهي الحقيقة؟
- هذا ما حدث. عندما كنت في الاردن زارني سفيرنا هناك وأبلغني أن الرئيس علي عبدالله صالح وجه بعلاجنا، زوجتي وأنا، في المانيا على نفقة الدولة، وسلم لي 15 الف دولار من الرئيس، قلت الحمدلله وفكرت أن ال15 ألف دولار مصاريف جيب وجهزت نفسي للسفر إلى اليمن لاستكمال معاملة المنحة العلاجية. صرفت 5 ألف دولار في الاردن، وعندما وصلت إلى صنعاء رحت أتابع المنحة العلاجية واكتشفت في مقر الرئاسة أن المنحة العلاجية هي ال15 الف الدولار التي استلمتها فقط. فقلت لهم المنحة العلاجية تشمل تذاكر السفر ومصاريف العلاج والإقامة، أنا مشتيش (لا أريد) فلوس أشتي اتعالج بحسب توجيهات رئيس الجمهورية.
> لكن الاخبار تحدثت عن 10 ألف دولار؟
- صحيح. بعد 7 أيام من المتابعة نصحني أحد أصدقائي بتحرير مذكرة إلى رئيس الجمهورية أبلغه أن توجيهه بالمنحة العلاجية لم يُنفذ، وبعدها أبُلغت أن الرئيس وجه بصرف 10 ألف دولار أضافية، وقيل لي إن المنح العلاجية موقفة.
وقلت لهم أنا مش بحاجة فلوس... أشتي اتعالج، وسافرت إلى تعز.
> سافرت إلى تعز محتجاً ولم تتسلم المبلغ؟
- أنا لم استلم المبلغ ولا أريد استلامه وسافرت الى تعز في العشر الأواخر من رمضان لاكمال صيام رمضان بين أبنائي لكن حمود الصوفي محافظ تعز أتصل بي وألح عليَّ أن استلم المبلغ وأسافر إلى المانيا، والتزم لي بتوفير كل ما سأحتاجه مؤكداً أنه يتحدث باسم الدولة وأنه مفوض بهذا، وقال لما تحتاج مصاريف اتصل وسنحولها لك فوراً.
> أفهم أنك ستسافر أنت وزوجتك إلى المانيا بناءً على التزام محافظ تعز؟
- أكيد وإلا فإن المبلغ الذي سأخذه معي لن يغطي مصاريفنا الشخصية. هذه المانيا مش تعز، يعني الوضع المعيشي مكلف جداً. المحافظ أشار إلى ما تناولته الصحف عن عدم استلامي المبلغ، وقال إن تلك التناولات محرجة للرئيس فوافقت لأني لم ألق الا كل خير من الأخ رئيس الجمهورية، بس يجب أن يعرفوا الرئيس وجه بمنحه علاجية مش مبلغ مالي.
> عندما وصلت إلى منزلك وجدت شاب أخبرني أنه جاء من يافع لزيارة فنانه الأحب والاطمئنان على صحته وأنه لم يلتق بك من قبل، يبدو أن برنامجك اليومي مزدحم بمحبيك القلقين على صحتك؟
- كثيرون اتصلو بي وهناك من يزورني وهذا الحب يساعدني على مواجهة الألم.
> من الشخصيات المعروفة التي اتصلت بك للاطمئنان على صحتك؟
- في اليمن أو الأردن؟
> ارى انك تفرق بين الاتصالات التي تلقيتها أثناء اقامتك في الاردن وبعد عودتك؟
- اكيد. وأنا في الاردن كان صديقي العزيز عبدالقوي الشيباني صاحب مخابز الشيباني في صنعاء يتصل بي كل أسبوع، ولم اتلق أي اتصال من أي شخص آخر. بعد عودتي إلى اليمن تلقيت عشرات الاتصالات من أصدقاء وزملاء ومسؤولين ومواطنين.
> مثل من؟
- حسن اللوزي وزير الاعلام، ومحمد ابو بكر المفلحي وزير الثقافة، وشوقي القاضي، وسنان العجي، وحمود الصوفي محافظ تعز، والحاج علي محمد سعيد أنعم، وعلي السحيقي المدير التنفيذي بشركة كنديان، والفنان محمد مرشد ناجي، وأصدقاء مغتربين في امريكا، أحدهم أرسل لي 200 دولار. كثيرون اتصلوا وسألوا عن صحتي وهذا من فضل ربي.
> قلت إن صديقك الشيباني هو الشخص الوحيد الذي كان يتصل بك هل انتابك أي أحساس بالخذلان؟
- لا. لم أكن انتظر أي اتصال حتى أشعر بالخذلان رغم أن أي اتصال كان سيفرحني بالتأكيد. اعتقد أن كثيرين لم يكن لديهم رقمي في الاردن أما عبدالقوي الشيباني فلن استطيع أن أرد له الجميل، كانت اتصالاته الأسبوعية تشعرني بالأمان، كان يتابع خطواتي أول بأول ويهتم بمساعدتي في تغطية نفقاتي هناك. لا يعني أنه الوحيد الذي وقف معي ولكني أخصه اكثر.
وهناك موقف ظريف حدث معي: قبل عودتي إلى اليمن أخبرت عبدالقوي الشيباني بموعد وصولي إلى مطار صنعاء وأن معي عفش، وعندما وصلت إلى مطار صنعاء كان الشيباني في استقبالي ومعه أكثر من ثلاثين شخص، احتفوا بي بشكل كبير وقبل أن نغادر المطار سألني الشيباني: لافين تشتي ننقل العفش، استغربت من السؤال وقلت له يأخذه معي بعدها عرفت أنه قد جهز سيارة دينة كبيرة وهيلكس وسيارة مقفص للعفش، وأنا معي 7 حقائب لكني اعتبرها عفش (ضاحكاً).
> أنت أحد أبرز فناني اليمن لكنك كنت وحيد في محنتك الصحية ولم تلتفت لك السلطة إلا بعد أن نشرت الصحف قضيتك. إلامَ تعزو هذا الإهمال الرسمي للفنانين؟
- انا لم اكن انتظر أي مساعدة من أحد وأنا من النوع الذي لا يشكو ولا أطلب، والحقيقة أن الاخ الرئيس في كل سفرياتي إلى الاردن للعلاج كان يرسل لي بمصاريف. لا يوجد أهمال واشكر الصحافة لأنها ساعدتني.
> كيف ساعدتك؟
- هي (الصحافة) السبب الرئيسي لكل المساعدات التي تلقيتها؛ فلما كتبوا أني سافرت الاردن للعلاج وأني في أزمة مالية وصلت هذه الكتابات إلى القيادة السياسية وبعدها تواصلوا معي وارسلوا لي مصاريف.
> هذا يؤكد أن هناك اهمال؟
- لا، لا. هذا دور الصحافة وهي مشكوة وتبنيها مشكلتي يدل على حبها، حتى وإن تجاهلت السلطة فهذا شأنها أما أنا فكما قلت: لم أكن انتظر ولهذا لا استطيع أن أقول أن هناك اهمال لي أنا لم أغني الا لفني.
> من يعرف الفنان أيوب عن قرب يعرف بالتأكيد سيارة المرسيدس الرصاصية موديل 78؟
- (ضاحكاً) بيننا عشرة عمر، بنعيش سوى وندفن سوى.. اشتريتها سنة 79. كانت حق علي الضبي، سفيرنا في الكويت حينها لكنه باعها لأحد أصدقائي لأنها غير مكيفه. كانت ماتزال جديدة، مشت 10 الف كيلو فقط وأنا أشتريتها
من صديقي ب70 ألف ريال. كان المبلغ وقتها كبيراً، دبرت جزءاً من المبلغ وجزءاً ساعدنا به الشيخ عبدالرحمن محمد علي عثمان.
> حققت نجاحاً كبيراً في مشوارك الفني، هل هناك أحلام أخرى تريد تحقيقها؟
- رضى الله ورسوله في المقام الأول. أما على الصعيد الفني، لدي الأسماء الشريفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أريد تسجيل لحنها.. بس مقدرش أعزف، وحاولت اعتمد على بعض العازفين ولم أحصل على الايقاع الذي اريده.
اما بالنسبة لعائلتي، اتمنى أن استطيع أن أوفر سكناً لأبنائي، واستبدال سيارتي الحالية بسيارة جديدة تناسب ظرفي الصحي.
> على ذكر رغبتك في بناء مسكن لأبنائك، هل الدولة صرفت لك أرضيه أسوة ببعض الفنانين والمبدعين؟
- لدي أمر من نائب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بصرف قطعة أرض. حدث ذلك في مجلس قات في منزله عام 2002، بادر أحد الحاضرين وقال للنائب: الفنان أيوب ما فيش معه سكن في العاصمة أيش رائيك تصرف له شقه مثل بعض الفنانين، فقال كل الشقق صرفت لكن أنا باعوضه بأرضية في عدن وعمل أمر إلى محافظ عدن كان حينها طه غانم والمحافظ وجه مدير مصلحة أراضي وعقارات الدولة في عدن يحيى دويد، يصرف قطعة أرض مناسبة في مكان مناسب، حتى أن أحد أصدقائي قال للمحافظ أحتمال دويد يعرقل الأمر، فقال المحافظ اتحداه (ضاحكاً).
> هل استلمت قطعة الأرض؟
- لا. حينها أنا انشغلت، شفت المعاملة بتطول وكلفت أحد أقربائي في عدن بمتابعة الأرض، ومن حينها وهم يقولوا المنطقة التي فيها قطعة الارض غير مخططة، انتظر لما يخططوها. الله يعلم أين هذه الأرض، شكلها بالبحر (ضاحكاً).
> اين اذاً ستبني مسكناً لأبنائك؟
- في حوش المنزل. عندما تدخل البيت بتشوف في بناء بردين وغير مشطب.
> في 1974. التحقت بمعهد الفنون والموسيقى بالقاهرة، الم تفكر أن تواصل مشوارك الفني خارج اليمن اعتبارها الطريق الاسرع إلى النجومية؟
- لم أكن أبحث عن الشهرة والنجومية حينها. كان هدفي المعرفة وتنمية مهاراتي وصقلها لكي أحسن ما لدي وأخرجه بالشكل المطلوب.
> هل كانت دراستك بالقاهره مبادرة شخصية؟
- كان هذا حلمي، وشاءت الاقدار أن أقام رجل الأعمال اللبناني حكمت الخوري حفل عشاء في منتزه تعز وطلب مني المشاركة ببعض الأغاني، وكان من ضمن المدعوين الأستاذ احمد جابر عفيف وزير التربية والتعليم والدكتور محمد سعيد العطار، وعندما أنهيت فقرتي الغنائية سألني أحمد جابر عفيف إن كان لدي طموح في تطوير مهارتي بدراسة الموسيقى عارضاً توفير منحه دراسية في القاهره وراتب شهري. وبادر العطار من جهة ملتزماً بترتيب وظيفتي في بنك الانشاء والتعمير بحيث يرسل راتبي نهاية كل شهر إلى اسرتي فقلت لهم هذا جميل لن أنساه مدى العمر، لقد شعرت أن ليلة القدر حلت عليا.
> خلال دراستك في القاهره هل شعرت أن نجاحك الفني سيتحقق في اليمن؟
- أنا لم أفكر أن يكون مسرحي الفني خارج اليمن، واتذكر أني تلقيت دعوه للمشاركة في إحياء حفل فني اقامته السفارة اليمنية في دولة الكويت بمناسبة عيد الثورة وهناك أجرت جريدة القبس حواراً معي، وسألني الصحفي عما إذا أخشى من خلال دراستي في القاهره أن يتأثر طابعي الفني اليمني ويأخذ طابعاً مصرياً أو غير مصري، فقلت له إن تطور ادائي سيكون ضمن الطابع اليمني، وفي اليوم الثاني كتبوا بالخط العريض: فنان يمني يهرب من القاهره كي لا يتأثر بالفن المصري (أضاف ضاحكاً): كنت أقول أيش الي بيرجعني إلى القاهره.
> اذاً ماهو سر نجاح أيوب طارش؟
- لا توجد أسرار، لقد وفقني الله في كل المراحل ابتداء بالشاعر محمد طارش وثم بالشاعر الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان، الذي كان مبتغاي وحلمي الذي أبحث عنه من خلال الكلمة المعبره. ولا انسى أن اذكر أن احد أهم اسباب نجاحي زوجتي، فعندما تكون الزوجة متفهمه لظروف عملك تستطيع أن تبدع. والحمدلله لقد كانت أم صلاح عافاها الله الزوجة الصالحة والمناسبة.
صبرت وتفرغت لشؤون البيت والأولاد، وخففت عني الكثير من المسؤوليات لكي اتفرغ لفني.
> جميع الالبومات التي أصدرتها حققت نجاحاً كبيراً، لكن أي الالبومات التي أدهشت توقعاتك؟
- الحمدلله كل البوم كان يحقق نجاحاً اكثر مما كنت أتوقع، لكن الأبومات التي فاجأني نجاحها هي: ياعنب ياعنب، تليم الحب، صابر صبر أيوب، هيمان، ماهلنيش، حنين المفارق، وهو أول شريط يسجل في القاهره.
> ماذا عن اغنية «جوال»، ومدى نجاحها في الشارع السعودي؟
- اغنية «جوال» هي في البوم «حنين المفارق»، وفيه أغنية «يا مفارق بلاد النور»، واغنية «يا حاملات الشريم». بالنسبة لأصداء هذه الاغنية في السعودية فلم أشعر أنها حضرت أكثر من غيرها من الاغاني، وعندما بثها التلفزيون السعودي، توقعت أن يتصل بي الشاعر السعودي صاحب الكلمات لإبداء رأيه في لحن الاغنية، لكنه لم يتصل إلى هذه اللحظة حتى إنني لا أعرف صاحب كلمات هذه الاغنية.
> كيف حصلت على القصيدة؟
- في 1987 سافرت إلى السعودية واقمت لدي صديق لي
> اذا توترت العلاقات السعودية اليمنية كان التلفزيون السعودي يبث أغنيتي «إرجع لحولك» وعندما تتحسن يبث «طير مالك»
ي مدينة جيزان. وفي إحدى الليالي رن تلفون صديقي وقال المتصل معك الامير فهد بن محمد بن سعود الكبير، وسأل عني وأخذت سماعة الهاتف وقال لي: لدي قصديتان ممكن تغنيهم، فقلت أحاول، فأعطيت السماعة لصديقي لكتابة القصيدتين، وقال شكراً.
بالنسبة للقصيدة الاولى، لم اتحمس لها. الثانية كانت «جوال». وبعدها بيومين تمعنت في كلمات جوال وطلبت من صديقي يأخذ لي قات وخزنت وبدأت الحنها وتم تسجيلها في القاهره وبعد أن نزلت إلى السوق حاولت اكثر من مرة أتصل برقم التلفون الذي اتصل منه صاحب القصيدة ولم يرد أحد.
> سفرك إلى السعودية هل كان لغرض فني؟
- سافرت لتسجيل أغنيتين للتلفزيون السعودي «ارجع لحولك»، و«طير مالك». العجيب في الأمر أنه عندما تكون العلاقات اليمنية السعودية متوتره يبث التلفزيون السعودي أغنية «أرجع لحولك»، وعندما تتحسن العلاقة يبث «طير مالك». ضاحكاً. أحياناً أصادف أشخاص في مطار جدة أو الرياض والعلاقات كويسه يقولو لي «طير مالك».
> لماذا لم يتغنى أيوب بأي من الشخصيات الوطنية؟
- أنا غنيت للوطن لا للأشخاص، وفي الانتخابات المحلية الأخيرة تلقيت دعوة من وزير الاعلام للمشاركة في حفل خاص بالمؤتمر الشعبي العام في صنعاء. طلب تلحين قصيدة لعبدالكريم عبدالاله تتضمن الاشادة بالمؤتمر الشعبي العام، شفت القصيدة واستبعدت الأبيات التي فيها مدح في المؤتمر، ولحنت بقية الأبيات كونها قصيدة وطنية عامة وسجلتها في صنعاء. بعد أن عدت إلى تعز اشتغل التلفون، كيف عملت يا أيوب بالقصيدة؟ واتصل وزير الاعلام حسن اللوزي وقال: أيش عملت يا أيوب، أين بقية القصيدة؟ فقلت له إن حصرها بالمؤتمر الشعبي مش ميزه وأفضل أن نخليها اغنية وطنية للشعب مادام وفيها:
يا ابن شعب الحر
يا ابن الفاتحين
كن شجاعاً وقوياً وأميناً
بانتخاب الشرفاء المخلصين
فقال لا. احنا عملنا القصيدة من أجل المؤتمر الشعبي وأنت عضو فيه، ولابد ترجع تسجل الأغنية وتضيف الابيات المستبعدة. فقلت: إذا هذا أمر الدولة فلا استطيع اعصيها وفعلاً سافرت إلى صنعاء وسجلتها كما هي، وأشعر بعدم ارتياح لأن كل الاغاني التي غنيتها. كانت بإرادتي ولم أكن مجبراً على غنائها. وعموماً أنا لا أحب أن أغني لتمجيد جهة معينة أو شخصية معينة أو حزب معين، أحب أن أغني للشعب وللوطن.
> اهذا هو سبب رفضك لغناء قصيدة قدمها لك الشاعر علي صبره وكانت تتضمن مدحاً للرئيس علي عبدالله صالح؟
- هذا الكلام غير صحيح. ما حدث هو أن وزارة الاعلام طلبت مني أن اشارك في احتفالات بلادنا بمناسبة العيد الفضي لثورة 26 سبتمبر، فقلت للمعدين إنني سأقدم أغنية «الضيف» التي تقول: اشرقي تحت سمائي يا سيوفي. باعتبارها من أهم ما غنيت لكنها لم تلق حظها في الانتشار، وهي أكثر اغنية مناسبة لهذه المناسبة العظيمة وأيضاً لأن الحفل سيحضره ضيوف كبار من خارج اليمن. و حدث حينها أن قدم لي الشاعر علي صبره قصيدة لاغنيها في الحفل فاعتذرت وقلت له سأقدم أغنية «الضيف»، وطلبت منه أن يقدم القصيدة للجنة الاحتفال وهي ستختار فناناً آخر يغنيها.
> هناك من يقول أن علاقتك بالفضول أثرت على علاقتك بالسلطة؟
- غير صحيح، أولاً الفضول شاعر كبير واعتقد أن لا خصوم له حتى سياسياً، وأنا لم التحق بأي تيار سياسي لكني أحب جمال عبدالناصر وصدام حسين وإبراهيم الحمدي.
> هل عرفت الرئيس ابراهيم الحمدي عن قرب؟
- أحب جمال عبدالناصر وصدام حسين وإبراهيم الحمدي لكني أرفض الغناء تمجيداً لشخص أو حزب
> لم ألق من الرئيس علي عبدالله صالح إلاّ كل خير
- لا أستطيع العزف على العود بسبب الألم ولا استطيع أن أنام قبل أن أمسك به
نعم، التقيت به أكثر من مرة وكان يولي اهتماماً عالياً بالفن والفنانيين والمبدعين. واتذكر أنه في 1974 سافرنا معاً على طائرة واحدة إلى السودان لمشاركتها في عيدها الوطني وكان معنا ايضاً مسؤولون وموسيقيون وفرق الرقص الشعبي.
وبعد أن انتهى الحفل، كنت مضطراً إلى العودة إلى القاهره لمواصلة دراستي في معهد الفنون والموسيقى. وصادف أن خرج الحمدي إلى المطار لتوديع مجموعة من أصدقائه كانوا متجهين إلى القاهر وكنت قد رتبت سفري معهم وعندما رأني الحمدي على سلم الطائرة قال: الاخ أيوب أيش مسافر؟ أنت مش راجع معنا؟ فقت له إني مسافر إلى القاهره لمواصلة دراستي، فابتسم وهز رأسه كأنه يبارك لي وقال: انشاء الله نشوفك، وبعد شهر تفاجأت أن لدي حوالة من الرئيس ابراهيم الحمدي بمبلغ 1000 دولار. كان هذا دليل على مدى اهتمام الرجل بالفن والفنانين.
> أشرت في حوار صحفي إلى أن الجميع لم يسأل عنك عندما اختيرت أنشودة «رددي ايتها الدنيا نشيدي» كنشيد وطني لدولة الوحدة، لكن الأنشوده كانت سابقاً النشيد الوطني لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية قبل الوحدة، فهل أخذوا موافقتك؟
- حدث أن سافرت إلي عدن في 1982 لتسجيل بعض الأناشيد في معهد الموسيقى، وفي أحد الأيام تفاجأت بالرئيس علي ناصر محمد يقف جواري قائلاً: كيف حالك يا أستاذ أيوب، نريد منك أن تأخذ بعض أبيات أنشودة رددي وتعمل منها نشيداً وطني يكون مدته 10 دقائق ورتب منها ما يكفي لمدة دقيقة كسلام جمهوري، وأي شيء نحن مستعدين. قلت له هذا شرف كبير لي أن تكون اغنيتي كنشيداً وطنياً وسلاماً جمهورياً، وهذا اكبر مكافأة. صادف حينها وجود الفنان القدير علي السمة، كان في المعهد لديه تسجيل وقال للرئيس علي ناصر: لاتصدق أيوب. هو من النوع الخجول، ويحتاج يروح يتعالج هو وزوجته لو تعملو له منحه علاجية، فقال الرئيس علي ناصر بكره بتوصل لك أوراق المنحة العلاجية لك وزوجتك إلى بومباي (الهند) وتذاكر السفر ومصروف جيب و هناك بيستقبلك سفيرنا ويشرف على حالتك. وفعلاً استلمت أوراق المنحة وتذاكر السفر و5 ألف دولار في اليوم الثاني.
> وماذا عن النشيد الوطني؟
- عندما استلمت أوراق المنحة سافرت إلى تعز لإحضار زوجتي والتأهب إلى السفر، لكن حدث أن قام أحد جيراني بخلق مشاكل على الأرضية هذه التي أقمت عليها المنزل، ودخلت معه بشريعة وصرفت ال5 ألف دولار في الشريعة وتسوير الأرضية. وبعدها توفى شاعرنا القدير الفضول وبعد انقضاء 40 يوماً مدة التأبين كان الجماعة في الجنوب قد عملوا النشيد الوطني من انشودة رددي عبر الاخوة الفنانين في الجنوب.
> وموضوع سفرك بعد أن صرفت ال5 ألف دولار؟
- بعد أن صرفت الفلوس كان الامر محرجاً لي. أعدت تذاكر السفر إلى عدن وسلمت لهم أوراق المعاملة، وقلت لهم إني تعافيت.
> في فبراير 2008 أصدر صادق أمين أبو رأس محافظ تعز حينها قراراً قضى بتعيينك مستشاراً لمحافظ المحافظة، ماذا ترتب على هذا القرار؟
- بصراحة كان قرار تعييني لفتة جميلة من الأخ صادق أمين أوبو رأس لم أكن اتوقعها. اتصل بي وطلب مني أن أزوره في مكتبه سألني عن مشاكلي وماذا أحتاج، وأبلغته بمعاناتي من المرض وأني اتأهب للسفر إلى الادن لتلق العلاج وقلت اذا في توجيه من عبدالكريم عبدالاله لمستشفى الحسين إلى الاردن، قال: نحن قررنا صرف مرتب دائم لك، 40 الف ريال، تستلمه من المحافظة.
لقد عيناك مستشاراً للمحافظ. وحين سألته عن الدوام قال ما فيش دوام أنت مستشار المحافظ للشؤون الفنية الثقافية وسنستدعيك لما يكون معنا فعاليات لها علاقة بهذا الشأن.
> بالنسبة لراتبك من بنك الإنشاء والتعمير؟
- استلم راتب تقاعدي 41 ألف ريال.
> ماذا عن راتبك من وزارة الثقافة؟
- كان لدي راتب من الثقافة 15 الف ريال. الآن موقوف. وابلغني صديق في الوزارة أن هناك مساعي لإعادة راتبي بعد المقابلة التي اجريتها في صحيفة «الميثاق» قبل أسبوع. المسؤولون في الوزارة يبحثون في خيارين، حسب ما عرفت، إما أن يسلموا لي راتباً شهرياً وإما يعطوني مكافأه نهاية الخدمة.
> هل يعتزم أيوب كتابة مذكرات شخصية؟
- كنت بدأت في كتابتها وقطعت شوطاً كبيراً، لكن بسبب انشغالات وظروفي الصحية أجلت كتابتها وإن شا الله سأستأنف كتابتها بعد شفائي من المرض.