محمد الغباري

محمد الغباري

الزمالة القسرية
 
مازال بمقدور الغاضبين من أداء مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين ان يسجلوا أكثر من ملاحظة على نقابتهم والاداء المهني لمنتسبيها وسيجدون الآلاف من المتعاطفين معهم والمؤيدين لما يطرحونه، بدلاً من تسويق تهم جوفاء بالعمل لصالح احزاب المعارضة او بتشكيل جبهة نضال ايديولوجي...
منذ انتهاء المؤتمر العام الثاني للنقابة واخلاقيات العمل الصحفي هي القضية الغائبة في كل الخلافات والاتفاقات التي افرزت القيادة الحالية وجعلت من نقابة الصحافيين أنموذجاً لتماهي كل الوان الطيف السياسي تحت لواء الانتماء المهني.
الصدام الواضح في المصالح، بين العاملين في المؤسسات العامة، واولئك الذين يعملون لدى الصحف المستقلة او الحزبية، فضلاً عن مراسلي وسائل الاعلام الخارجية، يزيد من مصاعب اي قيادة وقدرتها على حشد الجميع خلف قضية واحدة عدا قضية الحريات والدفاع عنها.
الغالبية العظمى من الصحافيين تتعالى اصواتهم كلما تعرضوا لانتهاك او عندما ترفض لهم طلبات، والقليل جداً من هؤلاء يقدرون بأن سوء استخدام الصحافة، لتحقيق منافع شخصية او للإساءة للآخرين او ابتزازهم، بات يشكل اليوم اكبر تحدٍ لقيادة نقابة الصحافيين والحريصين على اخلاقيات العمل الصحفي وسمعة منتسبيه.
اصدر مجلس نقابة الصحافيين عشرات البيانات -على أقل تقدير- ومثلها من البلاغات المنددة بالانتهاكات التي يتعرض له منتسبو النقابة واستنكروا وتضامنوا مع عشرات آخرين، في الداخل والخارج، غير أنه لم يقف ولو لمرة واحدة امام صحفي اساء استخدام مهنته للتعريض بالناس او ابتزازهم او الاساءة اليهم- مهما كان تقديرنا للخلاف مع المسؤولين او غضبنا من القادة السياسيين أو التجار- فالمنطق وشرف المهنة يفرضان علىالمجلس وعلينا ان نضع حداً لهذا الانفلات الاخلاقي والبلطجة.
ليس مطلوباً من نقابة الصحافيين ان تتحول الى قسم شرطة او شيخ قبيلة، لكنها تمتلك سلطة أخلاقية، من خلالها تستطيع ان تردع من يسيء لأعضائها. وهناك قواعد اخلاقية طوعية متعارف عليها في كل دول العالم، بل إن كثيراً من المؤسسات الاعلامية المحترمة تمتلك ميثاق شرف خاصاً يكون الدليل المهني للعاملين فيها.
صحيح أن وزارة الاعلام قد اجبرت الكثيرين من اعضاء النقابة على الارتباط بعلاقة زمالة مع دخلاء كثيرين صاروا اليوم يمتلكون صحفاً ومطبوعات، وشخصياً أجهل الكثير من اسمائها، لكن النقابة التي اجمع اعضاؤها على نظامها الداخلي تمتلك حق عدم الاعتراف بعضوية هؤلاء ما لم تنطبق عليهم شروط مزاولة العمل الصحفي.. ليس من المنطق السكوت على مطبوعة تبتز وزيراً أو مسؤولاً للحصول على إعلان ولا علاقة لاخلاقيات المهنة بذلك الحبر الذي يسكب على الصفحات وهو ينضح بالقبح وهتك الأعراض وبالاتهمات القذرة والطعن في وطنية الناس وشرفهم...
ليكن هناك اطار لمائة, أو مائتي, صحفي يقدسون مهنتهم ويحترمون قيمها واخلاقها فذاك أفيد لهم وللآخرين من نقابة قوام عضويتها يتجاوز الألف والألفين, وأنت مرغم على «مزاملة» محترفي الشتم والبلطجة ولهم عليك حق التضامن في مواجهة ضحاياهم..