المطلوب عاجلاً

المطلوب عاجلاً

*منصور هائل
عندما تسابقت الجماهير على اقتحام وإحراق مقرات الحزب الحاكم في العاصمة وفي عموم محافظات البلاد، كان واضحاً أنها تمارس الثأر من الذين قاموا بتزوير إرادتها ومصادرة صوتها بأحط أشكال الامتهان والبهتان والخسر وعلى النحو الذي راكم وفاقم من أسباب وعوامل الاحتقان تم الانفجار فالغليان الذي لم تخمد نيرانه بعد.
ذلك هو الدرس الاول الذي يجدر باليمنيين وفي مقدمتهم الحزب الحاكم أن يلتفتوا اليه بانتباه وإمعان قبل أن يدهمهم الطوفان، خاصة وأن حزب «الاغلبية الكاسحة» في هذه البلاد لايختلف عن أقرانه إلا من زاوية أنه الاكثر فلكلورية وكوميدية وبهتاناً.
لقد انكشف الغطاء وسقطت ورقة التوت عن «الحاكم» والنظام التسلطي الاستبدادي الفاسد، وغاب عن الانظار وفي سرعة البرق جيش المتفرغين الحزبيين في تونس الذي يزيد قوامه على 90 الف عضو، كما تلاشى الجيش الجرار من أعضاء الحزب الحاكم الذي يزيد قوامه على أربعة ملايين من أعضاء الحزب الحاكم في مصر كسحابة دخان كاذبة في سماء القاهرة، ولم يتحرك أي عضو من المتفرغين والقياديين لنجدة الحاكم وعائلته عندما اشتدت الحاجة إلى حزم الحقائب والفرار بما قل وزنه وغلا ثمنه.
وفي كل الاحوال صار فرقاء النخبة السياسية اليمنية والحاكم بالدرجة الاولى مدعوين لتدارك الامور بخطوات استباقية جريئة وسريعة لان أكلاف التأخير ستكون باهظة ومضاعفة، والشاهد على ذلك أن المنطقة العربية التي بدت يوم سقوط جدار برلين عام 1989 وما تلاه من سقوط متلاحق للانظمة الشمولية في أوروبا الشرقية، وكأنها ممتنعة أو استثناء عصي على التفاعل مع الحراك الديمقراطي الذي دب في معظم الامكنة حتى كاد العالم أن يتعايش مع هكذا «استثناء» قد وصلت واندرجت في الزمن -نقصد منطقتنا بصورة متأخرة- وجاء تدشين هذا الاندراج عبر «ثورة الياسمين» في تونس 17 ديسمبر إلى 14 يناير، وكانت فاتحة التهاوي والسقوط المدوي للانظمة الاستبدادية التسلطية العائلية الفاسدة لتلحق بركب الانظمة الشمولية التي سبقتها في رحلة الغروب قبل أكثر من عقدين.
وبمعنى أفصح يتوجب على الحاكم في اليمن أن يسارع إلى اتخاذ القرارات والاجراءات التي تردد عن اتخاذها زميله الأكبر حسني مبارك، كما تردد عن اتخاذها، من قبله، شقيقه غير الصديق، زين الهاربين بن علي، لان من يتأخر عن فهم الدرس يدفع الثمن أكثر وأكبر، ولن يكون الثمن في حالة اليمن غير ضياع اليمن كلها تحت سعير مرجل لايبقي ولايذر، خاصة وأن هذه البلاد هي الحلقة الاضعف والاكثر هشاشة وانقساماً ورثاثة وغياباً للدولة والمؤسسة والمدنية والمدينة والمواطنة والالفة الجامعة والمواطنة المواطن بفضل «الجميع» والحاكم أولاً.