5 سنوات على لقاء التصالح والتسامح الجنوبي

5 سنوات على لقاء التصالح والتسامح الجنوبي

*صالح هيثم فرج العبدلي
5 سنوات مضت على لقاء التصالح والتسامح التاريخي الذي دعت له جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية –عدن، يوم الجمعة ال13 من يناير 2006، في مقرها الكائن حينها في مدينة المنصورة، وحضره أكثر من 350 شخصية من مختلف مناطق الجنوب. وقد أعلنوا في هذا اللقاء انطلاق مسيرة التصالح والتسامح ليس بين فرقاء أحداث يناير المأسوية، بل مختلف الصراعات الجنوبية الجنوبية للمراحل التي سبقتها وتلتها حتى ذلك اليوم الذي صادف رابع أيام عيد الأضحى المبارك من عام 1426هجرية. وعلى إثر ذلك تم إغلاق الجمعية بقرار من نظام صنعاء الذي نص بحظر أنشطتها الخيرية ونشاط هيئتها الإدارية والجمعية العمومية والتصرف بأموالها وممتلكاتها.
وقد جاء هذا اللقاء بعد أكثر من 12 عاما من الحرب التي شنتها قوات نظام صنعاء على الجنوب في صيف 1994، والتي أنهت ما كان يعرف بالوحدة بين نظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ونظام الجمهورية العربية اليمنية، في 1990، وأصبح الجنوب في وضع الاحتلال من قبل صنعاء بعد أن سقطت عاصمة الجنوب (عدن) في يوم 7 يوليو 94 المشؤوم، وتحول الجنوب إلى غنائم حرب للمحتلين وقبائلهم ليس له مثيل في التاريخ.
ولقد جاء هذا اللقاء كما أسلفنا في ظروف غاية في الصعوبة، حيث تحول الجنوب إلى ثكنة عسكرية، وكانوا يعتقدون أن وحدة الجنوبيين ضرب من الخيال في ظل حالة التمزق والصراعات الماضية التي كانت نتيجتها المأسوية ما حصل من نهب وتدمير وإقصاء لكل من هو جنوبي من الوظيفة العامة وهروب قيادة الجنوب إلى الخارج، وتحولت جغرافيا الجنوب من برها وبحارها وما في باطنها من ثروات ومؤسسات الدولة والأملاك الخاصة والعامة إلى أملاك خاصة للمحتلين.
إن ما جعل هذا الحدث التاريخي الهام (مشروع التصالح والتسامح) ممكنا وقاعدة صلبة لانطلاق الحراك الجنوبي السلمي، هو التفاف جماهير شعب الجنوب بمختلف فئاته وشرائحه الاجتماعية في الداخل وفي الخارج، من خلال تأييدهم ومساندتهم لهذه الخطوة الجريئة كما أسموها في سيل من بيانات التأييد والتضامن والمباركة عبر الوسائل الإعلامية المتاحة ومنها صحيفة "الأيام" التي كان لها الدور الأكبر حينها.
استمرت لقاءات ومهرجانات التصالح والتسامح تباعا، ففي أبين زنجبار عقد لقاء في منزل المناضل حسين زيد بن يحيى في 27 أبريل من نفس العام، ثم بعد ذلك تم الانتقال إلى الساحات العامة في مدن ومختلف مناطق الجنوب، ففي 22 مايو لقاء الضالع في منطقة زبيد، وفي 7 يوليو من نفس العام 2006، لقاء شبوة في منطقة العرم، وفي 22 مايو 2007 لقاء حضرموت في مدينة المكلا، وفي 26 يوليو 2007 لقاء المهرة في مدينة حوف، وفي 5 سبتمبر 2007 لقاء حوطة لحج أمام قصر السلطان. ومهرجانات مماثلة وعديدة في مختلف مناطق الجنوب، حيث كان الحضور في كل مهرجان من هذه المهرجانات من كل مناطق الجنوب، وتحول التصالح والتسامح إلى ثقافة انتشرت ووصلت إلى كل بيت وأسرة وكل شيخ وطفل وامرأة وكل شاب وشابة، وقد ذهل نظام صنعاء من لحمة الجنوبيين. يأتي بعد ذلك مبادرة الشباب أبناء شهداء الصراعات الذين قاموا بتأسيس ملتقى سمي بملتقى شهداء ومناضلي ثورة 14 أكتوبر، صدرت بياناتهم تؤيد وتبارك التصالح والتسامح وتدعو إلى استمرار الحراك السلمي الجنوبي حتى الوصول إلى هدفه فك الارتباط والاستقلال وعودة الدولة الجنوبية والتنديد بالاحتلال وعنجهيته، ويدينون ويرفضون النداءات المشبوهة في نبش القبور والماضي، وأن يسمو الوطن الجنوبي فوق الجراح.
كل هذه اللقاءات والمهرجانات باسم التصالح والتسامح الجنوبي الجنوبي، هيأت الأرضية الخصبة والقاعدة الصلبة للحراك السلمي الجنوبي المطالب بالاستقلال وفك الارتباط من نظام صنعاء، وتوجت هذه الخطوة باليوم الهادر مهرجان 7 يوليو 2007 في ساحة الحرية بمدينة خور مكسر، الذي دعت إليه جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين بزعامة العميد المناضل ناصر علي النوبة.
إن مرور 5 أعوام للحدث التاريخي الهام (التصالح والتسامح) يأتي وقد خطا شعبنا الجنوبي خطوات مهمة في نضاله المشروع من أجل الحرية والاستقلال، وغدا في متناول وسائل الإعلام المختلفة العالمية والعربية والإقليمية، ومن القضايا المهمة في الإعلام العالمي.
إن ما تحقق من انتصارات غاية في الأهمية كانت بفضل قوافل من الشهداء والجرحى والمعاقين والأسرى من أبناء شعب الجنوب الثائر المستمر وبلا هوادة حتى الوصول إلى الاستقلال والحرية وعودة دولة الجنوب وعاصمتها عدن. وكلما اشتد البطش في الاستخدام المفرط للقوة ضد شعب الجنوب، زادهم عزيمة أقوى وإرادة فولاذية في نضالهم المشروع.
لقد استخدم نظام صنعاء شتى الوسائل القذرة لإخماد الحراك، لكنها فشلت فشلا ذريعاً، وحين يرفعون شعار التصالح في خطبهم يعلم شعبنا في الجنوب من هم هؤلاء وما هي حقيقتهم وكم لبسوا عباءات البراءة من أجل أن يستمروا في نهب خيرات وأرض الجنوب. من خلال طرح مثل هذه الدعوات، إنما يجنون على أنفسهم بمزيد من السخط الشعبي لما ارتكبوه من مجازر بشعة في كل بقعة في الجنوب.
رسائل:
> الرسالة الأولى:
إلى الإخوة القيادات في الحراك نقول لهم إن الماضي عبر ودروس للحاضر والمستقبل كما يكررها دائما الرئيس علي ناصر في عدد من لقاءاته الصحفية. ونناشدهم أن يطالعوا تجارب الثورات وزعامات هذه الثورات وكيف تكون علاقات المناضلين في ما بينهم.
> الرسالة الثانية:
تحية إجلال للمناضل القائد حسن باعوم، ربنا يعطيه الصحة ويطول في عمره، والتهاني له ولرفاقه بمناسبة خروجهم الأخير من سجون سلطة الاحتلال، ونتمنى من كل القيادات والنشطاء ورموز الحراك أن ينصاعوا لمهمة الزعيم حسن باعوم في توحيد الصف، وأن يلتف حوله كل الخيرين والعقلاء لإنهاء كل الخلافات والاتفاق على برنامج وقيادة موحدة، وأن يكون الجهد الرئيسي للجميع باتجاه تصعيد النضال ورفض الانتخابات.
مسؤول العلاقات العامة لجمعية ردفان - أحد منسقي ومؤسسي لقاء التصالح والتسامح 13 يناير 2006