زيارة خاطفة لرئيس الجمهورية الى مؤسسة المياه > يحيى نشوان

زيارة خاطفة لرئيس الجمهورية الى مؤسسة المياه > يحيى نشوان

زيارة خاطفة تلك التي قام بها رئيس الجمهورية لهيئة مياه الريف منذ أسابيع.. كلمته فيها واحدة من الاحاديث السياسية الهامة بأبعادها القريبة وطويلة المدى ويمكن اعتبارها زيارة سياسية اكثر مما هي زيارة عادية.
هو بلا شك في عمق السياسة، ولنا أن نعتبر زيارة فخامة رئيس الجمهورية لمياه الريف زيارة لمؤسسة المياه العامة اكثر مما هي زيارة لمياه الريف وهي زيارة لمؤسسة الكهرباء أكثر مما هي زيارة لمؤسسة المياه، ويمكن اجمالاً القول انها ترمي للاهتمام بمياه المدن اكثر من التلويح لمياه الريف وجميعها ذات اهمية لدى فخامته. بهذا الشكل فقط يمكن أن تتسع دائرة خطابات فخامته وجميعها يلاحظ أن سيادة الرئيس ركز في كلمته على مناطق معينة اهمها: رازح، صعدة، وغيرهما. كما وردت إيماءاته بطريقة غير مباشرة إلى مصلحة شؤون القبائل، وهذا امر له بعده الخاص به.
ولا ننسى ما بدأ به من حيث تأكيده على ارتباط جميع قطاعات المياه بالوزارة الجديدة، وزارة المياه التي جرى استحداثها مؤخراً، لتقوم بنفس الدور الذي كانت تقوم به المؤسسة العام للمياه والصرف الصحي سابقاً، إلا أن ما استجد هو اتساع عملية التنمية ونشوء اكبر قطاعات في المحافظات ووجود وزارة تعني بشؤون المياه مضافاً إليها البيئة التي لا يستبعد مستقبلاً عمل وزارة لها مستقلة لها.
لا ننسى ايضاً إيضاح ان هذه الزيارة لقطاع المياه هي الأولى منذ استحداث وزارة المياه والبيئة.
 
المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي
تشكل فترة عمل الدكتور محمد السعيدي مدير عام المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي، منعطفاً هاماً في قطاع المياه فهي المرحلة التي شهدت تنفيذ استراتيجية جديدة اثبت فيها براعته في الإدارة المستحدثة وتحقيق إنجازات كبيرة، تمثل محطة معالجة مجاري صنعاء اهمها. إلا أن مرحلة إدارته للمؤسسة شهدت صراعاً مريراً مع وزير الكهرباء والمياه حينها، علي حميد شرف؛ الأمر الذي تخلله مشادات ظاهرة صارت في حينها حديث الناس وحديث الصحف، وهي مرحلة البوح بالفساد والمفسدين دون وجود بصمات او قضايا بينها يمكن الاشارة لها. إلا أن امكانية التشكيك بحقيقة الصراع أمر يمكن أن يظل وارداً ويمكن اعتبار وجود صداقة حميمة بين الوزير ومدير عام المؤسسة امراً لا يمكن استبعاده ووحدهم القريبين منهما من يجزم بحقيقة ذلك وإن كانت المفاهيم محدودة في هذا الجانب.
فقد تخللت تلك المرحلة صراعات على ثوابت تتمثل في المصلحة العامة من ناحية وغلبة المصلحة الشخصية من ناحية اخرى، وطبقة معينة يمكن الجزم بانها استفادت من نواح شتى وبحسب الشطارة ومنح الضوء الاخضر ويمكن التأكيد على أن أنجح المشاريع هي التي تمت في فترة الدكتور السعيدي بحسب رأي كثير من المهندسين المختصين من ناحية الجودة.
هذه المرحلة سبقتها مرحلة «الفيل» الذي لم يتسن لنا معرفته عن قرب إلا أن هناك حالة من الرضى عنه من الموظفين جميعاً الذين عاشوا فترة إدارته لمؤسسة المياه منذ إنشائها والمساندة لها وظروفها المحيطة بها.
وإذا كانت مرحلة السعيدي هي المرحلة الاشد إثارة لأن معظم المشتغلين بها تفرغوا لحقيقة الصراع بين الوزير شرف والمدير السعيدي فهذا ايضاً كان مؤشراً لتضرر شريحة واسعة من الناس عاشوا سنوات طويلة بعدها بلا عمل وفي مقدمتهم موظفو المؤسسة. وهي المرحلة التي يمكن القول انها بداية عملية سياسية لتوزيع موارد المجتمع من حين لآخر على فئات مختلفة من المجتمع. واتذكر انني دخلت مرة على د. محمد السعيدي وهو يؤكد لأحد الموظفين الزائرين له أن معالي الوزير سوف يحاكَم، الأمر الذي برزت نتائجه باستفادة الوزير وبتعيينه سفيراً لبلادنا في بلد آخر.
 
ابن الوز عوَّام
أعقبتها مرحلة د/ محمد إبراهيم الحمدي ومثلت مرحلة تحدٍ لابن واحد سبق أن حكم اليمن ولا يزال يحظى باحترام وتقدير الجميع بالذكرى الحسنة والطيبة، فترة الدكتور محمد الحمدي اتسمت بالهدوء وظهرت في المؤسسة وجوه جديدة. إلا أن حجم التحدي تمثل في بدء تنفيذ سياسة المؤسسات المحلية والحكم المحلي ووجود التزامات كبيرة، على المؤسسة الوفاء بها، واكتفائه بمجموعة صغيرة من الموظفين للقيام بكافة الاعمال. تخلل ذلك تغيير صفة العمل لرئيس المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي، كما برز المهندس يحيى الابيض رئيساً تنفيذياً للمؤسسة، وهكذا فإن المسألة كانت مرسومة للدكتور الحمدي على انها عملية تعجيزية إلا أنه وكما يقال «ابن الوز عوام» حيث تمكن من العمل بكفاءة واقتدار واستطاع إخراج المؤسسة، كما ورد في خطابه اثناء تسليمه الدور لرئيس المؤسسة الحالي، أن المؤسسة خرجت من عنق الزجاجة.
 
صورة مصغرة للسعيدي
ومجدداً يتجدد الدور حيث يمثل م/ عبدالمؤمن مطهر صورة مصغرة للسعيدي سواء من ناحية التوظيف أم من ناحية الادارة وطريقة العمل، حيث غابت فترة الهدوء التي صنعها الدكتور الحمدي، وبرزت التغييرات في كل الاتجاهات وجرى عرض كثير من المنشآت وتقديم كثير من الارقام المبالغ فيها من خلال تصريحاته لوسائل الاعلام.. الجديد في الامر أن ما يحدث هو تحد صارخ لمن سيتولى منصب رئيس المؤسسة بعد الرئيس الحالي..وكأن هناك فجوة تذهب إليها الموارد المالية، يظهر جزء منها في مثل هذه الفترات لهذا النوع من رؤساء المؤسسات، والغريب أنهم يحرصون على العمل بعيداً عن تقريب كثير من العناصر التي يمكن ان تستفيد؛ حيث تبرز مرحلة التهميش والتقليص واعادة المسائل إلى مسالك شخصية هي غير واقعية في الاصل.
هذه المسائل وغيرها تؤكد على أن طبيعة النظام الاقتصادي سيء وهو من يغير مجرى الامور، فالمؤسسة تؤدي دورها لكن هناك تلاعباً واضحاً غير ملموس اي لا بصمات له.
واللعب دائماً يأتي بطريقة ذكية، ضحيته المجتمع.. ووحده المجتمع الذي يدفع الثمن.