جهود امريكية لإثناء السلطة والمعارضة عن خيار التصعيد والعودة إلى الحوار

جهود امريكية لإثناء السلطة والمعارضة عن خيار التصعيد والعودة إلى الحوار

الرئيس صالح يلتقي قيادياً بارزاً في المشترك ويؤكد موافقته على المبادرة السورية
نزلت المعارضة، ممثلة بلجنة الحوار الوطني واحزاب اللقاء المشترك إلى الشارع صباح الخميس، فصعدت السلطة حربها الإعلامية المستعرة ضد المعارضة منذ أسابيع، ووسعت نطاق المواجهة الأمنية والاعلامية في الداخل اليمني والخارج!
في ساعة ذروة مشاهدة قناة «الجزيرة»، قررت الحكومة تنفيذ عملية مصادرة جهاز البث في مكتب القناة في صنعاء، وتحول «الإجراء العقابي» الذي استهدف السياسة التحريرية للقناة إلى مشهد مروع استقطب اهتمام ملايين المشاهدين، فيما يشبه فقرة من تلفزيون الواقع في الغرب.
 المكتب كان تلقى مساء الأربعاء اتصالات من مسؤولين تطلب عدم تغطية الفعاليات التضامنية للمشترك مع قوى الحراك، وهو طلب يتناهض مع سياسة القناة الأشد تأثيراً في العالم العربي.
لم تكتف الحكومة اليمنية بمصادرة جهاز البث بل لوحت بإغلاق مكتب القناة، وكشفت عن ملف يتم إعداده لتسليمه إلى النائب العام يحتوي على ما يوصف بأنه أدلة تثبت تورط «الجزيرة» في الإساءة لليمن والترويج للانفصاليين، عبر فبركة أخبار وصور.
ومنذ مايو 2009 تحولت «الجزيرة» إلى أحد أبرز مواضع التنفيس عن الاحتقان الرسمي اليمني الناجم عن «إخفاق مستدام» في قراءة «القضية الجنوبية» وابتكار تركيبة فعالة لعلاجها.
يمكن إدراج «الجزيرة» -مبدئياً ولأمد زمني محدود- في قائمة ضحايا «حرب كسب القلوب» التي تخوضها الحكومة بأسلحة بدائية من أجل الوحدة والسلم الاجتماعي! على أن «الضحية» هذه المرة هي هايبر باور، قوة عصرية كاسحة تملك القدرة على توجيه ضربات مؤذية للمتحرشين بها، ما يفرض على الحكومة المسارعة إلى تدارك عواقب تحرشها بوسيلة إعلامية تملك أدوات ردع يفتقر إليها ضحاياها اليمنيين.
 وعودُ على بدء، فإن نزول المعارضة إلى الشارع احتجاجاً على ما تصفه بـ«حملة عسكرية على الجنوب» لم يكن ليسبب كل هذه النقمة في دوائر القرار الرسمي لو لم يكن ينطوي على دلالات استثنائية.
فالثابت أن «النزول المنتظر» منذ أشهر، جاء عقب فشل مبادرتين من الخارج لإقناع السلطة واللقاء المشترك بالحوار السياسي، الأولى جاءت من سوريا والأخرى من المعهد الديمقراطي الاميركي، وقد تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن فشل المبادرتين.
نزول المعارضة السياسية الشرعية إلى الشارع تضامناً مع «الحراك» -رغم رمزيته- بدا وكأنه يعطل الهدف التكتيكي الراهن للسلطة بتحجيم قوى الحراك، استعداداً لمواجهة ضغوط اقليمية ودولية من أجل فرض تسوية وطنية تستوعب في إطار «دولة الوحدة» مطالب الحراك.
ويمكن، أيضاً، ربط تصعيد المعارضة بالاتصالات والمشاورات التي أجراها أقطابها مؤخراً مع قيادات جنوبية تقيم في الخارج. ومعلوم أن الأمين العام للحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان والأمين العام للجنة الحوار الوطني الشيخ حميد بن عبدالله الاحمر أجريا الأسبوع الماضي لقاءات في العاصمة المصرية القاهرة مع شخصيات رفيعة أبرزها الرئيس الأسبق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس وآخرين.
وحسب مصادر «النداء» فإن اللقاءات كانت ايجابية، وتمهد للقاءات أوسع وأعمق في الفترة القادمة، وإن بعضاً مما بُحث في اللقاءات تركز على دور لجنة الحوار الوطني وأحزاب المشترك في توكيد مصداقية المعارضة في تبني «القضية الجنوبية» عبر خطوات عملية في الشارع.
سياسة «حافة الهاوية» التي تعتمدها السلطة للضغط على المعارضة، وعدم تردد المعارضة في التساوق مع هذه السياسة، لن يكتب لها -على ما يبدو- الاستمرار لأن الشأن اليمني لم يعد كذلك منذ ديسمبر الماضي، والأطراف الفاعلة في الاقليم والعالم ليست في وارد السماح بتحول اليمن إلى بؤرة خطر على الاستقرار والأمن في المنطقة.
وحسب المصادر فإن السفير الاميركي في صنعاء التقى مطلع الاسبوع بقياديين من المشترك، على الأرجح لاستكشاف منافذ لاختراق جدار سميك من عدم الثقة يمنع التقاء طرفي العملية السياسية في اليمن.
ولئن تأجل قدوم ليزلي كامبل المسؤول الاقليمي للمعهد الديمقراطي في الشرق الأوسط، إلى صنعاء نهار أمس، بسبب التصعيد الخطير في الأزمة بين السلطة والمشترك، فإن جهود المعهد استمرت نهاية الأسبوع الماضي عبر لقاءات اجرتها إدارة المعهد في صنعاء مع ممثلين عن اللقاء المشترك ومسؤولين في السلطة أبرزهم الدكتور عبدالكريم الإرياني. كما أن سُحب الدخان الكثيفة الناجمة عن الحرب السياسية الإعلامية بين السلطة والمعارضة لم تحل دون حدوث لقاء بين الرئيس علي عبدالله صالح وأحد أبرز قيادات المشترك صباح السبت.
وقد امتنعت المصادر عن الإفصاح عن أية تفاصيل بشأن طبيعة اللقاء ونتائجه، على أنه من المرجح أن يكون اللقاء أحد مخرجات الجهود التي تبذلها شخصيات من الجانبين لمنع انحدار العلاقة بين طرفي «اتفاق فبراير2008» نحو القطيعة ما قد يؤدي إلى انهيار «آخر مظاهر السياسة» في يمن ينزلق إلى العنف.